حذرت قوى شبابية وطلابية وحزبية، من مغبة تفاقم ظاهرة العنف الجامعي داخل أسوار الجامعات وخارجها، داعية إلى عقد مؤتمر وطني عام لمناقشة الظاهرة والاعتراف بها رسميا، وإصدار قرارات حاسمة بشأنها.
وعزت القوى الشبابية، مسؤولية تزايد ظاهرة العنف الجامعي، إلى 'التدخل السافر' للأجهزة الأمنية في الشؤون الطلابية، وتراخي الحكومات المتعاقبة في معالجة الظاهرة، إضافة إلى 'السياسات الجامعية المعتمدة في القبول المرتكز إلى أسس جهوية'، بحسبها.
وأبدت هذه القوى مخاوفها من استمرار تنامي الظاهرة وتهديدها للأمن والسلم الاجتماعي، معتبرة أن غياب الحياة السياسية عن حرم الجامعات، وتقييد الحريات الطلابية والتعامل معها بعقلية 'عرفية أبوية'، أفضت إلى أشكال جديدة من العنف بلغت مرحلة 'القتل'.
وقال مسؤول القطاع الشبابي في حزب الوحدة الشعبية الدكتور فاخر دعاس، إن 'الأسبوعين الماضيين شهدا 14 مشاجرة في عدد من الجامعات الأردنية يمكن تسميتها بالمشاجرات الكبيرة'.
وأجمل دعاس تنامي الظاهرة بعدة عوامل متداخلة ومتشابكة، في مقدمتها التوسع في إنشاء الجامعات وتراجع مستوى الحريات وإمعان الحكومات المتعاقبة في 'تجاهلها' وغياب دولة القانون والمؤسسات عن محاكمة 'العنف'.
وقال 'لقد ولّد تقييد الحريات الطلابية وقبول الطلبة في الجامعات خاصة الرسمية على أساس جهوي مناطقي ولجوء الطلبة إلى حماية العشيرة، وغياب عقوبات رادعة بحق مرتكبي العنف أشكالا جديدة من العنف بلغت حد استخدام السلاح والقتل.'
كما أرجع دعاس نمو الظاهرة، إلى ضعف دور عمادات شؤون الطلبة وعدم فرض سيادة القانون ، والإبقاء على قانون الصوت الواحد في الانتخابات الطلابية التي من شأنها تعزيز الفئوية والجهوية.
واعتبر دعاس أن الخلل جاء أيضا في قرارت الدولة عند إنشاء الجامعات، التي كانت تهدف لتنمية المناطق والمحافظات بعيدا عن مراعاة المصلحة العليا للتعليم العالي أو مدى الحاجة إليه.
وأضاف 'نسمع عن حالات ترهل إداري صارخة في الجامعات الرسمية، فمثلا يجري الحديث عن 1500 موظف لا يعملون في إحدى جامعات الجنوب مصنفون على أنهم مزارعون.. هل يستطيع مسؤول إنهاء خدمات هؤلاء العاملين من الجامعة دون ردود فعل جهوية؟'
وتوافق مسؤول دائرة الشباب الديمقراطي الأردني (حزب الشعب الديمقراطي حشد) محمد زرقان، مع سابقه بالتحذير من مخاطر الظاهرة، محملا الأجهزة الأمنية 'وتدخلها السافر' مسؤولية رئيسية عن العنف.
وقال زرقان 'اليوم نرى الأجهزة الأمنية والحكومات المتعاقبة تحصد الثمار بعدما منعت الحريات الطلابية واستبدالها بنعرات وإقليميات وجهويات والحد من ممارسة الأنشطة اللامنهجية والتعامل بعقلية عرفية أبوية مع الطلبة على قاعدة الوصاية'.
وطالب زرقان بعقد ندوات متخصصة وفتح حوارات داخل الجامعات بمسؤولية وحرية، فيما دعا أيضا الى ضرورة تغيير المناهج الدراسية وتعزيز التعددية وإعادة النظر بأنظمة التأديب وأسس القبول الجامعي التي خلقت بيئة جامعية 'مشوهة' وفقا له.
كما انتقد زرقان نزع صلاحيات الاتحاد الطلابية والإبقاء على أنظمة انتخابية تعزز الفئوية.
من جهته، يرى رئيس اتحاد مجلس طلبة الجامعة الأردنية عبد السلام منصور أن السبب الرئيسي في ظاهرة العنف الجامعي هو 'تدخل الأجهزة الأمنية في شؤون الطلبة وإذكاء النعرات الإقليمية تارة والجهوية تارة أخرى'.
واستهجن منصور الأنظمة التأديبية في الجامعات عموما، مشيرا إلى أنها تتشدد في العقوبات الاكاديمية المتعلقة بالتقصير الدراسي لتصل الى مرحلة الفصل، فيما تتراخى في عقوبات العنف الجامعي التي تعتبر الأكثر ضرارا وإساءة لسمعة التعليم الجامعي.
وفي السياق، دعا منصور الجهات الرسمية والمسؤولة وعلى مستوى المرجعيات المختلفة في البلاد، إلى الحديث عن الظاهرة، وإيجاد 'ميثاق شرف لأبناء العشائر الاردنية والتوقيع عليه لوقف ظاهرة العنف ومعالجتها'، مطالباً بتغيير أسس القبول الجامعي التي تعزز المناطقية والجهوية.