بدأت الحكومة بتنفيذ خطط تشجيعية, ومجموعة من المحفزات, لحث الشباب على المشاركة في الانتخابات.
الخطة كما هو معلن تستهدف 750 ألف مواطن, بينهم 350 ألف شاب وشابة أتموا سن الثامنة عشرة في الأول من العام الحالي, أولها إعفاؤهم من رسوم اصدار البطاقات الشخصية لاول مرة وفتح مكاتب مؤقتة للأحوال المدنية في 7 جامعات.
وتحركت الحكومة في هذا الاتجاه في محاولة منها لمعالجة عزوف الشباب عن المشاركة في العرس الديمقراطي السادس عشر.
وكان رئيس الوزراء سمير الرفاعي أطلق حملة لتشجيع الشباب على المشاركة في الانتخابات النيابية (صوتك حاسم) في العاشر من حزيران الماضي, بتنظيم من المجلس الاعلى للشباب بهدف تفعيل دور الشباب في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ولكن المتابع للشارع الجامعي في الاردن يلاحظ أن حملات الحكومة المكثفة لحفز شباب الجامعات على المشاركة في الانتخابات المقبلة تصطدم بحالة من الرفض وعدم المبالاة.
ووفق ما هو مشاهد فلم تفلح تلك الحملات في اقناع الكثير من الطلبة بالمشاركة. أما الطالب محمد عواد 3 إدارة عامة في الجامعة الأردنية, وناهد 2 اقتصاد فهما احد هؤلاء الطلبة.
محمد وناهد اللذان جلسا جانب عمادة شؤون الطلبة, بعد دراسة يوم صيفي حار, يبحثان عن شيء من الهدوء, بعيداً عن صخب الجامعة, غير مكترثين بحملات الحكومة الرامية لتحفيزهما على الانتخاب.
ولكن ما يشعر المرء بالصدمة ان عواد لا يعرف أساسا عن وجود مكتب للأحوال المدنية في الجامعة, يقول: حتى بعد أن علمت بوجوده لن انتخب أياً من المرشحين.
هو - كما يقول - يتبنى قناعة أن المجلس السادس عشر لن يختلف في مضمونه عن سابقه, فلماذا اضيع وقتي, حتى وإن كان غير ثمين.
فيما لا تعنى زميلته هند, بوجود المكتب انها قامت او ستقوم بالتسجيل; وتؤكد ل¯ ال¯عرب اليوم أنها ما زالت تحتفظ بمخلفات التجربة النيابية السابقة, والتي وصفتها ب¯المؤلمة.
صمتت الفتاة برهة, ثم رتّبت كتبها ودفاترها, وقالت وهي تهم بالمغادرة وكأن الاسئلة لم ترقها: كيف للحكومة أن تقنع المواطنين بأن المجلس القادم سيكون افضل من سابقه في ظل قانونها الجديد الذي أبقى على قانون الصوت الواحد.
ليست استثناء تقول ثم تضيف, ان زميلاتها يشاركنها أيضاً القناعة.
ولكن لأسعد السعدوني, قصة مختلفة فهو الذي علم بوجود المكتب من الأهل والتلفاز, ولكنه في المقابل لم يوفق في تثبيت الدائرة على هويته, لعدم توفر موظفي مكتب الأحوال المدنية أثناء أوقات الدوام الرسمي.
كانت العرب اليوم رصدت مكتب الأحوال المدنية في عمادة شؤون الطلبة, لأكثر من ساعة, بهدف الاستفسار عن سير عملية التسجيل, إلا أنها لم ترَ أياً من الموظفين.
أما الطالب بسام 3 هندسة, فقد استطاع تثبيت الدائرة الانتخابية على هويته, بعد أن علم بوجوده من خلال الطلاب, وهو يريد بالفعل المشاركة بالانتخابات المقبلة.
بسام طالب بوجود مكتب للتصوير الفتوغرافي إضافة إلى مكتب الاحوال المدنية, بهدف الإسراع في إنجاز المعاملات.
وعلى مقربة من مكتب الأحوال المدنية, التقت العرب اليوم كلاً من الطالبتين دعاء الرجبي, وآية محيسن, من كلية القانون.
الطالبتان أكدتا انهما لا تعرفان بوجود المكتب, وبحسبهما فلم تقرآ أي أعلان يشير لوجوده في الايام الماضية.
ولكن معرفتهما اليوم لن تغير من الامر شيئا, فقد أكدت الرجبي أنها غير راغبة بالمشاركة في الانتخابات; لقناعتها بعدم جدوى عمل مجلس النواب.
وقالت: خلو المجالس الانتخابية السابقة من البرامج الانتخابية; عزز الولاءات العشائرية والإقليمية والطائفية الضيقة, هو ما أفقد المحيسن الرغبة بالمشاركة في الانتخابات القادمة.
وسردت الطالبة الجامعية حكاية اعتبرتها لصيقة بموقفها من الانتخابات قالت: لم يستطع تفوقنا الاكاديمي في الجامعة - التي من المفترض أن تمثل النواة الحقيقية لترسيخ دعائم تكافؤ الفرص, بدلاً من تكريسها سياسة التوريث والتنفيع غير المبرر- من انتزاع تسجيلنا في المعهد القضائي.
لا يختلف الحال كثيراً في الجامعة الهاشمية عن شبيهتها الأردنية, فلا يعلم الكثير من الطلبة بوجود موظفي مكتب الأحوال المدنية في مواقعهم; لتسهيل تثبيت الدائرة الانتخابية على الهوية الشخصية.
يقول عضيب عضيبات 3 لغة عربية إن الطلبة لا يهتمون بموضوع الانتخابات البرلمانية; حتى وإن علموا بوجود المكتب; مشيرا إلى افتقار قوائم المرشحين للعناصر الشبابية والبرامج الحزبية, اضافة الى تدخل الاهل في مجريات العملية الانتخابية لصالح مرشح العشيرة.
وتابع, أن الانتخابات تسير وفق قنوات عشائرية في مجملها, وهو الأمر الذي عزز عزوفه وزملاءه عن المشاركة.
وأضاف, زعزعة الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية ساهمت في توسيع دائرة التحالفات العشائرية, الامر الذي من شأنه تقليل أهمية عمل المجلس النيابي لدى طلبة لم يلمسوا على مر السنوات الماضية, أي قرار إيجابي فيما يخص الطالب الجامعي, سواء من حيث الرسوم والمصاريف أو موضوع الحريات الطلابية وتفعيلها.
ويشاركه في الرأي راشد العالم 1 هندسة ميكانيك, الذي قال كان الاجدى بالجامعة أن تعمل على شرح جميع التفاصيل المتعلقة بالانتخابات سواء من خلال المحاضرات أو توزيع منشورات معينة, وتوضيح القانون الجديد من جهة ولتشجيعنا من الجهة الأخرى, إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث.
وتابع نتيجة عدم اهتمام الجامعة بهذا الجانب, معظمنا لا يعرف أي طريق يسلك, وكان من السهل على الجامعة استغلال موقع الجامعة لاقناع ولو جزءاً بسيطاً منا.
اللافت في ما افصح به الطلاب الذين التقتهم العرب اليوم خلال وجودهم في مكتب الأحوال المدنية أن البعض منهم لم يأتِ إلا لغايات إصدار الهوية فقط.
تقول أماني معلم صف إن الهدف من زيارتها المكتب ليس للمشاركة في الانتخابات, وانما لاصدار الهوية, خاصة أن الخدمة سريعة جداً ومجانية, وهو ما تحدثت عنه زميلتها سحر.
بل فان ريم أبو عيدة طلبت عدم تثبيت الدائرة الانتخابية على الهوية; لعدم رغبتها بالاقتراع أصلاً.
إلا أن شريهان إدارة أعمال أرجعت سبب العزوف لديها ولبعض زميلاتها, إلى الواقع المعاش من انتخاب على أساس عشائري تنفيعي بحت, وهو ما أوجد لدى هيام الرشود هندسة كمبيوتر, قناعة ثابتة بخلو أغلب القوانين الناظمة التي يعمل على تشريعها مجلس النواب من الطابع الشبابي.
وقالت منى حسين 2 هندسة كمبيوتر: المجتمع يعرف بالتفافه حول الروابط العشائرية, رغم عمل الحكومة المستمر إلا أننا لا نستطيع أن نمارس الانتخابات تحديداً من دون أن تغلف بالعشائرية, وأن هذه الظروف ساعدت على تغذية الصورة المجتمعية حول عدم أهلية البعض ممن استطاعوا الوصول إلى قبة البرلمان إلا بالحالات النادرة.
وأيدت ذلك أريج الرواشدة, أن هناك توافقاً من أغلب فئات المجتمع على تواضع عمل النائب تحت القبة وأن الهدف من ترشح غالبيتهم هي المنفعة الذاتية ليس إلا, وبالتالي عدم مشاركته في الانتخابات القادمة.
في حين أشارت أسيل إلى أن البعض من المرشحين لا يمتلك إلا النفوذ المادي, متناسين الجانب الثقافي والتوعوي, حتى أصبح المال السياسي من متطلبات النجاح في بعض الدوائر.
تخشى من سحب جنسيتها
ورغم تصريحات الحكومة بعدم الرجوع إلى دائرة المتابعة والتفتيش, إلا أن الطالبة ريم لم تتقدم بعد لغايات تثبيت الدائرة الانتخابية على الهوية; خوفاً من سحب الجنسية الأردنية.
وأضافت لا أستطيع بعد قرابة العشرين عاماً من حمل الهوية الأردنية أن أغامر فأخسرها; لقاء تجديد الهوية, فأنا طالبة جامعية وجميع أفراد أسرتي بالأردن, ولكن عندما اعلمناها أن الحكومة قررت عدم الطلب من مجدد الهوية العودة الى دائرة المتابعة والتفتيش; لتشجيعها ونقل الصورة لأسرتها, أجابت الطلق الي ما يصيب يدوش.
وأضافت, وقتي لا يسمح بمراجعة الدوائر الحكومية المتعددة, حال تورطي بأي معاملة حكومية, وخاصة أن لي تجربة مسبقة في العام الماضي, عندما وددت السفر إلى دولة عربية, فاكتشفت حجم العرقلة والتشديد.
أما الطالب راكان حياصات, فأكد عدم معرفته بوجود المكتب إضافة إلى عدم المشاركة في الانتخابات القادمة, مؤكداً أن المال السياسي الذي استخدم في المجلس الماضي, أوجد الكثير من التحديات. واستدرك, إلا إذا كان قرابتي نازل.
حنين هاني, أرجعت عدم الرغبة المتوفرة لديها ولبعض زملائها, إلى ارشيف سيئ من الإفرازات الماضية, ومن اهمها عجز النواب عن استيعاب مهامهم الرقابية والتشريعية.. فلماذا أجرّب المجرّب.
ويجادل خالد محمد, بأن الدفع المسبق من النائب للناخب لا يعتبر جريمة, في ظل الوضع المتردي والمترهل للبعض منهم. وقال: نكاد نجمع على نجاح الغالبية العظمى ممن تتردد اسماؤهم من نواب المرحلة الماضية, علماً أن البعض منهم استخدم المال السياسي, وبعد أقل من شهر يبدأ النائب بإزالة جميع الروابط الخدمية بينه وبين ناخبيه, والمتضرر بهذه الحالة هو الشخص الذي علق أماله على ذاك النائب.
وأضافت دارين على ما جاء به زميلها, عدم المعرفة المسبقة بين الناخب والمرشح قد تكون بيئة مناسبة لاستغلال فقر وحاجة الناس بثمن بخس, ونادت وزملاؤها بضرورة تغيير شروط الترشح, للحد من ترشح ممن لا يحملون مؤهلات علمية, وأن يكون الاقتراع بناء على برامج انتخابية لا تحمل أسماء مرشحين بل أرقاماً; للحد من التجاوزات التي تكتنف مجريات العملية الانتخابية.
وقال شهيد ضيف الله: الأحداث التراكمية على مدى سنوات عجاف من العمل البرلماني, أصابت المجتمع بحالة من الإحباط, الأمر الذي عزز قناعتي بعدم المشاركة, خاصة وإن الكثير ممن وصلوا إلى هذا الموقع يفتقدون للأهلية.
وعن توجه الشباب الجامعي للمشاركة في الإنتخابات, أجاب ضيف الله, رغمَ كل الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل استهداف هذه الشريحة ودفعها لتفعيلِ مشاركتها في الإنتخابات, إلا أن نسبة كبيرة من طلبة الجامعات لا يكترثون.
وأضاف الحالة الصحية لأي عملية انتخابية هو توجه الشعب نحو صناديق الإقتراع من دون أي مغريات أو تبريرات, ولكنه وصف محاولات الحكومة في الترويج للإنتخابات, بأنها ستكون شفافة ونزيهة والتكثيف الإعلامي غير المسبوق, لم تخرج عن كونها شعارات براقة اعتاد عليها المواطن.