صحيفة العرّاب

الأمن العام


عبد الوهاب المجالي

هذا المصطلح يحمل في طياته اسمى المعاني من الأمن والامان ، هو أمل وحلم شعوب الارض قاطبةً ، ومن يعمل للوصول الى هذا الهدف يقوم بعمل مقدس ويستحق منا كل محبه وتقدير واحترام، وأؤمن ان حاجة اي مجتمع للأمن كحاجته الى الماء والهواء وبدونه لامعنى لوجود شيء ، لهذا حمل جهازنا الشرطيّ هذا الأسم بكل معانيه وتجلياته وكان على الدوام محط رعاية واهتمام قادة الوطن منذ تأسيس الدوله.
لقد أناط القانون بجهاز الامن العام المحافظة على النظام والامن وحماية الارواح والاعراض والاموال وتنفيذ القوانين والانظمة بالاضافة الى واجبات اخرى،هذه الواجبات تنوء الجبال عن حمله ،والقوانين مهما بلغت شدتها لن تكون كافية لتحقيق هذا الهدف ،وهنا لابد من مزج بين كافة القيم والمعارف والعلوم الانسانية بكافة جوانبها الدينية والثقافية والاخلاقية والقانونية للوصول الى تلك الغاية وهذا ماسعت اليه الرسالات السماوية .
أكُنّ لهذه المؤسسة أرقى معاني المحبة والوفاء ،هي المدرسة التي نهلت من علومها اسمى معاني المعرفة والانتماء،والشجرة الطيبة الوارفة التي تفيأنا ظلالها وعلمتنا معنى الحياة، هي البيت الذي عشت فيه ثلاثة عقود وأكثر،فيه نشأت وفيه عملت مع الاخوة والاحبة ولي معهم اجمل الذكريات ، وبفضلها  تعرفت على الكثير من الشرفاء من ابناء الوطن.
هذه الجهاز يعني ليّ الكثير والذي لاأستطيع ان اجمله في سطور،لايمكن ان اقلل من دوره واهميته وهو ليس مسئولا عن السياسات الخاطئة ويتحمل المسؤولية من وضعها،  ولكيّ لانذهب بعيداً أجد أن من حقي وحق كل غيور أن نحافظ على منجزات الوطن ومن اهمها الامن العام الذي نمى نمواً طبيعياً على مدار عقود ومر في احلك الظروف واعقدها وتجاوزها بحكمة وصبر وإيمان،عمره بعمر الوطن ولديه كما هائلا من التجارب والخبرات التي يجب استثمارها والحفاظ عليها .
ولأن بعض مؤسسات الوطن قد تصاب بأمراض الادارة ،والنقد في هذه الحالة يوجهه الى المسؤول وليس المؤسسة والفرق شاسع بينهما فهي باقية وهم ذاهبون، ومعظم هذه الامراض مردها الى  الصلاحيات المطلقة الممنوحة للمسؤول الاول تجاه مرؤسيه ولأن القرارات تتخذ بصورة فردية يجب ان يتحمل المسؤوليه.
من الاهداف التي يسعى الامن العام لتحقيقها بث روح الظمأنينة بين المواطنين والسهر على راحتهم وهذا ماأكد عليه جلالة الملك باعتزازنا بالمفهوم الوطني المُشرق {   الشرطة في خدمة الشعب }،لا ان يكون مبعث قلق واستعداء للمواطن نتيجة قرارات غير مدروسة.

• جسور الثقة المراد مدّها مع المواطنين ضمن مفهوم الامن الشامل الذي تم تبنيه منذ فترة من الزمن، ولن تكون مقتصرة على المشاركة في الاتراح وتلبية الدعوات ضمن مستويات معينة فهذا فهم خاطىء، ويجب ان يكون محورها بحث هموم الناس وقضاياهم وإيجاد الحلول من خلال  مشاركة حقيقية مع كافة قطاعات المجتمع ولإيجاد القناعة لدى المواطنين أنهم شركاء أساسين في العملية الأمنية لتحقيق الشعار ان {   نجعل من كل مواطن خفيرا}   ولقد تجاوزنا مرحلة التنظير ويفترض ان لحظة العمل إنطلقت منذ طرح تلك المبادىء.

لقد اشار جلالة الملك الى {سمو رسالة هذه المؤسسة في خدمة الشعب وحماية الوطن وصون المكتسبات }   ونجاحها يكون بالعمل تحت القانون وسلطانه وضرورة خضوع الجميع لأحكامه {تأسيساً لدولة القانون}،لا أن تحل القضايا على حساب اي جهة لأن ذلك يعد خرقاً للقانون ، ولذلك تستحق هذه المؤسسة أن تكون في وضع قيادي أفضل يؤمن بتلك المبادىء وقادر على بلوغها.

عندما تناولنا تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان كان الهدف تحليل المعلومات الواردة فيه للوقوف على مسبباتها الحقيقية وتسمية الاشياء بأسمائها ،وأظهر التقرير عدم جدوى وصلاحية الاجراءات التي إتخذت لحل القضايا بدليل استمرارها،ومن غير المعقول ان نصف تلك التجاوزات بالفردية وهي بهذا الكم، مما يقتضي البحث عن حلول اخرى اجدى وانجع وأنفع ، وبالتالي لابد من ان تتحمل الجهة المسؤولة النتائج بكل جرأه.اي مؤسسة من مؤسسات الوطن هي بمثابة شجرة بحاجة الى  دعم ورعاية وتقليم لأن الغصن الجاف او المريض بحاجة الى ازالة كي لايصيبها بالكامل او يلحق الاذى بثمارها، والنتيجة اذا ما بقي الوضع على حالة ستبدو بصورة غير لائقة وتكون ثمارها مشوهة.

قبل عام ونصف وبعد اقل من شهر على تسلم هذه الادارة زمام الأمور اتخذ  قرار بقطع بعض الاغصان الحيّه، والاحتفاظ ببعض الاغصان الجافة التي تجاوزت عمرها المفترض لأعتبارات غير صحيحه،وحينها تدخل وزير الداخلية السابق وطلب التريث لعدم قانونية ومنطقية ذلك وأوقف القرار مؤقتاً،وبهذا لم تكن عادلة ولاشفافه مع من يعمل معها ،فكيف لها ان تكون مع المواطنين والامر لايحتاج الى برهان والمتابع يستخلص ذلك من صفحات الجرائد اذا مادقق في القرارات التي تتخذها!!!!!

• من الضروري ان يتصف المسؤولون بالخلق والادب والدين والعلم والمعرفة والضمير وقد يمتلك احدهم بعضها ،ومن المهم ايضاً أن يكونوا من القادرين على النهوض بالامانة وحمل المسؤولية ، فالاولى تصب في مصلحة الشخص نفسه والثانية بالاضافة الى ذلك ترتبط بمصالح الوطن ومن الضروري ايضاً ان نفرق بين الحالتين، ومن يمتلك الامرين بتفاصيلهما نادر الوجود في هذا الزمان.

تحية الى كل الاخوة الزملاء الذين اكنّ لهم كل مودة ومحبة وتقدير وكل عام وانتم بخير مع إطلالة ذكرى الثورة العربية الكبرى والاستقلال وعيد الجيش ، يامن نذرتم انفسكم انتم وإخوانكم في الاجهزة العسكرية لعلياء الوطن وكبريائه وسجلتم صفحات ناصعة البياض، ومزيداً من التقدم والازدهار في ظل راعي المسيرة.