صحيفة العرّاب

النسور.. حين ينكّت

 خالد ابو الخير
أراقب والابتسامة تعلو ثغري، التصريحات الاخيرة لرئيس الوزراء عبد الله النسور، ونكاته التي لا تضحك، حتى وإن ضحك عليها رهط من الذين لا تسمح مواقعهم الوظيفية والمجتمعية الا بالضحك، وخصوصا تلك التي يتعمد فيها الدخول في تفاصيل الفاصيل التي تخص المواطن، وأسلوب حياته، كتحديده ثلاثة أرغفة خبز للوجبة الواحدة في واحدة من نكاته، التي تترافق مع تحذيره من إفلاس الضمان عام 2048 بسبب التقاعد المبكر والتضخم الحاصل في الاقتصاد.
ما يدعو للابتسام وأحيانا التوجس ان نكات النسور ربما تصير واقعاً غداً، وتعكس نوايا، يخشى المواطن تبعاتها. خصوصا بعد الذي اختبروه منه في رفع اسعار المحروقات والكهرباء.
فنكتة النسور مثلا عن الأرغفة الثلاثة ، التي جاءت أثناء تناوله الطعام مع اللجنة المشتركة لقانون الضمان الاجتماعي، رافقها حديث له عن ضرورة عدم التبذير في استخدام الخبز، على مرمى حجر من البدء بالبطاقة الممغنطة لهذه السلعة الإستراتيجية.
طبعا لم يفاجئني تحذير النسور من افلاس الضمان، فسياسات حكومته قامت وتقوم على تحميل المواطن اعباء اضافية، ولماذا لا يكون الضمان من ضمنها؟.
قبل عودة النسور الدراماتيكية إلى العمل السياسي كان اخر منصب شغله، اذا أسعفتني الذاكرة نائب رئيس وزراء في حكومة عبد السلام المجالي الثانية، نهاية التسعينيات، وهي الحكومة التي وضعت عينها على صناديق ادخار الشركات والنقابات، وحاولت السيطرة عليها. وكان النسور نفسه من ابرز المنظرين لهذا التوجه. بيد ان الرفض الشعبي أدى إلى تراجعها عن هذا القرار.
اسطوانة ان موجودات الضمان مهددة بناء على درسات اكتوارية لطالما سمعناها كمدخل لتعديل القانون، ولكن ليس مقبولا ان يكون ذلك التعديل دائما على حساب صغار المنتفعين من المؤسسة الوطنية، ويترك اصحاب الرواتب التقاعدية المهولة، ويبقى تقاعد الوزراء سارياً مدى العمر، حتى لو عملوا في المنصب لمدة ثلاثة ايام.
ومن القصص التي يتعين على القانون حسمها مسالة تحديد الراتب التقاعدي على اساس اخر خمس سنين بدلا من اخر سنتين. التي رفعت بطريقة غير مقبولة وليست منطقية، اذ كان مقبولا مثلا ان ترفع الى ثلاث سنين بدلا من خمس، فضلا عن الزيادات غير المقبولة على الرواتب التقاعدية، على اساس التضخم، لتصير ديناراً او دينارين على بعضها.
نعم ينصب اهتمام الرئيس النسور على تفاصيل التفاصيل، وهاجسه المديونية وعجز الموازنة، دون ادنى التفات الى عجز المواطن الذي بات علامة بارزة جداً.
قبيل رفع اسعار المحروقات اطلق النسور تحذيره بان الدينار الاردني مهدد.. والان يطلق تحذيره بخصوص الضمان.. وما يجمع بينهما ان ثمة اجراء يليهما.
لا شك ان النسور يمتلك العديد من المواهب لكن ليس منها اطلاق النكات السياسية، فنكتة الثلاثة ارغفة لا ترقى الى نكات رؤساء وزراء سبقوه، عرفوا بقدرتهم على اطلاق النكات التي تلقى قبولا من المواطنين، حتى لو لم تعجبهم.