تقدمت إلينا إحدى طالبات الجامعة الأردنية وهي الطالبة رقم 0053670 صباح ابنة الشهيد العقيد الطيار ملوح أبو زيد الذي استشهد في جنوب المملكة أثناء الواجب الرسمي في العام 2003. وجاء باستدعاء الطالبة صباح : أنا إحدى طالبات كلية الآداب/ قسم اللغات سنة رابعة والدي تناثر جسده الطاهر في سماء الجفر فراح شهيدا بحادث انفجار طائرة حربية. والدي كان الحضن الدافي لي ولأشقائي الثمانية يغدق علينا من نبع حنانه وحبه الذي لا ينضب ، وكنا ننعم تحت جناحيه بالدفء وكانت تغمرنا السعادة والغبطة طوال الوقت مع خوفنا عليه من اللاعودة في كل مرة كان يودعنا بها ويطبع قبلاته الحارة على جباهنا. لم تستمر السعادة طويلا بل انقطعت فجأة عندما تحقق ما خشيناه حيث ودّعنا والدي بتاريخ 21/10/2003، ولم يعد بعدها حيا وقد احتسبناه شهيدا عنه الله تعالى فداء لتراب هذا الوطن الغالي ، وكم كان يتمنى أن يراني خريجة جامعية وأقسم أنها كانت هذه أمنيته وقد أفصح لي بذلك مرارا . ولو كان حيّاً رحمه الله ، لفعل المستحيل من أجلي. وتلخص أبو زيد قصتها الكئيبة والدموع تترقرق في عينيها: أنني أقف وحيدة في مواجهة قرارات الجامعة التي منعتني من التخرج قبل فصل دراسي فقط من إكمالي متطلبات الجامعة بسبب معدلي التراكمي. وتضيف : وبالرغم من مراجعاتي المتكررة وشرح ظروفي لإدارة الجامعة إلا أنني لم أجد أذناً صاغية ولا قلبا رحيما يعطيني ولو بصيص أمل بسيط بإكمال متطلبات تخرجي. وتتساءل أبو زيد : لا أعلم لماذا أصدر رئيس الجامعة د. خالد الكركي قراره بفصلي ، علماً بأنني درست على حساب المكرمة الملكية كابنة شهيد . ألا يشفع لي دم والدي لدى رئيس الجامعة الذي كثيرا ما يتغنى بالمناسبات الوطنية بالبطولات التي سطرها الجيش العربي وبدماء الشهداء التي هي عناوين انتصاراتنا؟ وتستطرد قائلة : إن هذا القرار جعلني تائهة لا أدري ماذا أفعل وطرقت كل الأبواب فوجدتها موصدة في وجهي (ولو أن ظروفي المادية تسمح بإكمال دراستي في جامعة خاصة لما تأخرت). وتختتم حديثها الممزوج بالمرارة والألم : أخيرا لجأت إلى صحيفة العراب نيوز التي تتسم بالجرأة والمصداقية ومساعدة كافة المواطنين الذين يطرقون أبوابها . ولذلك ، ومن على هذا المنبر الديمقراطي الحر ، الذي حدوده السماء ، أناشد جلالة الملك المعظم قائد الوطن الذي دأب على تكريم أبناء الشهداء في جميع المناسبات الوطنية وجعل لهم حالات استثنائية لمساعدتهم للتغلب على ظروفهم. ونحن في « العراب نيوز» إذ ننشر رسالة الطالبة صباح إلى كل من يستطيع تقديم المساعدة لها بعد أن شعرت بالفشل وداهمتها الخيبة وداستها قرارات الجامعة التي جارت عليها وعلى عدد كبير من طلابنا وطالباتنا ، وهذا ما لا يجدونه في جامعات خارج الأردن التي يجب أن تحتضن أبناءها وتحنو عليهم. صباح التي خسرت من عمرها سنينا بلا طائل وقد خابت آمالها وانطفأت جذوة العطاء فيها وتحطمت طموحاتها على صخرة القرارات التي أبعدتها عن معترك التعليم وستجعلها عالة على المجتمع الأردني بدلا من أن تكون لبنة قوية في بناء الوطن تنتظرها أسرتها بفارغ الصبر ولكنها ستستقبلها دون شهادة بعد أن خذلتها القوانين والقرارات الجامعية وجعلتها تشعر بالخيبة. صباح ، تلك الفتاة التي بعد أن بدأت حياتها مندفعة طموحة تنظر بعينيها البريئتين الى ما هو أبعد من الشهادة الجامعية الأولى ، وتحاول تعويض جزء من الخسارة التي أصابتها بوالدها الشهيد معتقدة أنها ستحقيق أمنيته وتكحل عينيها بشهادة وحفل تخرج مبهج لترضي تربته تحس أن الحياة توقفت تماما بذات الوقت الذي قرر فيه رئيس الجامعة الدكتور خالد الكركي فصلها. فهل من مجيب يعيد البسمة الى شفتي صباح وأسرتها بعد أن غشيت البيت والأسرة كلها سحابة حزن وكآبة قد لا تختلف كثيرا عن يوم وداع والدها الذي استشهد في سماء الوطن محلقا فوق ترابه.....؟!