صحيفة العرّاب

قرار "الزراعة" بتصدير الاغنام .. استهتار بالحكومة قبل المواطن

في الوقت الذي يواجه فيه المواطنون ارتفاعا حادا في أسعار السلع والمنتجات والخدمات ، وبينما يطالب جلالة الملك من الحكومة وضع آلية فعالة لمواجهة ارتفاع الأسعار، فقد قامت وزارة الزراعة بالسماح بتصدير (15) ألف رأس من الأغنام الحية المحلية إلى السوق السعودي ، ولا نعرف ما الحكمة من وراء ذلك خصوصا وان السوق المحلي يواجه نقصا شديدا في هذه السلعة منذ أشهر مرورا بالفترة الزمنية التي تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، والكل يعرف متطلبات هذا العيد واحتياجات السوق المحلي من الأغنام المخصصة للأضاحي والتي تم السماح بتصديرها!

لو كان الاردن ينتج كميات كبيرة من الأغنام الحية تكفي حاجة السوق المحلي ويفيض منها ما يستدعي تصديرها للخارج لكانت فكرة التصدير مقبولة جدا في هذه الحالة، ولكانت فكرة التصدير داعمة لأوضاع منتجي هذه الأغنام وداعمة لصادراتنا الوطنية وبالتالي داعمة لاقتصادنا الوطني، لكن أن تختار وزارة الزراعة هذه الظروف غير الملائمة لتصدير هذه المنتجات فأمر يسترعي التوقف عنده كثيرا لأسباب عديدة في مقدمتها:
 
1. أن مجرد سماح وزارة الزراعة بتصدير الأغنام الحية في أوج حاجة السوق المحلي الشديدة لها إنما يعني مخالفة صريحة للتوجهات الملكية السامية القاضية بضرورة إيجاد حلول لأزمة ارتفاع الأسعار التي تواجه المواطنين، وإلا فكيف يحدث ارتفاع الأسعار؟ فهل ترتفع الأسعار من تلقاء ذاتها؟ ألا يحدث ارتفاع الأسعار في ظل هذا النوع من الإجراءات الخاطئة كإجراءات وزارة الزراعة وما يشابهها ويماثلها من الإجراءات الأخرى؟
2. في الوقت الذي طرحت فيه الحكومة فكرة إنشاء الشركة الوطنية للأمن الغذائي كذراع للحكومة في إيجاد توازنات في العرض والطلب وإيجاد منافسة نزيهة في عرض المنتجات وصولا لأسعار عادلة ومعقولة، فكانت إحدى توجهات الحكومة في هذا المجال هي ضرورة مسارعة هذه الشركة باستيراد الأغنام الحية المعدة للأضاحي، لذا فإن قيام وزارة الزراعة بالسماح بتصدير الأغنام الحية المحلية إنما يعتبر من قبيل استهتار وزارة الزراعة بالتوجهات الحكومية التي دفعتها نحو تأسيس الشركة الوطنية للأمن الغذائي.
 
3. إذا كان هدف وزارة الزراعة هو تحسين حالة المزارعين ومربي الثروة الحيوانية، من خلال السماح لهم بتصدير منتجات مزارعهم من الأغنام، فإن السوق المحلي يواجه نقصا شديدا وحادا من هذه الأغنام وهو ما دفع أسعارها للارتفاع الحاد في الأشهر الأخيرة وسيستمر هذا الارتفاع حتى حلول عيد الأضحى المبارك وما بعد عيد الأضحى، وهو ما يخدم مصالح منتجي الأغنام المحلية الحية تلقائيا دون الحاجة إلى تصدير منتجات مزارعهم من الأغنام الحية إلى السوق السعودي.
 
4. من الخطأ الفاحش أن ينظر إلى موضوع تصدير الأغنام الحية من زاوية واحدة وهي زاوية مصالح المزارعين، بل ينبغي أن ينظر إليها من زاوية أكثر شمولا وهي زاوية المواطنين كافة وبمجملهم خصوصا وان تغذية هذه الأغنام تتم على حساب سلع مدعومة من المال العام ومن الخزينة وهي مادتي النخالة والشعير، وبالتالي فمن غير المعقول السماح بتصدير منتجات محلية مدعومة ماليا من الخزينة.
 
5. إن السماح بتصدير هذه الأغنام إنما ينم عن تضارب في سياسات الحكومة وبرامجها بدلا من تكاملها وانسجامها مع بعضها البعض، فبينما تنهج الحكومة مسار مكافحة الغلاء تنشز وزارة الزراعة عن هذه القاعدة، وإذا كان هدف وزارة الزراعة هو تحسين أوضاع المزارعين فهناك ميادين واسعة وفارغة يمكن لوزارة الزراعة أن تملأها وتعمل فيها كضرورة السماح بتصدير المنتجات الزراعية الأخرى كالفواكه والخضروات التي بمعروضها في الأسواق المحلية وفرة كبيرة جدا إلى حد أنها لا تغطي أثمان العبوات التي توضع فيها، فيا ترى أين تغيب وزارة الزراعة عن هذه الميادين والحالات؟ أليس من واجبها خدمة المزارعين في هذه الحالات الحرجة التي تواجههم؟ أم أن وزارة الزراعة تتقن عملية الإستقواء على المواطنين بإمعانها في إيذائهم من خلال السماح بتصدير المنتجات الزراعية حينما يعاني معروضها من شح شديد وبالتالي ارتفاع أسعارها الحاد في الأسواق المحلية ليقال أن وزارة الزراعة تقف وراء خدمة المزارعين؟
 
6. من المؤكد أن من يقومون بتصدير هذه الأغنام الحية إلى الأسواق الخارجية هم تجار وليس مزارعين مما يعني أن المستفيد من عمليات التصدير هم التجار وليس المزارعين، فهل مصالح المصدرين والتجار فوق مصالح المواطنين؟. بقلم \ بسام الكساسبة