عادت مدينة جنين الفلسطينية ومخيمها إلى الواجهة من جديد، بعد أن بدأ جيش الاحتلال عملية عسكرية جديدة أطلق عليها اسم 'السور الحديدي' يوم الثلاثاء أدت لاستشهاد 10 فلسطينيين وإصابة 40 آخرين. ودفع الجيش فجر اليوم الأربعاء بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة جنين ومخيمها.
وأكدت مصادر في جنين أن غالبية القتلى هم من المدنيين.
وأعلنت 'كتيبة جنين' التّابعة لسرايا القدس عن تفجير عبوة ناسفة أرضية من نوع ( kj37) بناقلة جند إسرائيليّة في 'طلعة الغبز' موقعين قتلى وجرحى في صفوف الجنود.
وقال الاحتلال إن قوات كبيرة ستشارك في عملية 'السور الحديدي'، بما في ذلك الوحدات الخاصة و'الشاباك' و'حرس الحدود'، 'وستستمر العملية طالما كان ذلك ضرورويًا'.
وتعتبر جنين أكبر مدن محافظة جنين، وتقع شمال الضفة الغربية التابعة للسلطة الفلسطينية. تبعد المدينة مسافة 75 كيلومترا عن القدس من ناحية الشمال، وتطل على غور الأردن من ناحية الشرق، وتقع على السفح الشمالي لجبال نابلس على الجانب المطل على مرج بن عامر.
وجنين مدينة قديمة أسسها الكنعانيون، وقد دخلت تحت الحكم العثماني في القرن السادس عشر، ثم الحكم المصري لفترة وجيزة خلال القرن التاسع عشر، بعد أن نجح إبراهيم باشا ابن والي مصر محمد علي باشا في طرد العثمانيين منها.
وفي القرن العشرين، خضعت المدينة للانتداب البريطاني، ثم غادرها الإنجليز في عام 1948، وهو العام ذاته الذي شهد اعلان قيام دولة إلاحتلال.
وفي عام 1949، آلت المدينة إلى حكم الإدارة الأردنية، ودخلت هي وباقي أنحاء الضفة الغربية في اتحاد مع المملكة الأردنية الهاشمية. وفي عام 1964، أصبحت مركزا للواء جنين التابع لمحافظة نابلس.
بقيت المدينة تحت الحكم الأردني حتى احتلالها من قبل إسرائيل خلال حرب عام 1967.
استمر ذلك الوضع حتى عام 1995، عندما خضعت مدينة جنين لإدارة السلطة الفلسطينية التي تأسست عام 1994 بموجب اتفاق غزة-أريحا. وقد أصبحت مدينة جنين منذ ذلك الحين مركزا لمحافظة جنين.
جنين: المخيم
تأسس مخيم جنين عام 1953 ضمن حدود بلدية جنين، ويقع حاليا ضمن مساحة من الأرض تبلغ 0.42 كم مربع.
ينحدر سكان المخيم من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل، وكان الغرض من إنشائه هو إيواء الفلسطينيين الذين نزحوا خلال الحرب التي استمرت من عام 1948 إلى عام 1949 في أعقاب إعلان قيام دولة الاحتلال.
ووفقا لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'أونروا'، فإن عدد سكان المخيم يبلغ 14000 نسمة في الوقت الحالي، يعيشون في تلك المساحة الصغيرة التي تقل عن نصف كيلومتر مربع.
يعمل العديد من سكان المخيم في القطاع الزراعي بالمناطق المحيطة بجنين، ويعاني المخيم من نسبة مرتفعة للغاية من البطالة.
وقد شهد المخيم الكثير من الصراعات المسلحة، مثله مثل باقي الأراضي الفلسطينية، خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى عام 1987 والثانية عام 2000.
ولربما كان الحدث الأبرز الذي شهده المخيم هو حصار قوات الاحتلال له في أبريل/نيسان عام 2002، والذي وصفه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بـ 'جنين غراد'، نسبة إلى حصار مدينة ستالينغراد الروسية التي صمدت أمام الحصار الألماني الطويل لها خلال الحرب العالمية الثانية.
وبعد سلسلة من التفجيرات التي نفذها فلسطينيون – العديد منهم من جنين – داخل إسرائيل، شنت القوات الإسرائيلية اجتياحا شاملا فيما عرف بـ 'معركة جنين'، مما أسفر عن إستشهاد ما لا يقل عن 52 فلسطينيا ومقتل 23 جنديا إسرائيليا. وقد استمرت العملية 10 أيام.
وتقول الأمم المتحدة إن العملية، التي أطلقت عليها الاحتلال اسم 'السور الواقي'، أسفرت عن تدمير 150 بناية، في حين أصبح العديد من المباني الأخرى غير صالح للعيش فيه، وهو ما أدى إلى أن أصبحت حوالي 435 عائلة بلا مأوى.
بي بي سي