طغت الملاحظات السلبية في بيان الموقف من قانون الانتخابات المؤقت لسنة 2010 الذي صدر أمس عن المركز الوطني لحقوق الانسان, بعد أن أورد ثلاثة عشر بندا سرد فيها الملاحظات الايجابية والسلبية في القانون, جاء منها تسع ملاحظات سلبية وأربع ايجابية.
واستندت هذه الملاحظات الى المعايير الدولية وتوصيات التحالف الوطني الأردني حول القانون, والذي لاحظ ان القانون لم يأخذ بعدد مهم منها.
وجاء البيان مفصلا لموقف المركز من تفاصيل ما ورد في القانون ولكن ابرزها جاء في البند التاسع الذي قال فيه المركز ان الحكومة لم تستجب لتوصيات التحالف الوطني ولمطالب العديد من مؤسسات المجتمع المدني والعديد من الباحثين والأكاديميين والمنسجمة مع المعايير الدولية, والمتمثلة بالابقاء على النص المتعلق بسن الرشد السياسي للناخب كما كان في القانون السابق, واستمرارية مخالفة النص الدستوري المتعلق بالمادة رقم (75/1/ه¯) التي تنص على أن لا يكون عضوا في مجلسي الأعيان والنواب من كان محكوماً عليه بالسجن مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يعف عنه , مع أن الأصل أن النص الدستوري لم يخصص العفو, وعدم تبني إجراءات إدارية تسمح للموقوفين إداريا وقضائيا بممارسة حقهم في الانتخاب علماً ان عددهم بعشرات الآلاف, بالإضافة إلى حرمان الأردنيين الموجودين في الخارج من ممارسة حقهم في الانتخاب, اضافة الى عدم الأخذ بفكرة النشر الالكتروني لجداول الناخبين إضافة إلى وسائل النشر الأخرى, وعدم الأخذ بالترتيبات اللازمة لضمان سرية تصويت ذوي الإعاقات البصرية, وعدم بيان الشروط الواجب توافرها في المعزل لضمان خصوصية الناخب وسرية التصويت, وعدم قيام لجنة الاقتراع بتضمين محضر بدء عملية الاقتراع بندا يبين عدد الأوراق التي بحوزة اللجنة, وإغفال عملية إحصاء أوراق الاقتراع الموجودة داخل الصندوق قبل البدء بقراءة الأسماء.
ووفق بيان الموقف فانه رغم أن قانون الانتخاب سعى إلى تحقيق العدالة والمساواة في وزن الصوت الانتخابي, وذلك من خلال تقسيم الدوائر الانتخابية إلى دوائر فرعية وخصص لكل منها مقعد واحد; إلا أن هذه المساواة قد غلب عليها الطابع الشكلي عندما اعتمد تقسيم الدوائر الفرعية على أسس غير واضحة لم تراع ضمان المساواة النسبية بينها من حيث عدد السكان والمساحة الجغرافية والبعد عن العاصمة إضافة إلى البعد التنموي .
كما لاحظ المركز, أنه ورغم التطور الايجابي الذي تضمنه القانون عندما نص على أسس تخصيص المقاعد في صلب القانون بما يتناغم مع منطوق المادة 67 من الدستور, إلا أن القانون ذاته لم يتضمن تقسيما للدوائر, بما فيها الدوائر الفرعية وإنما أحالها إلى النظام, وقد كان حريا بالمشرع أن ينص على تقسيم الدوائر بموجب القانون نفسه.
ورغم الترحيب بتوسيع القانون لحجم مشاركة المرأة السياسية من خلال مضاعفة عدد المقاعد المخصصة لتمثيلها على مستوى المملكة عبر الكوتا النسائية, وذلك تطبيقا لمبدأ التمييز الايجابي كخطوة مؤقتة للتمكين السياسي للمرأة, أخذ عليه عدم تحقيق المساواة بين المرشحات في مختلف المناطق الانتخابية, إذ أن نسبة المفاضلة بينهن لتحديد الفائزات تحتسب على أساس عدد الأصوات التي حصلت عليها المرشحة مقسوما على عدد المقترعين في الدائرة الفرعية وليس على مستوى المحافظة.
واشار أن مبدأ تحقيق العدالة والمساواة بينهن يقتضي تقسيم عدد الأصوات التي تحصل عليها المرشحة على عدد أصوات المقترعين في المحافظة وليس الدائرة الفرعية, حيث أن تخصيص مقاعد الكوتا قد تم بناء على عدد المحافظات وليس على عدد الدوائر الفرعية, وذلك لضمان توافق هذا النص مع ما جاء في الفقرة (ه¯¯¯ من المادة 42 من القانون) التي بينت انه في حال شغل مقعد مخصص للنساء في مجلس النواب فانه يملأ بإجراء انتخاب فرعي على مستوى الدائرة الانتخابية وليس في الدائرة الفرعية.
ووفق البيان فان هناك غموضا يكتنف البند الأول من الفقرة ب من المادة 42 من القانون والذي يشير إلى انه ... ولا يجوز أن يزيد بمقتضى أحكام هذه المادة عدد الفائزات بالمقاعد المخصصة للنساء في كل محافظة وفي أي دائرة من دوائر البادية الانتخابية المغلقة على فائزة واحدة , حيث يفهم من هذا النص بان عدد المقاعد المخصصة للكوتا النسائية تبلغ 15 مقعداً وليس اثني عشرة مقعداً حيث أن هناك ثلاثة دوائر انتخابية للبادية.
ورحب المركز باستجابة الحكومة لتوصية التحالف الوطني لإصلاح الإطار القانوني للعملية الانتخابية; بتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية من خلال زيادة هيئة الناخبين بالسماح للمدنيين العاملين في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والدفاع المدني من ممارسة حقهم في الاقتراع.
كما يرحب باستجابة الحكومة لتوصية التحالف الوطني بتغليظ العقوبات على بعض جرائم الانتخاب وتحديدا عملية بيع الأصوات وشرائها للتأثير على إرادة الناخبين التي افرد لها نصا خاصا لحظرها, واعتبارها جريمة جنائية يعاقب عليها بالأشغال الشاقة مدة لا تزيد عن 7 سنوات; وذلك للحد من ظاهرة المال السياسي, ولكنه بالوقت ذاته يدعو إلى تفعيل النصوص القانونية عند إجراء العملية الانتخابية سيما وان العبرة بتطبيقها وليس فقط بالنص عليها, وذلك تنفيذا لمبدأ سيادة القانون.
ولاحظ المركز ان القانون لم ينص على تنظيم سجلات للناخبين في كل دائرة فرعية, الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة إطلاع الناخبين والمرشحين على تلك الجداول, وهو ما يتنافى مع حقهم في التحقق من صحتها والاعتراض عليها, سيما وان المدة الممنوحة للاعتراض تبلغ 7 أيام, وهي مدة ليست كافية بالمقارنة مع حجم الجداول الانتخابية.
وقال: رغم إعادة تشكيل اللجان المشرفة على العملية الانتخابية بكافة مستوياتها, عن طريق تعيين احد القضاة من الدرجة العليا, يسميه رئيس المجلس القضائي في اللجنة العليا نائبا للرئيس فيها, إضافة إلى إسناد مهمة نائب الرئيس في اللجان الانتخابية الأخرى إلى قاض يعين من قبل المجلس القضائي, في خطوة ايجابية يؤمل أن تقود إلى إيجاد هيئة وطنية مستقلة تشرف على العملية الانتخابية, ولكنها ما تزال غير مكتملة للاستجابة لمطالب مؤسسات المجتمع المدني ومنها مطالب التحالف الوطني لإصلاح الإطار القانوني للعملية الانتخابية التي كانت حصيلة إجماع لنحو 200 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني, وإنشاء هيئة وطنية عليا مستقلة ودائمة تتمتع بالحياد والنزاهة للإشراف على مراحل العملية الانتخابية وعلى أن يكون للسلطة القضائية الدور الأكبر في إدارتها.
وأكد أن الآلية الجديدة التي تبناها القانون لاقتراع الأمي لا تزال قاصرة عن تحقيق مبدأ سرية الانتخاب, كما أنها تمثل إجراءات شكلية فيها نوع من التعقيد, وكان من الأجدر بالمشرع أن يطور الورقة الانتخابية بصورة تضمن السرية التامة للاقتراع, خصوصا وان القانون تبنى آلية الدوائر الفرعية, الأمر الذي يقلص عدد المرشحين فيها, ما يسهل عملية إعداد بطاقات انتخابية تتضمن اسم المرشح وصورته أو رمزا واضحا يدل عليه; ليقوم الناخب بالتأشير عليها وذلك للقضاء على ظاهرة التصويت الأمي. وبالإضافة إلى ذلك ما يزال المشرع يغلب الجانب العقابي لمنع عملية تصويت الأمي, مع أن الأصل هو أن يتبنى القانون آلية تساعد على توسيع المشاركة السياسية من خلال حث الناخبين على المشاركة وتذليل العقبات أمامهم.
وثمن المركز ما تضمنه القانون من تسهيل إجراءات على الراغبين بالترشح من خلال السماح لهم بدفع رسوم الترشيح في وزارة المالية أو أي من مديرياتها بدلا من قصرها على المديرية التي تقع ضمن الدائرة الانتخابية, كما ثمن منح الناخبين فرصة لتحديد توجهاتهم من خلال تمديد المدة الزمنية لانسحاب المرشحين إلى سبعة أيام بدلا من ثلاثة, وكذلك نشر أسماء ومواقع مراكز الاقتراع والفرز قبل سبعة أيام من تاريخ الاقتراع.
ولكنه في المقابل أخذ على القانون عدم تنظيمه لوقف الحملات والدعايات الانتخابية قبل موعد الاقتراع بوقت كاف, كما انه لم يتضمن أحكاما تضمن المساواة بين المرشحين كافة في استخدام وسائل الإعلام لفترات كافية ومتساوية, وكذلك لم يحدد القانون سقفا أعلى للإنفاق على الدعاية الانتخابية, الأمر الذي يتيح المجال لاستشراء المال السياسي.
وسجل المركز على القانون منحه صلاحيات تقديرية واسعة لرئيس اللجنة العليا للانتخابات في جوانب جوهرية تتعلق بنزاهة الانتخاب وشفافيتها, وخصوصا ما يتعلق بشكل ومواصفات الصندوق, والآليات والإجراءات المتخذة لضمان عدم تكرار التصويت, وشكل ومضمون ورقة الاقتراع.
وختم المركز بيانه بالقول انه يثمن قرار الحكومة بإلغاء الامتيازات التي كان يتمتع بها أعضاء مجلس النواب خارج نطاق القانون, من مثل: الإعفاءات الجمركية والجمع بين الراتب التقاعدي والرواتب التي يتقاضاها النواب وكوتا الحج وما إلى ذلك, ويتمنى استمرار هذا النهج.