صحيفة العرّاب

خبراء: تنفيذ المشاريع الاستراتيجية يقلل الحاجة إلى المنح ويوسع فرص الاعتماد على الذات

أكد خبراء اقتصاديون أن تحقق المشاريع الاستراتيجية التي تعمل الحكومة على تنفيذها بالشراكة مع مؤسسات عالمية تجعل الاقتصاد الوطني أقرب ما يكون إلى الاعتماد على الذات خلال الفترة المقبلة.

 وبين الخبراء أن أهمية المشاريع تبرز لكونها تتعلق بالطاقة، في ظل ارتفاع سعر برميل النفط عالميا، الأمر الذي يسبب عجزاً في الميزان التجاري، وفي حال تنفيذ المشاريع تلك فإنها سترفد الخزينة بعوائد مهمة، ما يعني تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، وخفض نسبة البطالة والفقر في المملكة.
 
لكن خبراء آخرين أكدوا أن التوقعات بشأن هذه المشاريع مغرقة في التفاؤل وعدم الواقعية، ما يتطلب إعادة النظر بالسياسة الاقتصادية.
 
يشار إلى أن أبرز تلك المشاريع يكمن في الغاز، والصخر الزيتي، والكهرباء، وتحلية المياه والتنقيب عن الغاز وجر مياه الديسة وقناة البجرين.
 
وعلى سبيل المثال وقعت وزارة الطاقة والثروة المعدنية عقداً مع شركة بريتش بتروليوم البريطانية، التي ستقوم بالتنقيب عن النفط، والغاز المتواجد في حقل الريشة بالنيابة عن الحكومة وصاحب الامتياز (شركة البترول الوطنية) لتقوم بتسويق الغاز محلياً وعالمياً على أن تتقاسم العوائد مع الحكومة بعد استرداد الكلف وبنسبة 50% للحكومة و50% لصاحب الامتياز.
 
وأكد نائب رئيس الوزراء الأسبق، جواد العناني، أهمية وجود مشاريع استراتيجية كبرى للمملكة، تجعلها أقرب ما يكون إلى الاعتماد على ذاته، من خلال التصدير، مع التأكيد على اختيار المشاريع بشكل مناسب، مثل مشاريع الغاز والصخر الزيتي، والكهرباء وتحلية المياه.
 
وبين العناني أن المشكلة الأكبر التي يعاني منها الاقتصاد الأردني في الوقت الحالي تكمن في ارتفاع أسعار الطاقة، بما يسبب عجزا كبيرا في الميزان التجاري، في حين أن المشاريع الاستراتيجية ستحقق فوائد سياسية واقتصادية واجتماعية.
 
ولفت إلى أن أي مشاريع تتعلق بالطاقة ستعمل على توزيع المدخلات، فالحكومة تملك شركة البترول الوطنية على سبيل المثال، وأي أرباح تحققها الشركة تذهب إلى الحكومة بالمحصلة النهائية.
 
وستبدأ المرحلة الأولى من الأعمال التي ستنفذها "بريتيش بتروليوم"، بعد إجازة قانونها من قبل البرلمان في دورته المقبلة، والتي تشمل أعمالاً استكشافية متنوعة تمتد على مدى 3 إلى 4 سنوات قابلة للتمديد سنة أخرى بموافقة الحكومة.
 
بدوره، قال وزير الاقتصاد الأسبق، سامر الطويل، إن الحكومات تبني بالعادة آمالها على توقعات متفائلة فيما يخص الفوائد للاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل، ما يفرض على الحكومات إعادة النظر بالسياسة الاقتصادية وترتيب البيت الاقتصادي بناء على أسس واقعية، بخاصة ان المشاريع الاستراتيجية مبنية على أساس أسعار المحروقات والتقلبات في الأسعار العالمية.
 
 وذكر الطويل أن المبالغ التي يتم الاتفاق عليها مع الشركات لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية قد لا تأتي دفعة واحدة، وفي حال وصلت هذه المبالغ فيكون لها ترتيب معين، في ظل الحقائق المالية الصعبة، والتي تفرض إعادة النظر بالسياسة الاقتصادية بشكل عام.
 
ويقدر الحد الأدنى للاستثمار في المرحلة الأولى من مشروع التنقيب عن الغاز من قبل بريتيش بتروليوم بنحو 237 مليون دولاراً وفي حال اثبتت الشركة وجود الغاز بكميات تجارية فإنها ستدخل في مرحلة التطوير بكلفة 8 إلى 10 بليون دينار، في الوقت الذي يقدر فيه حجم الإنتاج ما بين 330 مليون قدم مكعب الى بليون قدم مكعب يومياً.
 
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، قاسم الحموري، أشار إلى أن هذه المشاريع الاستراتيجية رأسمالية كبيرة، وهي استخراجية مثل الغاز والبترول والفوسفات، والتي تحقق عائداً كبيراً للدولة، بحيث تلجأ الحكومة إلى التعاقد مع شركات كبرى لاستخراج هذه الموارد، مقابل الحصول على نسبة معينة من الإيرادات كما حصل في مشروع الغاز.
 
ولفت الحموري إلى أن هذه المشاريع تعمل على تخفيض العجز في الميزان التجاري، نتيجة للإيرادات التي تذهب إلى الموازنة، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من هذه الإيرادات مستقبلاً.
 
وفي حال إنتاج النفط فسيتم تقاسم العوائد بنسبة 55% للحكومة و45% لصاحب الامتياز، ويتقاسم صاحب الامتياز شركة البترول وبريتش بتروليوم فيما بينهما الربح بالتناسب مع كمية الإنتاج وبنسبة تتراوح بين 1% الى 10% حسب معدل الإنتاج اليومي.
 
وفيما أوضح العناني أن المملكة ستبقى بحاجة إلى المساعدات من الجهات المانحة، في حين أن الدخل الذي سيعود من هذه المشاريع سيمنح الممكلة نوعاً من الاستقلالية، خاصة أن كثيراً من هذه المشاريع ستكون متعلقة بالطاقة، ذكر الحموري أن المشاريع تحقق فوائداً للاقتصاد بشكل عام بتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، بسبب الإيرادات المكتسبة للخزينة، بالإضافة إلى التقليل من نسب البطالة نتيجة التشغيل المباشر في هذه المشاريع أو في المشاريع المتولدة عنها.
 
وتقوم شركة بريتش بتروليوم بموجب الاتفاقيات الموقعة مع الحكومة بدفع مبلغ 20 مليون دولار منحة للحكومة عند نفاذ قانون التصديق على الاتفاقية، بينما تستمر شركة البترول الوطنية في هذه المرحلة في أعمال الإنتاج وإدارة الحقل وتحتفظ بالإنتاج ولغاية 50 مليون قدم مكعب يوميا وهي أقصى طاقة للمنشآت القائمة، على أن تتقاسم شركة البترول الوطنية عوائد بيع الغاز مناصفة مع الحكومة.
 
وستدفع شركة بريتش بتروليوم للحكومة منحة مقدارها 30 مليون دولار عند اتخاذها القرار النهائي بالاستثمار بعد توقيع اتفاقيات بيع الغاز.