لم أعد أشعر بالأمان بهذه العبارة بدأ احد معلمي مدرسة سلمان الفارسي في منطقة الشلالة حديثه بعد تعرضه للضرب مع ثلاثة من زملائه بعد انتهاء الدوام المدرسي الخميس الماضي.
واضاف ان واقع التربية في العقبة وبعض الاماكن اصبح مؤلما جدا فما ذنب المعلم اذا تم فصل طالب متسرب او مقصر وكيف يمكن للمعلم ان يقوم بواجبه وهو يشعر طوال الوقت بالتهديد.
وكان هذا المعلم قد تعرض للاعتداء هو وزميلان معه تصادف وجودهما معه من قبل احد الطلبة واقربائه واصدقائه.
ويقول معلمون رافقوا زملاءهم لمستشفى الاميرة هيا بنت الحسين إن ظاهرة الاعتداء على المعلمين بدأت تكرر كثيرا في العقبة, ووصل الامر العام الماضي بان دخلت إحدى الامهات الى مدرسة وهي تحمل سكينا تهدد به أحد المعلمين لضربه ابنها, اضافة الى حالات الاعتداء شبه اليومية التي يبدو ان الطلبة بدأوا يستعينون فيها بذويهم واصدقائهم.
ويقول معلمون: إن فقدان المعلم لصلاحياته حولته الى مجرد أداة تلقين أمام الطلبة بحيث يقوم بالقاء ما في جعبته.
ويحمل المعلمون المسؤولية للانظمة التي تساوي بين المعلم المربي والطالب المراهق, حتى في المراكز الامنية, فسحب رجل الامن للمعلم من مدرسته والتوجه به الى المركز الامني امام طلبته امر يمكن وقوعه ببساطة, متسائلين امام ذلك عن بقية الاحترام التي سيتركها هذا المشهد للمعلم وما يحمله من علم.
ويقولون ان اول خطوة في احترام العلم هي احترام صاحب العلم ومعلمة والعكس صحيح, وان احترام المعلم ليس هدفا ومصلحة للمعلم بحد ذاته انما هو هدف ومصلحة للطلاب اولا.
وقال احد المعلمين ان الثقافة السائدة في الاردن عامة والعقبة خاصة ان المعلم مجرد موظف يتلقى راتبا مقابل ما يفعله, مشيرا ان ذلك غير صحيح, فالمعلم مرب اولا وان ما يقوم به ابعد ما يكون عن الوظيفة بل هو دور يمكن ان يطيح بالمجتمع اذا فشل ويرتقي به اذا نجح.
وحول حادثة الخميس والتي جاءت وفق مصدر من مديرية شرطة العقبة على خلفية فصل احد الطلبة المتسربين من المدرسة قام مع عدد من اخوته واصدقائه بانتظار خروج المعلمين والاعتداء على ثلاثة منهم بالضرب.
ولا يزال المعلم يرقد في المستشفى بعد ان اصيب بكسر في الذراع ورضوض اما زميله الاخر فاصيب بضربة في منطقة الصدر وتكسير سيارته.
وطالب معلمون بتوفير الحماية للمعلمين صباحا وعند الظهيرة لان الامر وصل الى الخوف من الذهاب الى العمل. ووفق حديث لمدير تربية العقبة الدكتور جميل الشقيرات فان المعلمين طالبوا فور الحادثة بنقلهم من المدرسة والاصرار على عدم العودة اليها.
ومهما كان الثمن - يضيف الدكتور الشقيرات - فان هذا الامر يبعث على الاسف بان تصل الامور الى هذا الحد.
وقال ان المربي الذي يبذل من ذاته واعصابه وجهده ودمه لا يستحق مثل هذا التصرف, مشيرا ان الاستثناءات التي يمكن ان تقع من بعض المعلمين يمكن معالجتها بالطرق عبر وزارة التربية والتعليم نفسها
واشار ان العنف والاساءة ليست سبيلا خصوصا في القطاع التربوي مشددا على ضرورة ايجاد عقوبات رادعة تحمي المعلم واهمية اتخاذ اجراءات رادعة بحق المعتدين.
وقال دكتور علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية في العقبة فيصل مطالقة إن اسباب ما يمكن تسميته بظاهرة الاعتداء على المعلمين في الاردن انتشرت وازدادت في الفترة الاخيرة بشكل واضح.
واضاف يعود ذلك الى ثقافة المجتمع وضياعه بين ما يمكن تطبيقه من الطرق التربوية الحديثة وبين فكر المجتمع ذاته اضافة الى غياب التربية المنزلية التي تركز على احترام المعلم وتقديره
وقال سابقا كان المعلم صاحب مركز اجتماعي متميز لكنه اليوم مجرد شخص يقوم بالوقوف امام الطلبة ليقرأ عليهم شيئا ما.
واشار ان الصلاحيات التي كانت ممنوحة للمعلم سابقا جرى تقليصها. وقال إنه لا يعني بذلك ان يكون جلادا لكن القوانين والانظمة التربوية الحديثة والتغير المستمر فيها احدث ارباكا لدى المعلم والطالب ومفهوم الحقوق لدينا ضائع بين المحسوبية والجهوية.
وقال إن دعاة حقوق الانسان والطفل عرت المعلم وجعلته من دون حماية وهذا امر اثر على موضوع العدالة في تطبيق القانون وتنفيذه على الجميع وهو سبب اخر لانفلات الامور وخروجها عن نصابها الصحيح.
مشيرا ان العقاب هو الرادع الحقيقي لمثل هذه التصرفات ليكون هناك عبرة للاخرين اضافة إلى إعادة النظر في القوانين والانظمة المتعلقة بالمنظومة التربوية واختيار ما يتناسب مع مجتمعنا وثقافتنا, مشير أن غياب الرادع أوصل الامور لضرب الاستاذ الجامعي والطبيب والممرض وأن هذه القضية بحاجة لاعادة النظر ودراستها وايجاد الحلول المناسبة. العرب اليوم