صحيفة العرّاب

مشروع النهضة ومؤشرات قياس الاداء (2)

 مامون المساد 

من جديد اعود الى الكتابة في مؤشرات قياس الاداء المؤسسي في الادارة التي تستهلك كثيرا من الاوراق والاستراتيجيات التي تبقى حبيسة الادراج دون اي قياس ، بل ان واحدة من اهم التحديات التي نواجه تتمثل في غياب الاستقرار الاداري والتشريعي المؤسسي معا ، وقد اطلقنا عشرات العشرات من المشاريع والمبادرات انتهت مع نهاية الاعلان عنها او ربما بعد ذلك بقلبل مع انتهاء عمل المسؤول الاول ، ومجيء مسؤول جديد برؤية مغايرة تمام والشواهد كثيرة ليس هذا مجال ذكرها ، وبحجج مختلفة ليس التمويل اخرها .
ولن نتفاجئ كما قلت بحجم وكمية الإفكاروالمبادرات والمشاريع و تنّوعها وتنوّع الجهات المستهدفة. كما لن نتفاجئ بمراجعة سريعة تعتمد الذاكرة دون السجلات بالمبالغ الماليّة الضخمة التي تخصّص لما يعبّر عنه بالإستثمار الإجتماعي ، والاقتصادي و الطرق التي يتم بها إستثمار هذه الأموال ، لكن المفاجئات تأتيك من قياس الاثر الخاطئ قطعا لدى الكثيرين ك :- عدد المستفيدين من المبادرة و المبلغ المالي الذي تمّ صرفه أو منحه و أخيرا صور جميلة ليوم اطلاق المشروع التطوّعي أو الرسمي وكأن حالنا هنا نحن كمن يقوم بإطعام مسكين اليوم ليطالبه بوجبة غدا.
لا نريد ان نبقى في الحلقة المفرغة ندور حول انفسنا ، امام كاميرات الاعلام ، نطالع احلام اليقظة التي سرعان ما تتلاشى ،بل نحن في حاجة مما قبل لتطوير أساليب دقيقة و علميّة لقياس الأثر،وعلينا التفكير باستراتيجية العمل المؤسسي القائم على الديمومة ، ومراحل القياس والتقييم والتخطيط الممنهج ، بايجاد هيئة وطنية رقابية للاداء ، من نخبة طوعية من القيادات الادارية المتخصصة بكل قطاع ، تكون لها صفة الضابطة العدلية مع المؤسسات الرقابية الاخرى كهيئة النزاهة ومحاربة الفساد ، وديوان المحاسبة ، ومعهد الادارة العامة ، وديوان الخدمة المدنية وترتبط بمجلس السياسات الوطني ، يحكمها قانون ابرز سماته قياس الاثر وتقييم الاداء وحق المحاسبة القانونية الادارية والمالية والتعيين والعزل ، بالاضافة الى دور النصح والارشاد والدلالة على نقاط القوة والضعف ، لها سلطة على جميع دوائر الدولة بمنطلق الشفاقية والنزاهة في المحاسبة .
ولعل الخطوة الاولى التي يجب الانطلاق منها :- البدء بعد انجاز التشريع اللازم للهيئة الوطنية العمل مع الموسسات والمنظمات في القطاع الحكومي والخاص الاستثمار في التدريب، لرفع قدراتها التنافسية. وبما يجعل الاستمرارية اهمية بسبب المتغيرات المتسارعة وانتشار التنافس العالمي، وبالتالي حاجة هذه المنظمات إلى التكيف مع تلك المتغيرات .
النمو والتنمية لا بد لهما من الاستدامة ، والاستدامة لا تأتي بالامنيات ، وحالات الفزعة في انجاز مشاريع النهضة الوطنية المنشودة ، أخرجوا الاوراق والاستراتيجيات من الادراج ، وفكروا بعقل جمعي مستدام ، فالقطار ان فاتنا في محطة لا يعني ان رحلتنا انتهت .