راودتني فكرة إنشاء هيئة خيرية تعنى برعاية الطلاب الجامعيين الفقراء للواء ذيبان وذلك من وحي معاناتي الشخصية أثناء دراستي لمادة العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، وقد مررت بظروف الفقر القاسية التي يعاني منها طلاب اللواء الأشد فقرا في المملكة ، وكنت اطرق أبواب الحياة بحزن، وأعاني كي أتمكن من دفع الرسوم، واوجه غصة في الحياة ، واحمل هم دراستي اليومية، وكيفية تدبير الرسوم وأجور المواصلات.
وعندما وكلتني القاعدة الشعبية في لواء ذيبان بشرف التمثيل، حاولت ان أحقق حلمي بإنشاء هيئة خيرية متخصصة تعمل كمظلة لرعاية هذه الشريحة المعذبة في المجتمع ، والتي كنت في موقع أتاح لي الإطلالة على شدة معاناتها، وربما أنني احد أفرادها بأثر رجعي.
التقيت الملك عبدالله في اجتماع عام بالنواب، وكان يستمع اليهم باهتمام، ففاتحته بالفكرة، وانني أريد ان اوجد مظلة لأبنائنا الطلاب الجامعيين في لواء ذيبان، والذين يحلمون ان يواصلوا تعليمهم بظروف أكثر إنسانية... ارتاح جلالته للفكرة، وقد طلبت دعمه، وابدى استعداده الشخصي لذلك، وطلب من معالي امين عام الديوان الملكي ان يتواصل معي لانجاح الفكرة، وفي بحر الايام التي تلت ذلك اتصل بي معالي مدير مكتب الملك والتقينا لوضع الاسس العملية لتنفيذ الفكرة، وبعد نقاش استقر الرأي على ان تكون جمعية خيرية تحمل اسم الطالب الجامعي الفقير للواء ذيبان، وذلك كي يتسنى ايجاد قاعدة دعم مالي لها من خلال مساعدات الديوان الملكي.
وفعلا سرت باجراءات ترخيص الجمعية، وجرى انشاء جمعية خيرية متخصصة تحمل جوهر فكرة دعم الطلاب الفقراء ، وبعد حصولها على الترخيص اللازم اتصلت بمعالي امين عام الديوان الملكي، وذكرته بالوعد الملكي، وقد شهده بنفسه، وتم التواصل مع معالي مدير مكتب الملك على اثره ، فنوه لي الى ان متابعة الموضوع اصبحت من صلاحيات رئيس الديوان الملكي، فحاولت الاتصال بالرئيس الا ان ظروف دولته حالت دون التواصل معه فيما يبدو حتى التقيت به في مناسبة عامة، واخبرته بانني طلبت لقاءه منذ شهرين فأجابني بأنه يضطر الى السفر كثيرا فأخبرته انني لا اطلب لقاءا دون ضرورة، وفي صباح اليوم التالي اتصل بي مكتب دولته وضرب لي موعدا للقائه في مساء ذلك اليوم، وفعلا تم اللقاء وتناولت فيه موضوع الوعد الملكي بدعم جمعية الطالب الجامعي الفقير للواء ذيبان، وأكد لي دولته بأنه سيخاطب الملك في الموضوع، وسيصار إلى تنفيذ الوعد الملكي، ومرت الأيام والشهور ولم يحدث شيء.
اتصلت بمعالي مدير مكتب الملك وذكرته بلقائنا وان إنشاء هذه الجمعية تم بناء على اتفاق ثنائي، وان اجراءا لم يتخذ من جانب الديوان الملكي لإنجاح أهداف الجمعية التي أنشأت على خلفية الوعد الملكي، فأجابني معاليه أن أمرا ملكيا مكتوبا لم يصدر لهذه الغاية، فلفت نظره إلى أن 'كلام الملك' أكثر قيمة مما يقول، ويجب أن ينزل وعد الملك مكانه اللائق. .. عند ذلك انتهت قصة الديوان الملكي...
وانا أحاول منذ بداية تأسيس الجمعية والتي ناهزت على العام والى اليوم أن أوفر لها الدعم اللازم من خلال تبرعات القطاع الخاص، وأحاول ما استطعت إلى ذلك سبيلا أن ابقي هذه الجهة قائمة، وقادرة على التعامل مع معاناة الطلاب الجامعيين الفقراء في ذيبان.
وربما تأتي الظروف الأفضل ، وتتحول إلى مؤسسة حقيقية قادرة على الوصول الى الطلاب في صميم معاناتهم، والتي اعرفها عن قرب حيث أن بعض الطلاب تجري الملاحقات القضائية بحقهم بسبب فقرهم .
والجمعية تحاول أن تقوم بدور إنساني على صعيد تقليل معاناة هذه الشريحة من المجتمع، والتي تتعلق بطلب العلم.
إلا أن الوعد الملكي يظل معلقا في ذمة الحاشية والبطانة، والتي يجب أن تحافظ على سمعة الديوان الملكي، ومكانة الملك.
النائب علي السنيد