في لقاء حواري عقده حزب الاتحاد الوطني
الصبيحي: الضمان آمٍن مالياً ويحتاج إصلاحات تشريعية وسياساتية
قال خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي إن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تمثل قصة نجاح لواحدة من أهم مؤساتنا الوطنية في المملكة، وأنها عبر مسيرتها التي ناهزت (47) عاماً كانت ولا تزال تُموّل نفسها بنفسها، وستبقى كذلك إذا عزّزنا حوكمتها وأحكمنا تشريعاتها، وصوّبنا بعض سياساتها.
وأضاف، في لقاء حواري عقده حزب الاتحاد الوطني الأردني في مقرّه بعمّان وأداره المحامي طارق أبو الراغب، بأن المؤسسة حقّقت فوائض مالية تأمينية تراكمية من الاشتراكات منذ بدء تطبيق قانون الضمان بلغت حوالي ( 8.3 ) مليار دينار، لكن الفوائض التأمينية بدأت بالتراجع بسبب ارتفاع النفقات التقاعدية الناتج عن ضغط الإحالات المُفرٍطة على التقاعد المبكر التي شهدها القطاع العام خلال السنوات الست الأخيرة، إذ شكّلت نفقات مؤسسة الضمان في العام 2024 حوالي ( 86 % ) من إيراداتها التأمينية. فيما كانت قبل عشر سنوات ( في العام 2014) لا تشكّل أكثر من ( 63 % ) من الإيرادات.
وأشار إلى أن الدراسات الإكتوارية التي تجريها المؤسسة مرة كل ثلاث سنوات تهدف للوقوف على الوضع المالي للمؤسسة ونظامها التأميني على المدى المتوسط والبعيد، لضمان استمرارية النظام والملاءة المالية للمؤسسة وقدراتها على الإيفاء بالتزاماتها المتنامية تجاه المنتفعين بفاعلية وارتياح. مؤكّداً بأن مؤشّرات التعادل الثلاث التي تكشفها الدراسات الإكتوارية عادةً ليست حتمية الحدوث، بقدر ما هي مؤشّرات تنبيه لأصحاب القرار وصانعي السياسات لاتخاذ ما يلزم من إجراءات وإصلاحات تضمن بقاء الوضع المالي لمؤسسة الضمان في دائرة الأمان والاطمئنان. مؤكّداً بأن قانون الضمان نفسه يعتبر أحد أهم ضمانات عدم الوصول حتى إلى نقطة التعادل الأولى بين الإيرادات التأمينية (الاشتراكات) والنفقات من خلال نص المادة ( 18/ج) من القانون.
وقال الصبيحي بأن الحكومة ومؤسسة الضمان اليوم ملزمتان بإدخال إصلاحات على قانون الضمان في ضوء ما ستكشف عنه الدراسة الإكتوارية الحادية عشرة المرتقبة من مؤشّرات، والتي أتوقع أن يكون مؤشّر التعادل الأول ما بين الإيرادات التأمينية والنفقات خلال العام 2031 أو 2032.
وقال بأن ما هو أهم من تعديل قانون الضمان هو تصويب عدد من السياسات والممارسات التي تشكّل تحديات أمام الضمان ومن أهمها: التهرب التأميني الذي تصل نسبته إلى حوالي 22% من المشتغلين في القطاع المنظم. وعدم شمول سوى نسبة بسيطة من العمالة غير الأردنية بالضمان لا تزيد على ( 15%). وضعف العائد على استثمار أموال الضمان الذي لا يتراوح حول ال ( 5%). والإحالات القسرية إلى التقاعد المبكر التي شملت عشرات الآلاف من موظفي القطاع العام. وضعف حوكمة مؤسسة الضمان وعدم وضوح المسؤوليات والصلاحيات بين أجهزتها ومجالسها المختلفة التأمينية والاستثمارية. إضافة إلى تحدّي تطبيق التأمين الصحي الاجتماعي. وتحدي ضمان الكفاية الاجتماعية لمتقاعدي الضمان، وعدم قبول بقاء شريحة منهم تعيش حدود الكفاف والفقر.
وفيما يتعلق بالتعديلات المترتقبة على القانون، قال بأنه يتوقع أن تمس الموضوعات الرئيسة، منها التقاعد المبكر، ومن المتوقع أن يتم إلغاء للتقاعد المبكر وغالباً عن المشتركين الجٌدد، وقد يكون هناك رفع للسن ومدة الاشتراك عن فئات محددة من المشتركين. كما ستشمل التعديلات شروط التقاعد المبكر للعاملين في المهن الخطرة من خلال رفع السن مع زيادة مدة الاشتراك. إضافة إلى إعادة النظر بجدول المهن الخطرة في الأنظمة الصادرة بموجب القانون. وتعديل نسب الخصم من الراتب المبكر.
ومن التعديلات المتعلقة بتقاعد الشيخوخة، يُتوقّع رفع مدة الحد الأدنى للاشتراك لاستحقاق راتب تقاعد الشيخوخة.
وأيضاً من التعديلات المتوقعة ما يتعلق بشروط الشمول الإلزامي، وتوسيع قاعدة الشمول واستيعاب أنماط العمل المرن والعمل عن بعد وغيرها. والتوسع في فئات الاشتراك الاختياري.
كما المتوقع ان تشمل التعديلات إعادة هيكلة تأمين التعطل عن العمل، بمزيد من المحدّدات والضوابط، وإعادة تقييم مفهوم الحساب الادّخاري للمؤمّن عليه في صندوق التعطل عن العمل، وتعديل شروط استحقاق بدل التعطل للمؤمّن عليه الأردني وغير الأردني.
وقد تطال التعديلات معادلة احتساب راتب التقاعد من خلال إعادة النظر في بعض عوامل معادلة احتساب راتب التقاعد مثل متوسط الأجر الذي يُحتسب الراتب على أساسه لآخر عدد معين من الاشتراكات.
كما من المتوقع أن تعزز التعديلات شروط الاستحقاق لبعض المستحقين الورثة، وتغييرات إيجابية في بعض شروط استحقاق الأنصبة من راتب المؤمّن عليه أو المتقاعد المتوفّى، ولا سيما ما يتعلق باستحقاق الزوج نصيباً من راتب تقاعد زوجته المتوفاة.
ومن أهم التعديلات المتوقعة إعادة هيكلة مؤسسة الضمان وتنظيمها الإداري، حيث سيعاد النظر بالفصل الخاص بالتنظم الإداري لمؤسسة الضمان في القانون (الفصل الثاني المواد 8 - 18) تتعلق بمنح المزيد من الاستقلالية الإدارية للمؤسسة وفك التداخل في المسؤوليات والصلاحيات، وتغيير المسميّات، وأعتقد أنه سيتم الأخذ بمقترح مهم يتعلق بفك ارتباط المؤسسة بوزير العمل، والاستعاضة عن ذلك باستحداث منصب محافظ المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وهي فكرة حكيمة تحصر المسؤولية وتحددها وتشكّل أداة مهمة للمحاسبة والمساءلة.
وقد تشمل التعديلات أيضاً تغيير آلية منح الزيادة السنوية للمتقاعدين (زيادة التضخم).
أخيراً دعا الصبيحي الحكومة ومؤسسة الضمان قبل الشروع بتقديم مقترح مشروع معدل لقانون الضمان إلى إطلاق حوار اجتماعي موسع حول التعديلات المتوقعة وعدم التسرّع فيها من أجل إنضاجها على نار هادئة.
كما دعا إلى ضرورة تفعيل نص المادة ( 89/أ ) برفع الحد الأدنى لراتب التقاعد من أجل تحسين الحياة المعيشية لشريحة واسعة من متقاعدي الضمان، قائلاً بأنه لا يجوز أن ينتج عن النظام التأميني للضمان إثراء لبعض المؤمّن عليهم بحصولهم على رواتب تقاعدية باهظة، فيما نسمح بوصول البعض إلى حد الكفاف الاجتماعي والفقر بحصولهم على رواتب تقاعدية ضعيفة لا بل ومتدنيّة جداً لا توفر لأصحابها حد الكفاف، فضلاً عن حد الكفاية الاجتماعية. كاشفاً عن فئتين متناقضتين من متقاعدي الضمان حالياً؛ الفئة الأولى لحوالي (9.4%) من العدد التراكمي لمتقاعدي الضمان يتقاضون رواتب تزيد على (1000) دينار شهرياً وعددهم يصل إلى حوالي (36) ألف متقاعد. والفئة الثانية لحوالي (9%) من متقاعدي الضمان وعددهم يصل إلى حوالي (32) ألف متقاعد يتقاضون رواتب تقل عن (200) دينار شهرياً لتلامس خط الفقر المدقع، وهو ما يحتّم العمل فوراً إنقاذ هذه الفئة وتحسين ظروفها المعيشية ونقلها من مستوى الكفاف إلى مستوى الكفاية الاجتماعية.
وشهد اللقاء حواراً مكثّفاً من الحضور تناول معظم الموضوعات والأفكار المطروحة.