صحيفة العرّاب

أسباب الصمود الخرافي للوزير ناصر جوده في مواجة الفضائح والشبهات المتتالية!!!

  أ.د أنيس الخصاونة 

تساءل العديد من الكتاب على مدار السنوات الست الماضية عن قدرة الوزير ناصر جودة على الاستمرار الخرافي في منصبه كوزير للخارجية لفترات طويلة عابرا بذلك عدة حكومات ولم يسبقه ربما في طول المدة في الخدمة الوزارية الا فاروق الشرع في سوريا وسعود الفيصل في السعودية وأندريه غروميكو في الاتحاد السوفياتي سابقا. 

لم يحصل هؤلاء الكتاب على أية حال على إجابات وتفسيرات للقلق الذي يساورهم على ظاهرة جديدة في الاردن أو في وزارة الخارجية الاردنية على الاقل تتعلق بالتعمير أو "الاستيطان" في المنصب وأحيانا ربما تصل هذه الظاهرة المتنامية الى توريث المنصب ولا نستبعد أن يحل أبناء وأحفاد السيد جودة محله في وزارة الخارجية وإن غدا لناظره قريب. 

بعض المتابعين والمهتمين بشؤون توريث المناصب في الاردن يعتقدون أن الامر طبيعي في أجواء يستند فيها الحكم بمجمله والنظام السياسي الى مبدأ التوريث وبالتالي لا غرابة أن يتم توريث رئاسات الحكومات بحيث يصبح الأب والابن والأحفاد من الروح القدس وكذلك الوزراء والقيادات العليا في الدولة الاردنية من أصلاب أباء وأجداد شغلوا ذات المناصب في الماضي. 

الغريب في أمر البقاء الاسطوري للوزير جودة في منصبه هو صموده في وجه العواصف والاشاعات وشبهات الفساد التي ترشح عن الرجل بين الفترة وأخرى. 

فقبل شهور قليلة كان هناك تساؤل من قبل بعض النواب عن حقيقة منح الوزير ناصر جودة أراضي تمتلكها سلطة وادي الاردن ليضيفها الى مزرعته. ولغاية الان لم نجد توضيحا لموضوع الارض هذه ولم يخرج علينا الوزير جودة بدحض لهده الاخبار. 

من ناحية ثانية طالعتنا بعض الصحف الالكترونية قبل بضعة أسابيع بتلقي السيد جودة هدية من وزير خارجية دولة الإمارات العربية وهي عبارة عن شقة فاخرة في العاصمة البريطانية لندن ولا نعلم كيف يمكن لوزير وزارة سيادية تلقي الهدايا من دولة أخرى ومقابل ماذا وهل جلس في بيته لتلقى مثل هذه الهدية الباهظة الثمن!!

أما العاصفة الثالثة التي يتعرض لها السيد جوده فهي تتعلق بفساد في عطاءات تتعلق بالطاقة منحت لشقيقه سامر بتعاون من قبل شخصية في الديوان الملكي ونحن طبعا لا نعلم عن صلة الوزير ناصر بهكذا قضية كما أن الوزير جودة التزم الصمت إزاء كل هذه العواصف والشبهات ولم ينكرها أو يفندها أو يدحضها . 

الوزير ناصر جودة صرح قبل عام ونيف لوزير إستوني بأنه باقي في منصبه لمدة سبع سنوات وكان مطمئنا على ما يبدو للرقم سبعه مع أن هذا الرقم محل تشاؤم كبير في كثير من الثقافات وها هو قد أمضى عامين والحبل على الجرار .

يا ترى كيف هذا الصمود للوزير؟ هل هو نابع من تميزه في الاداء ؟ولكن أي أداء نتحدث عنه ما دام الوزير يصرح بأنه لا يضع سياسية خارجية لا هو ولا حكومته وانه مجرد شخص ينفذ التوجيهات الملكية؟ هل التصاق الوزير جودة بمنصبه في وزارة الخارجية يستند الى عدم وجود بديل له في الاردن؟ الوزير ناصر جودة ثبت بأنه أقوى من الجميع في الاردن وهو أقوى من كل رؤساء الحكومات السابقين الذي خدم معهم أو بالأحرى خدموا هم في "معيته"!! 

الوزير جودة شخصية محيرة ومصدر قوتها ومجابهتها للعواصف أكثر غموضا وحيرة ففي الوقت الذي يخسر فيه بعض رؤساء الدول والوزراء في الغرب والشرق مناصبهم بسبب مخالفة سير أو معاقرة للخمر أو تهرب ضريبي أو استخدام كلمة أو تعبير إيحائي أو عنصري فإن الوزير جودة صامد في منصبه ويكاد يكون الوزير الوحيد الأوحد في الحكومة الحالية المتيقن من أنه سيبقى وزير في الحكومة القادمة أو سيتم تقلده منصب أعلى. 

إنها علي ما يبدوا طاقة وجودة عالية في علاقاته الشخصية مع من بيده الحل والربط مما يجعله من أصحاب القلوب المطمئنة للاستمرار في منصبه ما دام ولي الامر راضي عنه غير آبه لنقد نواب أو كتاب أو سياسيين مبتدئين أو مخضرمين والبقاء لله وإنا لله وإنا إليه راجعون .