• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

تصاعد مطالبات الاصلاح يفرض على الساحة السياسية تشكيل حكومة إنقاذ وطني

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2009-09-29
1420
تصاعد مطالبات الاصلاح يفرض على الساحة السياسية تشكيل حكومة إنقاذ وطني

عبارة "حكومة انقاذ وطني" لم تسمع في الاردن منذ سنوات طويلة لكن ترديدها مؤخرا على لسان الركن المخضرم في الحياة السياسية ممدوح العبادي لا يعني فقط استعداد بعض اوساط نخبة الحكم والدولة لرفع الغطاء عن وزارة الرئيس نادر الذهبي، بل يعني ايضا ان دوائر "الضيق" تتسع يوميا لتشمل حتى النخب التي تحتفظ بمستويات اتصال فعالة مع مواقع القرار الاولى.

 ورغم ان الضجر والملل اصبحا عنوانا لكل من يتحدث بالشأن العام في الدولة وخارجها الا ان طرح افكار بعنوان الدعوة لانقاذ وطني يعني توفر استعداد تلقائي عند بعض رموز الواجهة السياسية ليس فقط للاعتراف بمستوى وحجم المشكلات والتحديات، ولكن للفت نظر مؤسسات القرار المرجعية بالتوازي لضرورة الاسراع في ولادة سياسات المراجعة والتوافق الوطني بعيدا عن حسابات الماضي القريب وآلياته المألوفة.
 
وليس سرا ان العبادي النائب البارز في البرلمان الآن والوزير السابق وصاحب المهام الخاصة احيانا ملتقط استثنائي وخبير للاشارات ومعبر من داخل النظام والدولة عن طموحات الاصلاح الغائبة، فالرجل تحدث علنا مؤخرا عن وجود فراغات ينبغي تعبئتها باصلاحات حقيقية دون ان توفر مبررا لعودة الهاجس الامني فيما يتعلق بالعمل البرلماني والاعلامي.
 
ومؤخرا كان العبادي وآخرون اطرافا اساسية في تشكيل تجربة طازجة في الحياة السياسية، وهي عبارة عن ائتلاف برلماني خارج جسم الكتل الاساسية استعد جيدا لفرض شروطه على لعبة انتخابات رئاسة البرلمان ومكاتبه ولجانه الاساسية. وعلى نحو او آخر ضم هذه الائتلاف شخصيات مهمة مثل سعد هايل السرور وعبد الكريم الدغمي وخليل عطية وغيرهم واطل عليه الرئيس السابق للوزراء عبد الرؤوف الروابده، لكن التجرية قمعت مبكرا ولم يكتب لها النجاح، لان قرارا صدر بتمديد عطلة البرلمان لشهرين وبالتالي انصرف المتحفزون للعبة الانتخابات الداخلية لالعاب سياسية اخرى وتم "تبريد" المشهد.
 
وتقدم الكثير من اركان البرلمان بنظريات تحاول تفسير وقراءة قرار تمديد العطلة البرلمانية، والبعض مثل العبادي نفسه، تحدث عن اعتبارات داخلية وخارجية لكن لا يوجد في سوق التوقعات والتسريبات نظرية واحدة صلبة ومقنعة تفسر او تقرأ مبررات تأجيل انعقاد دورة البرلمان، خصوصا بعدما التزم وزير المالية باسم السالم علنا بعدم التقدم بقانون مؤقت للضريبة بعد ان رفض النواب تمريره وسط غفلة المعنيين بالملف البرلماني في حكومة الرئيس الذهبي.
 
في السياق ثمة تصور داخل بعض اروقة القرار عن مجلس نواب غير منضبط ولا يمكن الرهان عليه وعن اعضاء اتخذوا قرارات تشريعية "كيدية" بالمستوى الفردي وعن قيادة للمجلس ارتهنت في الدورة الاستثنائية لحساباتها الانتخابية فكانت النتيجة خيبة امل اوساط القرار بمرور او عبور ثلاثة تشريعات قانونية مهمة.
 
حتى الآن لم يتطوع اي من السياسيين للقول بان دورة البرلمان تأجلت لان مستويات "عدم الرضا" زادت مؤخرا بسبب اداء النواب الانفعالي الذي وقف ضد خيارات تشريعية تريدها الحكومة ومؤسسات اخرى مهمة وتخص حصريا قوانين الضريبة والضمان الاجتماعي الجديدة.
 
وقد لا يكون ذلك صحيحا، لكن تأجيل الدورة بدون سبب علني مقنع وبدون جواب حكومي على السؤال خلق انطباعا بأن على الجميع توقع تغييرات على اعلى المستويات قريبا، الامر الذي يدفع لاعبا يفهم الدولة وتوازناتها من طراز العبادي لرفع سقف المطالبات عبر الدعوة لوزارة انقاذ وطني رغم صعوبة تحديد المساحات التي تتطلب او تحتاج للانقاذ.
 
ومن الواضح هنا ان آمال البعض برؤية وجوه جديدة في الحكم والوزارة او بحسم مسائل من طراز رئاسة البرلمان والانتخابات المقبلة ومسيرة الاصلاح السياسي تشير لمسائل داخلية معلقة برسم اعتبارات خارجية تماما هي الاهم، فما لا تريد ان تفهمه النخب النشطة في السياسة والصحافة ان كابينة القيادة في طائرة القرار هي التي تكشف المشهد وتدرس التوازنات اكثر من غيرها وان المسائل التي ينشغل بها الجميع تصبح هامشية عندما يتعلق الامر بدراسة اسباب تجاهل دول الخليج الصديقة لدعم المملكة ماليا كالمعتاد، او بحالة ترقب خطة الرئيس اوباما وما بعدها او حتى عند لحظة البحث عن خلفيات التجرؤ الاسرائيلي على الحصة الاردنية في مدينة القدس.
 
بالنسبة لدوائر القرار المركزية هناك اولويات مختلفة واعتبارات اساسية فالطائرة كما قال سياسي محنك لا يمكن ان تهبط قبل انكشاف المدرج تماما.
 
وعليه تتضح عبثية الاهتمام بقضايا صغيرة قياسا بالكبيرة مثل اسم رئيس الوزراء المقبل ومن سيخرج او سيدخل من الوزراء. وكذلك من طراز قانون الانتخاب وهوية رئيس مجلس النواب ومستقبل كتلة الاخاء البرلماني.
 
هذه الاسئلة التي تتناثر بقوة في الجو السياسي المحلي وتجد عشرات الصحافيين المتسلين بها يوميا والذين يحولونها الى قضايا بطريقة مضحكة لا مجال للاجابة عليها في ظل الانشغالات الحقيقية المتعلقة بالقضايا الكبيرة والمفصلية وحتى الوجودية في بعض الاحيان.
 
وعمليا يعني ذلك ان انشغالات لا يمكن التعبير عنها بسذاجة او بساطة تأخذ حصة الملفات المعتادة واليومية فبالنسبة لخبير استراتيجي رسمي لا بد من قراءة "السلبية" المالية" عند بعض الاشقاء الاثرياء وتحديدا السعودية وهي سلبية لم تكن متوقعة ونتج عنها مشكلات انتهت باحباط افكار لدعم ذوي الدخول المحدودة. ولا بد من التريث لمراقبة العلاقة المعقدة بين اقوال الرئيس الامريكي وافعاله على الارض بعد مؤشرات سلبية في السياق رصدتها الدبلوماسية الاردنية، ومن المرجح ان فهم خلفيات تجرؤ خطط الاستيطان الاسرائيلية على العبث "بالصحن الاردني" هذه المرة وفي مفصل حساس جدا مثل القدس مسألة اهم كثيرا مما يحصل داخل البرلمان او داخل حكومة الذهبي.
 
ما يحصل عمليا يثبت بأن ممارسي اللعبة العلنية في عمان لا علاقة حقيقية تربطهم بعقل الدولة ومطبخها ومستويات قرارها وما يتضح حتى للمراقبين الاقل ذكاء ان عقل الدولة في واد بينما صحافتها ونخبها وبرلمانها في واد اخر تماما، الامر الذي يجعل الدعوة لوزارة انقاذ وطني تتجاوز مستوى تصريف الاعمال خطوة ذكية وتنطوي على قيمة فائضة.
 
 لكن هذا المشهد بكل الاحوال لا يتحمل مسؤوليته فقط التائهون او الذين تاهت بوصلتهم بقرار ذاتي او بفعل فاعل فجذر الاشكالية ابعد ويتعلق بالخيارات وبالعادات النخبوية وبطبيعة المجتمع السياسي وبالتقصير عند "الحلقات الوسيطة" وبالغياب الملموس لثقافة صنع القادة ورجال الدولة وبوجود الكثير من الرجال غير المناسبين في المواقع غير المناسبة.
 
 القدس العربي
 
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.