كشفت مصادر صحفية تركية أنه تم نشر صورة كبيرة للرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز وهو ينحني أمام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان، لفترة قصيرة في اسطنبول ، ردا على الإهانة التي تعرض لها سفير أنقرة في تل أبيب.
ونقلت جريدة "القدس العربي" عن صحيفة "اكسم" التركية "الصورة الكبيرة علقت في رافعة اثقال في احدى ضواحي مدينة كان أردوجان يستعد لافتتاح أحد طرقها ، الا ان أجهزة المدينة سرعان ما سحبت الصورة قبل وصوله".
وأظهرت الصورة الكبيرة المصطنعة أردوجان وهو يقف فيما كان بيريز منحيا أمامه ، ولم تقدم الصحيفة أي معلومات حول هوية الأشخاص الذين نشروا الصورة.
واندلعت أزمة جديدة بين البلدين في يناير/ يناير عندما استدعى نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني ايالون سفير تركيا في تل أبيب أحمت تشليكول وعبر له على احتجاجه من بث قناة تلفزيونية تركية مسلسلا اعتبرته إسرائيل معاديا للسامية.
وتعرض السفير التركي للاهانة حيث تم تأخير إدخاله إلى مكان الاجتماع ثم إجلاسه على كرسي صغير لا يليق به. وقال أيالون باللغة العبرية للصحفيين الذين سمح لهم بالتقاط الصور: "لاحظوا أنه يجلس على كرسي منخفض، ونحن على كراسي مرتفعة، وأن هناك علماً إسرائيلياً فقط على الطاولة، وأننا لا نبتسم".
اعتذار اسرائيلي
وفور الواقعة أمهل الرئيس التركي عبدالله جول إسرائيل ساعات محددة لتقديم الاعتذار عن الواقعة أو سحب السفير ، الأمر الذي أجبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتقديم اعتذار رسمي لأنقرة.
وكشف بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن الحكومة الإسرائيلية بعثت برسالة خطية لأنقرة تعتذر فيها رسميا عن الإهانة التي تعرض لها السفير التركي ، فيما أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان أن أنقرة تسلمت الرسالة التي كانت تريدها .
ويرى مراقبون أن الإهانة التي تعرض لها السفير التركي لم تكن بسبب مسلسل تليفزيوني ، وإنما تأتي بالأساس في إطار الغضب الإسرائيلي من مواقف أردوجان الداعمة لغزة ، بل وفسرها البعض بأنها قد تكون انتقاما وإن كان متأخرا من واقعة دافوس عندما انسحب أردوجان من المنتدى الاقتصادي العالمي خلال كلمة للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز .
وبجانب واقعة دافوس ، فقد زادت حدة الغضب الإسرائيلي أيضا بسبب دفاع أردوجان عن برنامج إيران النووي وتقاربه الشديد مع سوريا .
ولعل تصريحات نتنياهو بعد واقعة إهانة السفير التركي تؤكد أن الأمر له أبعاد أخرى أعمق وأخطر مما هو ظاهر على السطح من الغضب من مسلسل تليفزيوني ، حيث أعرب في 12 يناير عن قلق إسرائيل البالغ من تقارب تركيا مع إيران وسوريا .
سياسات وأهداف
ويرجح كثيرون أن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب في طريقها لمزيد من التدهور في ضوء حقيقة بسيطة وهى أن تركيا في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية تسعى بقوة لاستعادة دورها التاريخي ليس فقط في العالمين العربي والإسلامي وإنما في العالم كله وهذا الأمر بات يزعج إسرائيل بشدة لأنه يقضي على حالة اللاتوازن القائمة لصالحها منذ عقود .
صحيح أن تركيا عضو في حلف الناتو وتستضيف قاعدة انجرليك الأمريكية الجوية على أراضيها وكانت تتمتع في السابق بعلاقات جيدة مع إسرائيل بجانب أن امتلاك طهران لأسلحة نووية قد يرجح كفة النفوذ الإقليمي لصالح إيران على حسابها ، إلا أن المتابع للتطورات الأخيرة في المنطقة يلمس أن أردوجان يريد توصيل رسالة قوية للغرب مفادها أن إسرائيل هى الخطر الأكبر على استقرار المنطقة وليست إيران .
هذا بالإضافة للرسالة الأهم وهى أن تركيا لن تكون الورقة الرابحة التي سيعتمد عليها أوباما ونتنياهو في تنفيذ أية مغامرة عسكرية ضد إيران .
وتبقى الحقيقة المؤكدة من وجهة نظر أردوجان وهى أن أي عمل عسكري ضد إيران لن تسلم منه الجارة تركيا سواء كان ذلك فيما يتعلق بظهور مشكلة لاجئين إيرانيين على أراضيها أو فيما يتعلق بالتأثير السلبي على اقتصادها الذي شهد انتعاشة كبيرة في السنوات الأخيرة.
والخلاصة أن أردوجان يتحرك في دفاعه عن إيران ليس فقط من اعتبارات عاطفية باعتبارها بلدا جارا ومسلما وإنما لإدراكه أيضا أن أطماع إسرائيل في المنطقة ليس لها حدود وتهدد الأمن القومي التركي عاجلا أو آجلا .