قال مرصد مصداقية الاعلام الاردني "اكيد" ان "تغطية المحافظات في الصحف المحلية اتسمت بالضآلة، فيما حملت الغالبية الساحقة من الأخبار المحلية خلال فترة الرصد هوية وطنية عامة، أو كانت خاصة بالعاصمة عمان.
وأشار المرصد في تقرير رصدي له الى ان نسبة تغطية المحافظات الإحدى عشرة لم تزد على 22 بالمئة من مجمل الأخبار المحلية، التي بلغت 3743 خبرا خلال فترة الرصد، فيما بين ان نسبة الأخبار التي نقلت عن أبناء المحافظات وفيها نوع من المطالب بلغت 6ر4 بالمئة من مجمل الأخبار المحلية.
ولفت التقرير الصادر مساء امس الثلاثاء الى ان من بين 78 خبرا نشرتها الصحف اليومية عن محافظة العقبة، في عينة علمية ممثلة للسنة الماضية، فإن 10 أخبار فقط، وبنسبة 13 بالمئة هي التي نقلت عن أبناء المحافظة أي نوع من المطالب أو الشكاوى، فيما كانت بقية الأخبار وفق العينة، والتي شملت مختلف القطاعات من صحة وتعليم وأمن وبنية تحتية وغيرها، على شكل تغطيات "إنجازات" المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة العاملة في المدينة، إضافة إلى أخبار الجرائم والحوادث.
ونوه التقرير الى ان التغطيات تميزت بأن أصوات مسؤولي المؤسسات كانت شبه وحيدة، موضحا ان ما نسبته 67 بالمئة من الاخبار كانت في الحقيقة بيانات صحفية، أصدرتها أقسام العلاقات العامة في المؤسسات المختلفة، الى جانب غياب اخبار القرى التابعة للمحافظة، حيث اختُزلت جميعها في اخبار المدينة المركز.
وعن اخبار محافظة اربد بين التقرير انها حازت على الحصة الأكبر من تغطية المحافظات وبعدد 824 خبرا، تلتها بفارق كبير محافظات الزرقاء والكرك والمفرق والعقبة، على التوالي، ثم محافظات عجلون والبلقاء ومعان على التوالي، وأخيرا، كانت المحافظات الأضعف تغطية مادبا وجرش والطفيلة على التوالي، بنسب تراوحت بــ 5 بالمئة تقريبا.
وغطّت أخبار المحافظات جميع القضايا الحياتية الأساسية، من صحة وتعليم وغذاء وأمن وبنية تحتية، واستثمار، وحقوق سياسية ومدنية، وغيرها، وركزت بشكل أساسي، على قطاعات الأمن والبنية التحتية والتعليم وأخبار الحوادث، فاحتلت وحدها ما نسبته 57 بالمئة منها.
وقال التقرير، انه رغم الشمولية في تغطية القضايا الحياتية الأساسية، الا ان القسم الأكبر من أخبار المحافظات تركز على البيانات الصحفية، وأخبار "بترا" والتي شكلت ما نسبته 55 بالمئة تقريبا من الأخبار.
واوضح ان نسبة 45 بالمئة المتبقية تميزت بنفس طريقة عمل البيانات الصحفية في قسم كبير منها، فخصصت المساحة الأكبر لأصوات المسؤولين الرسميين، ولرواياتهم، التي حضرت في 64 بالمئة من أخبار المحافظات، مقابل حضور عامة الناس في 21 بالمئة من الأخبار.
وانعكس نوع التغطية التي انقسمت، بشكل أساسي، إلى أربعة أنماط من الوقائع وفقا لتقرير المرصد كان أكبرها أخبار "الإنجازات"، التي شكلت 2ر32 بالمئة، وهي الأخبار التي عرضت فيها المؤسسات الحكومية والبلديات ومنظمات المجتمع المدني وشركات القطاع الخاص لأدائها، كما عُرض هذا الأداء من زاوية نظر وحيدة، هي الخاصة بالقائمين على تلك المؤسسات.
وقال التقرير ان نوعية التغطية المتبعة اغفلت الأطراف الأخرى الأساسية للوقائع التي تغطيها، فمثلا: في تقرير عن برنامج لدعم التشغيل والذي نفّذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بلدة حوشا التابعة لمحافظة المفرق، لم يشر التقرير لأي صوت من الـ100 شاب وشابة من أبناء البلدة، الذين قال الخبر إنهم اشتركوا في البرنامج، لأن من تولّى الكلام عنهم وعن البرنامج كان مسؤولة الإعلام في المنظمة الأممية.
وكان النمط الثاني من التغطية حول أخبار الجرائم والحوادث، التي شكلت ما نسبته 3ر27 بالمئة من أخبار المحافظات، وكانت في الغالبية الساحقة منها، بيانات بالغة الاقتضاب، ولم تقل، في الغالب، أكثر من أن حادثا وقع، ونُقل الضحايا إلى المستشفى، أو أن جريمة ارتكبت، وفُتح تحقيق في الواقعة.
أما النوع الثالث، فكان أخبارا عن ندوات ومؤتمرات وورش عمل واحتفالات بمناسبات دينية أو وطنية، والتي شكلت 1ر13 بالمئة من أخبار المحافظات.
ووفقا للتقرير فإن النمط الرابع تركز على الأخبار التي نقلت عن أبناء المحافظات شكاوى أو مطالب، وشكّلت ما نسبته 21 بالمئة من أخبار المحافظات.
ولفت التقرير الى ان التحليل يكشف أن ما أخلّ بتغطية المحافظات في الصحف، لم يكن فقط ضآلة المساحة المخصصة لنقل أصوات الناس وهمومهم، بل تمثل أيضا في أن المساحة الضئيلة لم تستثمر بشكل حقيقي، اذ عُرضت الشكاوى لكن في الغالب من دون حد أدنى من الحقائق التي تضمن فهم طبيعة الاختلال، وأسبابه والمسؤولين عنه.
وعُرضت المطالب وفقا لتقرير المرصد، وفي الغالب، من دون أن توضع الجهة المختصة بالتعامل معه أمام مسؤولياتها، بتسميتها ومخاطبتها طلبا لتوضيح، أو بمتابعة لاحقة لما اتخذته من إجراءات لمعالجة الاختلال، واحتلت المطالبات المتعلقة بالبنية التحتية والعمل والتعليم معظم التغطية بأخبار المحافظات.
وكشف التحليل أن 66 بالمئة من التغطيات، تغيب عنها، أو هي تعاني من نقص جوهري في المعلومات الأساسية التي تكفل فهم طبيعة الاختلال الذي تعرضه التغطية، وساق امثلة على أخبار تعرض فيها الصحيفة الشكوى لكنها تكتفي، كما هو واضح، بدور الناقل الذي يكتفي بما تقوله المصادر، ويشوبها في العادة النقص أو الغموض أو الخطأ او نقل معلومات "خام" كان على الصحفي التحقق من صدقها، ومعالجتها مهنيا، بإكمال الناقص وتوضيح الغامض، واستقصاء حقائق الجوانب المختلفة للقضية.
ولفت التقرير الى ان التحديد الدقيق للجهة المسؤولة عن الاختلال، أو المختصة بالتعامل مع الشكوى ومخاطبتها لفهم سببه، ومعرفة ما ستتخذه من إجراءات، هو شرط مهني أساسي في تغطية أي شكوى أو مطلب، الا ان ما يقرب من نصف التغطيات، لم يحقق تلك الشروط، إذ 21 بالمئة من التغطيات عرضت الشكوى من دون أن تحدد الجهة المختصة إما بإغفال الإشارة إلى أي جهة، أو باستخدام تعبيرات عامة للإشارة إليها، من قبيل نعتها بـ"الجهات المعنية، أو الجهات ذات العلاقة في حين أن 20 بالمئة من المواد حددت الجهة المختصة، لكنها لم تخاطبها.
وكشف التقرير عن ضعف المتابعة، اذ ان الأخبار التي لم يكن فيها ردّ الجهات المختصة واضحا، هناك أيضا الأخبار التي ردّ فيها المسؤولون بأنهم سيحققون في المسألة، أو سيتّخذون إجراءات لمعالجة الاختلال، لكن الصحف، في الغالب، لم تعد إلى هذه الجهات لتتأكد من أنها حققت فعلا، ولتكشف للجمهور نتائج التحقيق، وتتابع الإجراءات التي اتُخذت، مدللا بذلك ان 62 بالمئة من الشكاوى التي أثارتها الصحف اغفلت متابعتها.
وفي الحديث عن أصوات الناس، تمثّل بإعادة نشر تغطيات قديمة بوصفها تغطيات جديدة للقضية أو الحدث، وما تضمنه ذلك من نقل اقتباسات كانت نُسبت لأشخاص في هذه التغطيات القديمة، واستخدامها في التغطيات الجديدة بأسماء جديدة، وبلغت نسبة المواد تلك الى 14 بالمئة من حجم العينة وبشكل متفاوت بين الصحف بشكل كبير.
--(بترا)