صحيفة العرّاب

الأردن يطالب باحترام ‘‘خفض التصعيد‘‘ بالجنوب السوري

 دخلت ازمة الجنوب السوري امس فصلا جديدا، مع التدخل العسكري الروسي المباشر بالمعارك الدائرة بين القوات الحكومية السورية وفصائل المعارضة المسلحة، من خلال مشاركة الطائرات الروسية بالقصف، وابلاغ واشنطن للفصائل بألا تتوقع الحصول على دعم عسكري منها لمساعدتها على التصدي لهجوم ضخم تشنه القوات الحكومية لاستعادة مناطق تسيطر عليها المعارضة بالجنوب. 

وهو ما يؤشر الى ان اتفاق خفض التصعيد الذي ابرم في عمان بخصوص المنطقة قبل عام تقريبا، اصبح لا يحتل اولوية لدى روسيا، والى حدوث تفاهمات غير معلنة، المعارضة السورية على علم بها، دفعت الولايات المتحدة الاميركية الى الاعلان عن موقفها الجديد بشأن تفجر الأزمة بالجنوب، رغم تحذيراتها السابقه للقوات الحكومية من الاقدام على أي عمل عسكري فيه.
هذا الوضع دفع بالاردن الى التواصل امس مع واشنطن وروسيا للتأكيد على ضرورة الحفاظ على منطقة خفض التصعيد ووقف النار، بحسب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات.
وقالت لوكالة الأنباء الفرنسية، أمس، إن "الأردن يجري اتصالات مكثفة مع واشنطن وموسكو للحفاظ على اتفاق خفض التصعيد جنوب سورية". 
واضافت، ان "القدرة الاستيعابية في ظل العدد الكبير للسوريين الذين نستضيفهم، من ناحية الموارد المالية والبنية التحتية، لا تسمح باستقبال موجة لجوء جديدة".
ويستقبل الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى البلاد بنحو 1,3 مليون منذ اندلاع النزاع السوري في 2011. وتقول عمان إن كلفة استضافة هؤلاء تجاوزت عشرة مليارات دولار.
وأكدت غنيمات، أن "الأردن لم ولن يتخلى عن دوره الانساني او التزامه بالمواثيق الدولية لكنه تجاوز قدرته على استيعاب موجة لجوء جديدة".
وقالت إن "على الجميع التعاون للتعامل مع أي موجة نزوح جديدة داخل الحدود السورية"، مشيرة الى ان الاردن "سيعمل ويتواصل مع المنظمات المعنية حتى نجد ترتيبا لهؤلاء داخل الأراضي السورية".
إلى ذلك، طالب وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي باحترام اتفاق خفض التصعيد في جنوب سورية، محذرا من التبعات "الكارثية" لتفجر العنف فيه على الشعب السوري. 
وأضاف الصفدي في تغريدات له عبر موقع "تويتر" أن استمرار القتال "لن يعني الا المزيد من القتل والدمار للسوريين". مشددا على أن "الحل سياسي وعلى تحقيق هذا الحل يجب ان يركز جميع الأطراف جهودهم حقنا للدم السوري وتجنبا لتعميق المأساة".
وأضاف الصفدي أن "الأردن أدى دوره الإنساني كاملا نحو الأشقاء السوريين ويتحمل ما هو فوق طاقته في استقبال اللاجئين وعنايتهم. لكن المملكة لن تتحمل تبعات التصعيد في الجنوب ولن تستقبل المزيد". وتابع "على المجتمع الدولي العمل لوقف التدهور والتعامل مع تلك التبعات في سورية ومن داخلها ومع المسؤولين عن التصعيد". 
وكانت روسيا شنت غارات على مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة في جنوب سورية، في وقت متأخر من يوم السبت الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ أن وافقت على وقف لإطلاق النار في هذه المنطقة قبل عام تقريباً، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد بأن هناك "غارات روسية مكثفة على عدة بلدات في ريف درعا الشرقي، لأول مرة منذ وقف إطلاق النار في الجنوب السوري منذ عام. وشوهد أكثر من 25 غارة جوية ".
المعارضة من جانبها وعلى لسان القيادي في الجبهة الجنوبية أبو توفيق الديري قللت من وطأة الموقف الاميركي الجديد على فصائل المعارضة، اذ اكد الديري ان "الاميركيين لم يعلنوا ذلك إلا لأنهم يعرفون قدرة الجنوب على صد الهجوم و تكبيد الايرانيين الخسائر الفادحة". 
وتوقع القيادي ان "يكون الجنوب نتيجة هذا الهجوم على موعد مع اتفاق جديد يعزز موقع الجنوب ويكون منطلقا للحل الشامل، على قاعدة إبعاد إيران وخروجها النهائي من سورية، لأن اتفاق خفض التصعيد بالجنوب العام الماضي جاء بعد معركة الجنوب".
واضاف "نحن على تواصل مع الاميركان عبر قنواتهم، ونحن لم نطلب منهم تدخلا عسكريا ولا من أي دولة لأننا نستطيع ان نرد الهجوم".
ويؤكد القيادي في غرفة البنيان المرصوص التابعة للجبهة الجنوبية سامر مسالمه أن "فصائل المعارضة تستأنس بالموقف الاميركي ضمن قاعدة تقاطع مصالح فقط".
بيد أننا، يضيف مسالمه، لا نعول كثيرا على المواقف الاميركية لأنها تخضع لسياساتهم ونحن كمعارضة نلمس عدم وضوح كاف منهم".
وكانت واشنطن ابلغت فصائل المعارضة السورية الرئيسية يوم امس، ضرورة ألا تتوقع حصولها على دعم عسكري لمساعدتها على التصدي لهجوم ضخم تشنه القوات الحكومية لاستعادة مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، بجنوب سورية، ومجاورة للأردن ومرتفعات الجولان السورية المحتلة.
وقالت نسخة من رسالة بعثت بها واشنطن إلى قادة جماعات الجيش السوري الحر إن الحكومة الأميركية تريد توضيح "ضرورة ألا تبنوا قرارتكم على افتراض أو توقع قيامنا بتدخل عسكري".
وقالت الرسالة الأميركية لمقاتلي المعارضة أيضاً إن الأمر يعود إليهم فقط في اتخاذ القرار السليم بشأن كيفية مواجهة الحملة العسكرية، التي يشنها الجيش السوري بناء على ما يرون أنه الأفضل بالنسبة لهم ولشعبهم.
وأضافت الرسالة: "إننا في حكومة الولايات المتحدة ندرك الظروف الصعبة التي تواجهونها، ومازلنا ننصح الروس والنظام السوري بعدم الإقدام على إجراء عسكري يمثل خرقاً للمنطقة".
من جانبه اكد القيادي في الفرقة الاولى مشاة التابعة للجبهة الجنوبية في الجيش السوري الحر خالد الفراج، ان فصائل المعارضة في الجنوب السوري قادرة على الصمود تحت القصف الجوي والمدفعي لأكثر من عام، مشيرا الى ان ما ينطبق على الغوطة لا ينطبق على الجنوب.
وفسر الفراج ما يذهب اليه بأن الجنوب السوري غير محاصر، مثلما كانت عليه الغوطة، وهو ما سيمنح الفصائل القدرة على التزود اللوجستي والاستمرار في صد هجمات قوات النظام والمليشيات الايرانية المساندة لها.
واضاف ان فصائل الجيش الحر تستعيد أي متر تتقدم له قوات النظام، بسبب تجهيزها العسكري عالي المستوى، مشيرا الى ان جميع الفصائل انشأت غرفة عمليات مشتركه تحت اسم غرفة العمليات المركزية بالجنوب السوري. واوضح ان جميع الفصائل اصبحت تقاتل تحت ادارة هذه الغرفة.
الى ذلك دارت اشتباكات متقطعة بين الجيش السوري الحر والقوات الحكومية على جبهات المنشية والمحطة ومخيم درعا خربة غزالة وعلى اطراف بلدة صماو على خط جبهة اللجاه/الشياح، داما، ديرداما، الشومرة، الدلافة، حران، البستان، مسيكة.
وقال المكتب الاعلامي للفرقة الاولى مشاة في بيان له ان القوات الحكومية حاولت التقدم نحو منطقة اليادودة والنعيمة، مشيرة الى ان الاشتباكات اسفرت عن مقتل 7 أشخاص من جانب الجيش الحر.
وسمع سكان القرى الحدودية الاردنية في محافظة المفرق أصوات انفجارات قوية مصدرها من الجانب السوري بحسب ما أكد سكان .
وقال شهود عيان إن أصوات الانفجارات هزت منازلهم، خاصة في منطقة مغير السرحان وسما السرحان ومنطقة السويلمة والدندنية والحمرا وحوشا والنهضة، متخوفين في الوقت ذاته من سقوط قذائف عشوائية على منازلهم كما حصل في اوقات سابقه. 
الى ذلك تشهد مدن وبلدات محافظة درعا الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة انقطاعا للتيار الكهربائي لأغلب ساعات اليوم، بحسب ذات البيان والذي اشار الى انقطاع خدمة الاتصالات الأرضية وضعف الاشارة للاتصالات الخلوية.
وقال إن مياه الشرب ايضا انقطعت عن غالبية مناطق المعارضة، مما يضطر الاهالي الى شراء مياه الآبار.
واضاف البيان ان هناك نقصا كبيرا في المواد الغذائية والمحروقات، والتي شهدت ارتفاعا في اسعارها، فيما يشير ايضا الى ان هناك نقصا حادا في مادة حليب الأطفال والرضع، حيث انقطعت غالبية المشافي الميدانية من حليب الاطفال.
وتبرر الحكومة السورية هجماتها في الجنوب بحسب بيان بثته وكالة الأنباء السورية (سانا) بإن الجيش يقصف مواقع فصيل هيئة تحرير الشام "النصرة" سابقا و"المرتبط بتنظيم القاعدة" في بلدة الحراك وبصر الحرير.
وتسيطر فصائل المعارضة السورية المعتدلة على نحو 70 % من مناطق الجنوب السوري، فيما هناك تواجد هزيل لمقاتلي هيئة تحرير الشام"النصرة" سابقا والذين لا يتجاوز عددهم 200 مقاتل في هذه المناطق، في حين يسيطر جيش خالد بن الوليد المبايع لتنظيم "داعش" الارهابي على مناطق حوض اليرموك بمثلث الحدود الاردنية السورية الاسرائيلية.