صحيفة العرّاب

العاصفة الثلجية..سوق سوداء للغاز والتكسي تبتز المواطنين

 «أسطونة الغاز « خرجت خلال الأيام الماضية عن مسار توزيعها المعتاد وبيعها بالسعر المقرر، وتحولت الى سلعة نادرة يتحكم بها تجار في السوق السوداء.. شائعات كثرت حول سعر أسطوانة الغاز، ويقال إنها وصلت إلى 20 دينارا.
المعنيون حكوميا نفوا هذه الأنباء، وتعهد بعضهم بمتابعة المتورطين بتجارة الغاز السوداء، والى جانب ذلك اكدوا توافر أسطوانة الغاز في الاسواق بكميات كبيرة وانها تباع بالسعر المقرر، بيد أن مواطنين كثر شكوا لـ»الدستور» من تعرضهم الى عمليات ابتزاز من قبل موزعي اسطونات الغاز، وأكد بعضهم شراءها بسعر يفوق أضعاف سعرها المقرر 8.5دينار.
«الدستور» اقتفت أثر السوق السوداء لبيع الغاز، وفي تجاوزات كثيرة كانت أقرب الى اليقين، في أكثر من حالة ودليل، رضي مواطنون بشراء اسطوانة الغاز بأسعار السوق السوداء، ودون مواربة بمسألة الالتزام بالتسعيرة، فيبدو أن المخاوف من تداعيات المنخفض الجوي القطبي والحديث المسعور عن الثلوج ضربت على عقول وقلوب المواطنين.
يبدو أن تلك الحال لم تقتصر على اسطوانات الغاز، فالمأساة التي خلفتها العاصفة الثلجية امتدت الى سيارات التكسي، حيث بدأ السائقون يستغلون حاجة المواطنين، وصاروا عرضة للابتزاز المكشوف برفع الأسعار بطريقة جنونية.. صورة استغلال وابتزاز التكسيات اكتملت أمس في أوضح صورتها بحسب ما ورد لـ»الدستور» من شكاوى مواطنين.
المشهد العام بانتظار المنخفض الجوي حمل كثيرا من المفارقات الاجتماعية والاقتصادية.. إقبال جنوني على شراء المواد التموينية.. مواطنون يتبارون بتكديس الخبز والمواد التموينية في خزائن منازلهم.. الإحصاءت تسجل أرقاما جنونية وغير مسبوقة لاستهلاك مادتي الخبز وأسطوانة الغاز خلال 3 أيام.
وفي غضون ذلك، ضرب الفقر بيد من حديد جيوب أسر أردنية، لا تملك ثمن أسطوانة غاز وشراء موقد للتدفئة وغيرها من مستلزمات فصل الشتاء، وأعمال البر والخير وصلت لبعض من تلك الأسر، وطالت برفق وحنان أبسط احتياجاتهم لتوفير عيش أمن وكريم ودافئ.
أزمة المنخفض الجوي -كغيرها من الازمات- تفضح فروقا اقتصادية مرعبة في المجتمع الأردني، فشريحة كبيرة من المواطنين الأردنيين -ولن أذهب لاستعمال «طبقة اجتماعية» لوصفها- ضحايا لأزمات كثيرة مستفحلة وتتفجر في مجتمعنا، فهؤلاء لا يعانون من انعدام العدل والمساواة، بل المأساة تكمن بتأمين قوت يومهم المعيشي.
وفي سياق حديث سريع مع أحد الأصدقاء حول مبادرة تم إطلاقها قبل أيام لإغاثة فقراء ومحتاجين وتوفير أبسط مستلزمات الشتاء من مدافئ وملابس، ربما يلخص -الى حد ما- الحالة المأسوية والسيئة التي يعيشها كثير من الأردنيين اليوم.
لم يعد السؤال في غمار الحديث عن الفقر في بلادنا عن الصحة والتعليم وفرص العمل، لسان حالهم يقول: « لا نريد إلا أبسط مستلزمات العيش : خبز وماء وغاز وكهرباء « لم نعد نقوى على توفيرها، الناطقون بذلك الكلام من شرائح اجتماعية فقيرة ومعدومة، عمال القطاعين العام والخاص، كلامهم ببساطة يختزل عرضا وطولا أي حديث عن الفقر.