صحيفة العرّاب

مقتل 5 وإصابة 54 آخرين بإطلاق عيارات طائشة خلال 20 شهرا

 منذ مستهل العام الحالي، وحتى أول آب (أغسطس) الماضي، وصل عدد القتلى في حوادث إطلاق عيارات نارية في المناسبات والأفراح، إلى شخصين وإصابة 25 آخرين، بينما أدت حوادث العام الماضي لمقتل 3 أشخاص وإصابة 29 آخرين، وفق مصادر أمنية.

وتثير ظاهرة إطلاق العيارات النارية قلقا لدى غالبية المواطنين، ما أثار حالة استياء عام بعد تفاقمها، وتعدد ضحاياها. 

ففي الشهر الماضي، أثار مقطع فيديو بث على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر مقتل طفل في عرس بمدينة إربد، استنكار المواطنين.

ولقي الشريط الذي تداوله المواطنون، تعليقات استنكارية على الحادث، الذي يظهر فيه أحد زوار العرس وهو يحاول تجهيز مسدسه لإطلاق النار، لكن رصاصة من مسدسه، أصابت طفلا، فأردته قتيلا.

وجاء مقطع مقتل الطفل، ليثير الكثير من التساؤلات حول حوادث شبيهة سابقة، أودت بحياة مواطنين من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين، ما بلور حالة شعبية رافضة لإطلاق العيارات النارية في المناسبات.

وفي لقائه بفاعليات شعبية نهاية الشهر الماضي، شدد جلالة الملك عبدالله الثاني على رفض هذه الظاهرة، ومعاقبة مرتكبيها.

وأكد جلالته "أن هناك جدية في التعامل مع هذا الموضوع، ولن يكون هناك واسطات أبدا بعد اليوم، فليس هناك من يعتقد بأنه ابن فلان أو أن لديه منصبا، سنتخذ الإجراءات، حتى لو كان ابني هو من يطلق العيارات النارية في المناسبات، سأطلب من الأجهزة الأمنية أن تتخذ معه نفس الإجراءات بهذا الخصوص".

وإثرها، بادر وجهاء وشخصيات مجتمعية في مختلف مناطق المملكة على اصدار بيانات ووثائق، تدعو لوقف هذه الظاهرة، داعين لمنع اطلاق العيارات النارية في المناسبات.

وتطالب بيانات ووثائق هذه الشخصيات، قاطني مناطقهم برفض الظاهرة رفضا قاطعا، في الوقت الذي يستعد فيه قضاة عشائريون، لإرساء تقاليد صارمة تمنع هذه الظاهرة وتجرم مرتكبيها، واعتبار إطلاق النار في أي مناسبة، جريمة قتل عمد، ورفض إجراء المصالحات العشائرية بشأنها.

وكانت وزارة الداخلية، أطلقت حملة لوقف الظاهرة، مجرمة مرتكبيها، ووضعت اجراءات للحد منها، وصولا للانتهاء منها.

مدير إدارة المختبرات والأدلة الجرمية السابق في الأمن العام وخبير السلاح المحامي الدكتور غازي الذنيبات قال "في مطلع التسعينيات، وخلال عملي ضابطا في مديرية الأمن العام، أجريت إحصائية لعدد وفيات الطلقات المرتدة".

وقال "تبين بعد الإحصائية أن 5 أطفال قتلوا في شهر واحد، من أشهر الصيف، كانت إصاباتهم جميعا أعلى منتصف الرأس، بحيث تستقر الطلقة في أسفل الفم، بعد اختراقها جدار الدماغ، ما ينجم عنه وفاة فورية".

وقال الذنيبات إنه "منذ أكثر من 30 عاما ونحن نناضل مع آخرين للقضاء على هذه الظاهرة المؤلمة، وانصبت جهودنا على جوانب إعلامية واجتماعية وملاحقات امنية وقضائية غير فاعلة".

وبين أن الفرصة حاليا ذهبية لأجهزة الشرطة والأمن والحكام الإداريين، لوقف الظاهرة، جراء الدعم السياسي والأمني الذي قدمه جلالة الملك عبدالله الثاني لمنعها، حينما حيد أكبر العوامل التي كانت تدعمها وهي (الواسطة والمحسوبية).

وطالب الذنيبات "رفاق السلاح في جهاز الأمن العام وعلى رأسهم مديره اللواء عاطف السعودي، باتخاذ اجراءات حاسمة وحازمة وبلا تهاون، واستخدام الامكانيات الفنية والشرطية كافة، لكبح جماح اطلاق العيارات النارية في المناسبات، وإنهائها من جذورها".

كما انطلقت دعوات في المملكة، تطالب بتعزيز التشريعات القانونية لمعاقبة كل من يرتكب إطلاق عيار ناري في مناسبة، حرصا على أرواح المواطنين.

ويقول القاضي العشائري محمد جدوع العودات من قبيلة الحويطات، ان "القضاء العشائري يتشدد في قضايا إطلاق العيارات النارية عادة، والتي ينجم عنها وفيات، ونتعامل معها في القضاء العشائري على أنها قضايا قتل عمد".

واضاف العودات أنه بصدد دعوة قضاة ووجهاء عشائر لاتخاذ قرار بمنع التوسط أو إجراء المصالحة لمن يطلق العيارات النارية في المناسبات والأفراح.

وأكد أن هذه الظاهرة تكبد المجتمع خسائر فادحة، وتزهق أرواح أبرياء، جراء عبث مستهترين قرروا الفرح بإطلاق العيارات النارية.

وأضاف العودات أن قضاة العشائر يؤيدون ما جاء في تصريحات جلالة الملك، و"ندعم الاجراءات والقوانين التي تمنع هذه الظاهرة، لما تشكله من خطر على حياة الأبرياء"، مطالبا باتخاذ اجراءات قانونية وعشائرية بحق مرتكبيها دون هوادة.

ولفت الى ان "هناك جلوات عشائرية شردت مئات المواطنين بسبب مرتكبي اطلاق العيارات النارية، وما تسببوا به من إزهاق للأرواح وتشريد لأقاربهم، منعا لوقوع جرائم ثأرية".

وكانت مديرية الأمن العام ثمنت في بيان قبل أيام، تعاون المجتمع ومساندته لإنجاح جملة إجراءات اتخذتها وحدات شرطية مختصة لضبط ومحاسبة مستخدمي الاسلحة النارية بشكل غير مشروع، ما يهدد سلامة وحياة المواطنين، بخاصة في المناسبات والأفراح.

وباشر الأمن العام اجراءاته الميدانية والوقائية في التعامل مع ما يرتبط بالاستخدام غير القانوني للأسلحة النارية، بحيث زار العاملون في اقسام الشرطة المجتمعية في مختلف المحافظات 409 مناسبة فرح، مهنئين اصحابها بتقديم كروت تهنئة ضمن حملة "لا تقتلني بفرحتك".

كما أخذت تعهدات من العرسان وآبائهم، بعدم اطلاق عيارات نارية خلال مناسباتهم.وتعاملت المديرية منذ حملتها مع 16 حالة اطلاق نار في اﻻعراس، ضبط فيها 11 قطعة سلاح.