صحيفة العرّاب

بوادر ازمة استقالات جماعية في صفوف الحمائم ما لم يتم فصل المكاتب الادارية تنظيميا عن شورى الجماعة

- المحرر السياسي - تعقد قيادات جماعة الاخوان المسلمين منذ الاسبوع الماضي اجتماعات متواصلة للوصول لتسوية وتوافق قبل انعقاد مجلس الشورى في غضون الاسبوعين القادمين, وهي الجلسة التي من المتوقع ان تكون حاسمة وتحدد مسار الجماعة للأعوام الثلاثة القادمة.

وتجري هذه اللقاءات بحضور لجنة المصالحة التي يبذل اعضاؤها جهودا حثيثة وبشكل يومي لحسم موضوع المكاتب الادارية والتي باتت تشكل العقبة الرئيسية الآن امام استمرار التوافق بين تيارات الجماعة.
ويؤكد مراقبون للمشهد الاخواني ان التأخر في حسم موضوع المكاتب الادارية سيتسبب في حدوث تعقيدات اضافية, حيث ان المكاتب الادارية انتخبت 12 عضوا لمجلس شورى جماعة الاخوان المسلمين- فلسطين (حماس), وهذا أدى الى انها اصبحت عمليا تحظى بتمثيل في مجلسين للشورى لجماعتين منفصلتين تنظيميا, وهو ما يعني ان الصقور نجحوا في فرض سياسة الامر الواقع بتأجيلهم المستمر لحسم هذا الامر, وهذا ما يساعدهم ويعطيهم نقاط قوة في حوارهم الداخلي حول هذا الموضوع. حيث انهم يرفضون اي حل يتم فيه اعفاء اي عضو من عضويته في مجلس الشورى, وهو ما يرفضه الحمائم اعلى اعتبار أن هذا الامر يعكس جوهر التداخل التنظيمي الذي يسعون لعدم حدوثه.
اللافت هو تطور الخلاف بين المقربين من حماس والصقور, وذلك على خلفية موافقة الصقور على إقالة زكي بني ارشيد من الأمانة العامة للحزب تحت ضغط الحمائم. هذا الخلاف نتج عنه غياب التنسيق بين التيارين رغم حساسية الموقف, وكذلك نتج عنه حدوث مجموعة من اللقاءات بين المقربين من حماس والحمائم, وذلك على امل الوصول لحلول وسط تجنب الجماعة حدوث خلاف جديد.
لقاءات الحمائم والمقربين من حماس والتي توقعت "عمون" انعقادها في تحليلها السابق طرح فيها المقربون من حماس حلا قد يشهد توافق الجميع عليه, وهو ينص على الغاء تمثيل اخوان الاردن في شورى حماس ( مما يعني عدم ترجيح كفة حماس الخارج على كفة حماس الداخل في مجلس الشورى المركزي لحماس ), بقاء وضع المكاتب الادارية لهذه الدورة كما هو, وعدم تمثيلها في شورى الاردن ابتداءا من مجلس الشورى القادم. هذا الحل الذي يضمن للصقور والمقربين من حماس الحصول على اغلبية صوت واحد في هذا المجلس تسبب في حدوث خلاف شديد داخل تيار الحمائم بين موافق ومعارض, إلا ان الخلاف الاكبر داخل تيار الحمائم حدث في جلستهم الاخيرة نهاية الاسبوع الماضي, والتي هاجم فيها احد قيادات الحمائم الطريقة التي انتهى فيها موضوع الأمانة العامة لحزب جبهة العمل الاسلامي, وهاجم بالتحديد نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين د.عبدالحميد القضاة متهما اياه بالتنازل كثيرا عن ما تم الاتفاق عليه لصالح زكي بني ارشيد , وذلك بعد ان بادر القضاة بالطلب من زكي بني ارشيد تقديم استقالته بدل ان تتم اقالته, وكذلك فعل آخر عندما عاتبه على طلبه من مجلس الشورى تفعيل مبادرة الاصلاح الداخلي مجددا وبدءها باسقاط الشكوى المقدمة بحق زكي بني ارشيد وانهاء قضيته كليا. القضاة الذي لم يرد على الانتقادات ترك الاجتماع بعد دقائق من بدايته, ولم تنفع محاولة المراقب العام السابق الشيخ سالم الفلاحات لإعادته للاجتماع. الاجتماع انفض على رفض اقتراح المقربين من حماس والالتزام بالقرار السابق للحمائم والقاضي بالفصل الفوري وحسم موضوع المكاتب نهائيا.
 
قيادات الاخوان من حمائم وصقور تنافست خلال الاسابيع الماضية وبشكل ملفت للنظر على التصريح بشكل مستمر ان الجماعة لا تشهد خلافات داخلية, وان الحديث عن استقالات وانسحابات غير صحيح, وان ما ينشر في الصحف هو محض خيالات اعلامية. إلا ان مصادر مقربة تجزم ان الخلاف وصل حدا لم يعد يجدي معه التكتيم الاعلامي, وان موضوع الهوية التنظيمية اصبح يشكل نقطة خلاف جوهرية حاليا بين تياري الصقور ومعه المقربون من حماس الموافقين على ازدواجية تبعية المكاتب, وبين تيار الحمائم المصر على الالتزام الكامل بقرار مكتب الارشاد العالمي وتحديد مرجعية واحدة للمكاتب الادارية. وفي هذا الاطار اكدت مصادر مقربة من تيار الحمائم ان استقالات اعضاء تيار الحمائم سيتم وضعها امام المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين د.همام سعيد حال اقرار مجلس شورى الاخوان المسلمين لأي قرار غير الفصل التام بين التنظيمين والغاء تمثيل المكاتب الادارية في شورى جماعة الاخوان المسلمين في الاردن.
المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين د.همام سعيد, والذي شهد له كثيرون بأنه ادار جلسة الشورى الاخيرة بحنكة و موضوعية ممتازة, يقود حاليا فريقا من الصقور يسعى لانهاء هذا الخلاف وتجنب استقالة الحمائم, هذا الجهد يواجهه فريق آخر اقصائي يدعو (لطرد) الحمائم من الجماعة و أن (باب المركز العام بيطلع ألف). جهود المراقب العام التوفيقية, ولو انها جاءت متأخرة بعد وصول التأزيم أشده, رافقها متاعب جديدة برزت في وجهه واشتكى منها "فضيلته" لكثير من المقربين, حيث ان قراره الاخير برفع رواتب بعض اعضاء المكتب التنفيذي لألف ومئة دينار لاقى اعتراضا شديدا من بعض القواعد وصلت حد تقديم طلب من بعض الشعب لاطلاعها على مصاريف المكتب التنفيذي وميزانية الجماعة. وكذلك الشكوى التي قدمت بسبب اجراء التعيينات الجديدة داخل الهيكل التنظيمي للجماعة دون اجراء مقابلات والتعيين على اسس جديدة لم تعمم على المتقدمين كما جاء في الشكوى. المراقب العام الذي يحاول الآن اعادة الود للعلاقة مع المقربين من حماس, بادر قبل ايام بالطلب من المكتب التنفيذي للجماعة ان يسقط محاكمة زكي بني ارشيد, وهو الأمر الذي قد يلطف الاجواء بين الصقور والمقربين من حماس, لكنه في المقابل سيؤدي لتأزيم جديد مع الحمائم.
أما فيما يتعلق بحماس, فلم تعرف بعد توجهات المكتب السياسي الجديد , الا ان التنافس الشديد الذي جرى في انتخابات رئاسة المكتب السياسي و تقارب الاصوات بين خالد مشعل و موسى ابو مرزوق انتهى لسيطرة الجناح المتشدد على مقاليد الحكم مرة أخرى في حركة حماس. حيث استطاع خالد مشعل ان يعيد محمد نزال للمكتب السياسي رغم عدم نجاحه في انتخابات الشورى, وذلك من خلال الصلاحيات الممنوحة لرئيس المكتب السياسي بادخال عضوين من خارج مجلس الشورى ليصبحوا اعضاء في المكتب السياسي. اللافت للنظر هو ابعاد اسامة حمدان عن عضوية المكتب السياسي, فيما اعتبرت إعادة دخول محمد نصر للمكتب السياسي الجديد من باب ايجاد تمثيل لكل التيارات في حماس داخل المكتب السياسي الجديد.
وفي موضوع جمعية المركز الاسلامي الخيرية, لازال المدعي العام يعمل على ملف القضية. و فيما يتوقع بعض المراقبون ان إحالة الملف لمحكمة امن الدولة اصبح مسألة وقت, لازال الصقور يعتبرون الموضوع مجرد فقاعة اعلامية انتهى استخدامها في وقتها, و ان لا محاكمات ستعقد لموضوع الجمعية. إلى ذلك, ذكرت تسريبات صحفية على قدر عال من الثقة ان النية لدى الحكومة تتجه لحل الهيئة الادارية الحالية لجمعية المركز الاسلامي الخيرية, وتعيين معالي د.محمد الذنيبات رئيسا جديدا لها, وكذلك حل مجلس ادارة المستشفى الاسلامي وتعيين مجلس جديد برئاسة د.عبدالحميد القضاة. هذه التسريبات جاءت في نفس الوقت الذي حلت فيه الحكومة مجلس ادارة مستشفى الاسراء, والذي كانت خلافات داخلية فيه في طريقها لأن تتسبب في عملية استحواذ على كل اسهم المستشفى من قبل احد الاطراف الخارجية.
جلسة شورى حزب جبهة العمل الاسلامي والتي ستعقد السبت القادم من المتوقع ان لا تشهد الكثير من النقاشات والخلافات, بحكم انها مخصصة بشكل رئيسي لانتخاب مكتب تنفيذي جديد بعد قبول استقالات الاعضاء السابقين. إلا ان اللفت للنظر هو تركز الخطاب الداخلي للحمائم والصقور على حث الجميع على الانضمام للحزب, وهو ما يعني ان العضوية سترتفع في الفترة القادمة تمهيدا وتحضيرا لانتخابات مجلس الشورى الجديد والتي ستتم بعد شهور.
أصوات كثيرة داخل الجماعة نادت خلال الاشهر الماضية بما سمته اعتزال الفتنة والانسحاب من الساحة حتى تنتهي الخلافات وتعود الامور لما كانت عليه قبل الانتخابات البلدية الاخيرة. "عمون" ومن خلال متابعتها المستمرة تستطيع القول ان فسيفساء العمل التنظيمي داخل جماعة الاخوان المسلمين اصبحت في تعقيدها تضاهي تعقيد الساحة الحزبية في لبنان. فالتيارات الداخلية كانت 3 حسب البعض, واربعة حسب البعض الآخر, ونحن هنا نضيف تيارا جديدا يمكن ان نصفه بالاقصائي .

خلاصة القول .. ان الاجتماع القادم لمجلس شورى الاخوان لابد ان تحسم فيه الهوية التنظيمية وتبعية المكاتب الادارية. وهي الجلسة التي قد تشهد اما عودة للتوافق واما استقالة للحمائم في حال اقر مجلس الشورى ازدواجية تبعية المكاتب. العالمون في بواطن الامور يضعون حملا ثقيلا على كاهل المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين, مؤكدين انه صاحب الصلاحية النهائية في الموضوع, وهذا يعني ان مستقبل الجماعة مرهون بقرار حكيم قد يعفي الحاضرين لجلسة الشورى من اجتماع ماراثوني زمنيا, ناري خطابيا في حال سحب المراقب العام هذا البند من جدول الاعمال وترك الامور كما اقرها المكتب التنفيذي السابق