صحيفة العرّاب

حماقة العربان وحكمة ماكرون . بقلم .. بسام الياسين

 اذا قذفت كلباً اوروبياً بوردة او ركلته اتقاءً لشره، تقوم قيامة الدنيا عليك لانك اقترفت كبيرة محرمة، ستدخلك جهنم الحمرا.منظمات حقوق الانسان تنزع عنك آداميتك، لانك خدشت مشاعره،فيما منظمات حقوق الحيوان، تطاردك للمطالبة بتعويض باهظ، عن الاضرار المادية والمعنوية التي لحقت به. في بلادنا تُسلح الكلاب و يُسحق الانسان كالصرصار،وكأن شيئاً لم يكن. ان تعرض كلبهم لادنى اذى،فانه يحتل مانشيتات الصحف،وصدارة النشرات الفضائية،مع تعاطف جارف على وسائل التواصل الاجتماعي.مشاعر نبيلة لا شك فيها، تفيض بالاحترام، لكل ذي ضلف او مخلب، سواء كان يمشي على قائمتين ام يدب على اربعة.لا يختلف امره أكان زاحفاً على ارض ام سابحاً في ماء ام محلقااً في الهواء. حقاً للحيوانات مكانة تُحسد عليها لكن سؤالنا :ـ

 

ـ ماذا عن العربي الذي يُهان من مهده الى لحده،و قد تفننت انظمتة في تدميره و تشليحه حتى بات حلمه مغادرة وطنه.

ـ ماذا عن السجون العربية، الاكثر شهرة من جامعاتها، والجنرالات الاعلى مكانة من علمائها،اولئك الذين اجبروا الامة بالقنوة كرهاً طاعة سلطة الرجل الواحد،وزجوا بالزنازين المنفردة كل من قال لا لوهمساً ؟!.

ـ ماذا عن التعاون بين الدول المطبعة ودولة العدوان العبرية الذي وصل الذروة،بينما جسور التواصل العربية مغلقة…الحدود مقطوعة،و بعضها يحاصر بعضها ؟!.

ـ ماذا عن وجبات احكام الاعدام بالمئات ،في مصر العربية،و كأن المواطن ” فرخة ” في قفص السلطة،يُعلق مشنقته” المنتصر بالله ” عبقري زمانه و يُطلق سراحه حسب مزاجه ؟!.

ـ لما الصمت المطبق عن حمامات الدم، ودورة الذبح اليومية في الدول العربية ، وكأن المواطن ” زائدة دودية ” يجب استئصاله ؟!.

 

ـ بئست حياة العربي المهمشة والمهشمة،عندما تصير حياة الحيوان افضل حالاً من ” عيشته ” !.

ـ اين عربان آخر زمان من قول حبيبنا عليه الصلاة والسلام” لهدم الكعبة اهون عند الله من سفك دم مسلم دون وجه حق ” ؟!.

{{{ ارفع القبعة لماكرون فالصورة مقلوبة ! }}}

شكراً ماكرون.الاعتراف بالحق قوة لا يقدر عليه الا الاقوياء امثالك.اعترافك بمسؤولية فرنسا عن إقامة ” نظام تعذيب ” في الجزائر،وان استعمارها،كان جريمة ضد الانسانية. يزداد الاحترام لك حين تعهدت، بفتح ارشيف التعذيب الوحشي للمناضلين الجزائريين اثناء المقاومة المشروعة.فخامة الرئيس، كنت في قمة الاثارة عند زيارتك منزل ارملة المناضل الفرنسي “موريس اودان”،عالم الرياضيات،الذي انتصر للحق العربي، وقاتل مع ابطال الثورة،لتقديم واجب الاعتذار للمرأة المكلومة بزوجها،الذي مات تحت التعذيب،كأنك تقول للعالم دون ان تنطق بكلمة :ـ لقد افلسنا وعلينا ان لا نُضيعَّ اعمارنا في ثرثرات عقيمة،او لغو يثير الاشمئزاز…انها الحقيقة الفضيحة وما فعلناه في الجزائر جريمة.

سيدي الرئيس،لا ينتقص من اعترافك البطولي، ان سبقك الفيلسوف الوجودي ” جان بول سارتر ” الى ادانة بطش بلاده بشعب مسالم.اوجز جرائم بلاده في مقالة طويلة و فريدة له عام 1961 بالقول :ـ ” لا يجتمع فرنسيان الا وجثة جزائري بينهما. مضيفاً ، لقد كانت فرنسا اسماً لبلد عظيم ،فحذار ان تُصبح اسماً لمرض”. لا شك،ان الاستعمار هو نفي مسلح للآخر، وقرار بإنكار كل صفة انسانية عن الآخر.هذا ما كان بالامس في الجزائر،وما هو كائن اليوم في فلسطين.

هنا نستذكر شخصية الجنرال العظيم ديغول، الذي اثبت انه رجل حرية وداعية تحرير، لقد انقذ شرف فرنسا وسمعتها حين انسحب من الجزائر،رغم مقاومة جنرالات الحرب له و اصرارهم على الذبح والتنكيل. فانتصر للجماهير المكافحة وحقهم برفع راية الاستقلال فوق ذرى جبال اوراس الشماء.على ضوء هذه الدروس التاريخية والعبر الانسانية متى تعترف الدول العربية بمسؤوليتها عن تعذيب مواطنيها وفتح اراشيفها على غرار ما تفعله بريطانيا كل عشرين عام ام ان المواطن العربي ما دام لا بواكي عليه، فـ ” لا ديةّ له ” ؟!. لا يخفى على احد،ان الدول العربية كافة مأزومة ومهزومة وعلاجها يتطلّب صدقية المواجهة مع الذات،بفتح الدفاتر من اجل المكاشفة والمصالحة ،ومن ثم اعادة السلطة لصاحبها الشعب،لبناء الدولة المدنية الحديثة.،غير ذلك تكون الدولة العربية المعاصرة كفراشة في مواجهة عاصفة