التحق 112 طالبا وطالبة من الصفوف الاساسية؛ بين الأول والخامس، بمدرسة محمد صايل الحسبان، التي أنشئت في المفرق بوقف من وزير الصحة الأسبق ياسين محمد الحسبان.
ومع انطلاقة العام الدراسي الحالي، افتتح رئيس الوزراء د. عمر الرزاز مدرستين وقفيتين، إحداها هي مدرسة محمد الصايل الحسبان الأساسية المختلطة بالمفرق، التي تم إنشاؤها كوقف تعليمي لصالح القطاع التربوي بالمحافظة، فيما كانت الأخرى هي مدرسة أحمد حمدان غنيمة الاساسية المختلطة، التي اوقفها الوزير الاسبق محمد حمدان عن روح والده في عين الباشا.
وفي ظل تزايد الدعوات والمطالبات المجتمعية بتحسين البيئة التعليمية، يشكل الوقف التعليمي عنصرا رئيسيا مهما لمعالجة بعض من التحديات التي يواجهها قطاع التعليم العام، والتي يتصدرها اكتظاظ الغرف الصفية، واللجوء الى نظام الفترتين وغيرها، بحسب قائمين على الوقف التعليمي.
رئيس الوزراء كان أكد خلال رعايته إشهار وقفية التعليم بمدينة الحسين للشباب، أن هذه "الوقفية لن تكون بديلا عن دور الحكومة بدعم قطاع التربية والتعليم، ولكنها تشكل إضافة نوعية للدعم الحكومي.. وستزيد من استثمارنا بالتعليم بجميع مجالاته وتحسن البيئة المدرسية".
ويرى خبراء تربويون أن إنشاء مدارس وقفية "سينهض بالعملية التعليمية التربوية بكافة مكوناتها، اضافة إلى مساهمتها بتغيير الصورة النمطية للوقف بحيث يصبح أعم وأشمل بحصول قطاع التعليم على نصيبه المناسب من الوقف".
ويجمع هؤلاء الخبراء على الأثر الإيجابي لمثل هذه المبادرات على التربية والتعليم، كونها تساهم بدعم العملية التعليمية بمراحلها المختلفة، وتمكن من تجهيز المدارس والمختبرات باحتياجاتها من الأجهرة والمستلزمات العلمية الحديثة.
ويعد الوقف التعليمي بابا مهما من أبواب الإنفاق على التعليم، بحسب وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي السابق د. عزمي محافظة، الذي قال "إن بناء المدارس يعادل أهمية بناء المساجد".
وما يزال الوقف في الأردن مقتصرا إلى حد كبير على بناء المساجد.
ويعتبر الوقف التعليمي الذي لعب دورا مهما في النهضة العلمية في التاريخ العربي والاسلامي أهم سبل دعم التعليم في العالم حاليا، وفق محافظة، الذي دلل على ذلك بأن مخصصات الوقف التعليمي في الولايات المتحدة الأميركية تجاوزت 120 مليار دولار. وفي جامعة هارفارد لوحدها وصل الوقف التعليمي إلى نحو 40 مليار دولار، من خلال 11 ألف وقفية تعليم مختلفة.
ويضيف محافظة أن الحاجة "ماسة لتعميم هذا الشكل من أشكال الوقف لتشجيع المقتدرين على تخصيص أموالهم المنقولة وغير المنقولة في سبيل دعم التعليم بالأردن، بمستوياته المختلفة، حيث تشمل مجالات الوقف التبرع بقطعة أرض لبناء مدرسة أو إضافات لغرف صفية، أو بناء صالة رياضية، والتبرع ببناء مختبرات الحاسوب أو رياض أطفال أو مسرح مدرسي".
كما تشمل أوجه الوقف التبرع بتدفئة المدارس أو من خلال التبرع بمشاركة بالأنشطة الطلابية (أي قيمة مالية) أو التبرع بالمبادرات التعليمية باي قيمة مالية، على ما يشرح محافظة.
ويتابع أن المشروع في بداياته "ونحن متفائلون بأن ذلك سيشجع الكثيرين على التبرع للوقف التعليمي"، ويلفت الى ان الاردن بحاجة الى بناء العديد من المدارس "فلدينا مدارس مكتظة وعدد الطلبة بالصفوف كبير ويفوق أي معيار، فضلا عن وجود مدارس بنظام الفترتين، وأخرى مستأجرة، فلذلك نحن بحاجة إلى بناء العديد من المدارس".
ويبين محافظة أنه باليوم التالي لإطلاق الوقف التعليمي رسميا في 24 أيلول (سبتمبر) الماضي تبرعت إحدى السيدات بمبلغ 90 ألف دينار للوقف التعليمي، وهناك تبرعات أخرى بدأها البنك الإسلامي بتبرعه بمبلغ 100 ألف دينار للوقف التعليمي.
ويشير إلى أن الوقف التعليمي أطلق في الأردن حديثا بعد أن أقر حجة الوقف بالتعاون بين وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية والتربية في شباط (فبراير) 2018 بعد أن وافق قاضي القضاة على حجة الوقف، حيث تم إنشاء مجلس يتولى الإشراف على هذا الوقف.
ويساهم الوقف باعتباره صدقة جارية في تنمية شتّى مناحي الحياة الاجتماعية والعلمية والثقافية، وفي ذلك يقول وزير الاوقاف والمقدسات الاسلامية الدكتور عبد الناصر ابو البصل ان الوقف "يعتبر من الاعمال الممتدة بعد وفاة الإنسان، ويبقى أجرها مستمرا غير متوقف لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له)".
ويؤكد أبو البصل على أن الوقف بالشريعة الإسلامية هو إحدى القواعد الأساسية التي يستطيع بها الانسان ان ينشئ مصدرا للثواب يستمر إلى ما بعد موته.
ويوضح أن بناء مسجد يعد صدقة جارية "وإذا قمنا كذلك ببناء مدرسة أو جامعة أو كلية أو غرفة صفية فتعد صدقة جارية"، وينوه إلى أن الوقف في الاسلام "جاء لتلبية احتياجات المجتمع من جميع النواحي الصحية والتعليمية والاجتماعية".
ويبين وزير الأوقاف أن الإنفاق على التعليم والصحة والمساجد "كان عن طريق الوقف لأن كل شخص يرغب بأن يكون له أجر دائم ومتواصل يزيد من حسناته ويتقرب به إلى الله".
وكانت وزارتا الأوقاف والتربية والتعليم أطلقتا مؤخرا مبادرة "الوقف التعليمي والشراكات المجتمعية"، بعنوان "التعليم مسؤولية دينية ووطنية"، وانطلاقا من هذه المسؤولية يؤكد وزير التربية الأسبق وعضو مجلس تولية وقفية التعليم الدكتور فايز السعودي أن المجتمع يجب أن يهتم بشكل كبير بفكرة دعم مؤسسات الدولة من خلال دعمه للبنى التحتية المطلوبة، فالمؤسسات التعليمية، أو المراكز الصحية أو المساجد تعتبر شكلا من الأشكال التي يدعمها الوقف في العالم.
ويشير السعودي الى ان المدارس الوقفية "تعتبر رافدا قويا لبناء المجتمع، خصوصا وأن للمسجد دورا تربويا ودينيا تعمل المدرسة على إكمال هذا الدور حيث أن صندوق الوقف التعليمي مستقل بشكل تام عن ميزانية الوزارة".
ويوضح السعودي أن مجلس التولية اعتمد رقم الحساب 13582 لدى البنك الاسلامي بكافة فروعه لاستقبال التبرع النقدي، فيما يتم تقديم التبرع العيني من أراض أو أعمال صيانة للأبنية المدرسية، أو إنشاء رياض الأطفال أو ما يخدم العملية التعليمية من طباعة كتب وانشطة وغيرها.
ويشاركه بالرأي الخبير التربوي ذوقان عبيدات، الذي يرى ان الوقف التعليمي "يعكس رغبة المجتمع في حل مشكلات التعليم في مجال الأبنية المدرسية كون الحكومات لم تستطع حل هذه المشكلة، ولجأت الى مدارس الفترتين واستئجار الأبنية والتي غالبا ما تكون غير مناسبة".
ويبين عبيدات ان كل الحكومات في العالم تعجز عن توفير أبنية مدرسية ملائمة، "فلذلك لجأت الى نظام الصفوف المجمعة فالمشكلة قديمة وعالمية ولا يمكن حلها إلا بإسهام المواطنين".
وتجسد مبادرة الحسبان أروع الأمثلة على المسؤولية المجتمعية، بتبرعه ببناء مدرسة حديثة في حي الحسبان بمحافظة المفرق كوقف تعليمي تحمل اسم والده.
ويقول الدكتور الحسبان إن فكرة مدرسة الوقفية "جاءت عندما قررت بناء مسجد عن روح والدي، وشاءت الظروف أن التقي بوزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية السابق الدكتور وائل عربيات، وطلبت منه المساعدة لتذليل العقبات البيروقراطية في المعاملات التي كنت قد واجهتها سابقا، عندما بنيت مسجدا عن روح والدتي كصدقة جارية بمسقط رأسها بعبين في محافظة عجلون".
ويضيف ان "المنطقة التي كنت سأقيم فيها المسجد عن روح والدي في محافظة المفرق فيها مسجدان وطرح عربيات فكرة الوقف التعليمي، وتبلورت الفكرة والتقيت برئيس الوزراء عندما كان وزيرا للتربية والتعليم وجاءت فكرة إنشاء مدرسة وقفية".
ويدعو الحسبان جميع المقتدرين ماديا إلى المبادرة بدعم الوقف التعليمي للمساهمة في تحقيق النهضة التعليمية المنشودة.