صحيفة العرّاب

7ر83 مليون دينار حجم الاستثمارات العراقية في المملكة العام الحالي

كشفت دراسة ان حجم الاستثمارات العراقية في الاردن بلغ خلال العام الحالي 83,7 مليون دينار مقارنة مع 79,4 لنفس الفترة من العام الماضي ، مبينة ان اغلب الاستثمارات العراقية تتركز في قطاع الخدمات ويصل حجمها الى 448 مليونا ، وقطاع الزراعة 252,9 مليون ، وكذلك في قطاع الصناعة 117,5 مليون ، وفي قطاع التجارة 105,9 مليون ، وفي المقاولات 15,6 مليون.

واعلنت الدراسة التي تنشر "الدستور" ابرز تفاصيلها ان هناك اكثر من 1200 موظف اردني يعملون في استثمارات عراقية تركزت جلها في قطاع الخدمات وابرزها السياحة والفندقة.

واكدت الدراسة التي جاءت بعنوان "المشاركة الاقتصادية للعراقيين في الاردن" من اعداد الباحثة العراقية الدكتورة سلام سميسم ان الاستثمارات العراقية تتصدر قائمة الشركات الاستثمارية المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة للسنة الخامسة على التوالي.

اشارات اقتصادية

ولفتت الباحثة سميسم في دراستها الى عدة نقاط هامة في الواقع الاقتصادي للعراقيين في الاردن ، مشيرة الى ان البنك المركزي الاردني لم يمنح اي مصرف عراقي خاص اذن التأسيس والعمل في الاردن (كادارة عامة) ، ولكن التواجد المصرفي العراقي يتم من خلال فروع لهذه المصارف على اساس ان تكون اداراتها في العراق وفروعها المهمة والعاملة بنشاط في عمان ، فيما ما زالت البنوك الاردنية "متحفظة" في سياساتها الائتمانية تجاه العراقيين (القروض ، التسهيلات ، فتح الاعتمادات ، ... الخ).

واشارت الدراسة الى ان اصحاب الشركات الاردنية لا يوظفون العراقيين الراغبين في الهجرة الى بلد ثالث (كونه يمثل فرصة ضائعة حيث يستفيد من التدريب ثم يسافر فيخسر المشروع كلفة تدريبه) ، مبينة ان المستثمر العراقي في الاردن يمارس ويشرف على استثماراته شخصيا مما يسهم في نجاح هذه الاستثمارات ورعايتها بشكل افضل ، فيما لفتت الدراسة الى انه من التشديدات التي تواجه العراقيين عدم اعتبار العراقي المقتني دارا في الاردن مواطنا مقيما ، عكس ما يحدث في مصر وسوريا ودبي والشارقة.

واشارت الباحثة في دراستها التي اعتمدت في معلوماتها على مصادر اعلامية وصحافية عربية ، الى ان العراقيين كانوا قد تصدروا قائمة المستثمرين في الشركات المسجلة في الاردن العام الماضي باجمالي استثمارات بلغ 71 مليون دينار موزعة على 728 مستثمرا ويليهم البحرينيون ثم الاماراتيون ثم السعوديون ثم المصريون بحسب التقرير السنوي الصادر عن دائرة مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة.

بيئة استثمارية ناجحة

وأرجعت الباحثة اسباب نجاح الاستثمار في الاردن الى انه يمثل بيئة ملائمة للاستثمار لعدة اسباب تتركز على: الاستقرار الامني الذي يمتاز به المناخ العام بالاردن ، لا سيما اجواء العملية السياسية وصنع القرار ، اضافة الى النظام الليبرالي الذي يسود البلاد ، وحزمة القوانين الداعمة للاستثمار التي تحظى بها العملية الاقتصادية في الاردن ، الى جانب تمتع المملكة بشبكة متطورة من البنى التحتية والهياكل الارتكازية.

وعن اسباب لجوء رأس المال العراقي تحديدا للاردن ، وكذلك الشركات ومستثمرو المنطقة الحرة ، ارجعت الباحثة ذلك الى ثلاثة اسباب ، اولها ان رأس المال "ذكي وليس جبانا" ، وبالتالي فهو يبحث عن الفرص الاجدى اقتصاديا والاكثر ربحا والاوفر حظا في النجاح ، وثانيها أن الاردن دولة تمتلك مقومات النجاح للمستثمر لاسيما العراقي فبالنسبة له تكاد تكون الوحيدة من دول الجوار التي تفتح ابوابها مع كل ماتمتلك من امكانات الاتصال بالعالم الخارجي ، ناهيك عن عوامل التشابه في اللغة والدين والعادات... الخ ، وثالث هذه الاسباب وفق الدراسة ان الاردن ومع كم المؤهلات التي يمتلكها من ميزة الموقع الجغرافي مع تطور المفاصل الحضارية فيه ، ومن تغلغل العولمة الى حياته الاقتصادية ، جعل الاقتصاد الاردني يمثل فسحة للاقتصاد العراقي او منفذا رئيسا له للتعامل مع الخارج اقتصاديا. وانعكس ذلك بشكل جلي على القطاع المصرفي العراقي الذي اصبح تعامله مع الخارج يتم بواسطة عمان في حلقة لابد منها مع الحالة النمطية التي يعاني منها القطاع المصرفي العراقي ولاسيما النشاط الخاص مع كل القيود والمثبطات المفروضة عليه والمعترضة مسيرته في بلده العراق.

الهجرات العراقية

وعرضت الدراسة لمحة تاريخية حول الهجرات العراقية الى الاردن ، التي بدأت بشكل مستمر منذ عام 1958 وحتى يومنا الحالي ، ولاسباب عدة من ابرزها القرب الجغرافي ، والتقارب الاجتماعي للبلدين والامتدادات العشائرية ، الى جانب الانفتاح الاقتصادي الذي تتمتع به المملكة ، مشيرة الى ان اشكال التواجد الاقتصادي العراقي تندرج ضمن تصنيفين: المساهمات المادية Visible وتكون على شكل سلع (من خلال عمليتي الاستيراد و التصدير) ورؤوس اموال ، وغير مادية "خدمات" Invisible:رؤوس اموال بشرية ، عمال مهرة وغير مهرة.

ولفتت الدراسة الى ان ابرز موجات الانتقال كانت تلك التي حدثت بعد حرب الخليج الثانية وقرار الامم المتحدة بفرض الحصار الاقتصادي على العراق عام 1991 وما تلاه ، والثانية منذ الاحتلال الامريكي 2003 والى الان.

وبينت الباحثة في حديثها عن طبيعة الهجرات العراقية ، ان اهم سمات المرحلة الاولى انها كانت لعراقيين فارين من الاضطهاد السياسي والقهر الاقتصادي وتدهور سعر الصرف للدينار العراقي مقابل الدولار ، ولذلك فان المراقب يمكن ان يميز ان المهاجرين انذاك كانوا من اساتذة جامعيين ومهندسين واطباء ونخب باحثة وثقافية ، فضلا عن مجموعات من طالبي اللجوء ، ومن الملاحظ ان حركة رؤوس الاموال العراقية انذاك كانت تأخذ شكلا محدودا يقتصر على التحويلات من العراقيين في خارج العراق الى الداخل ، وبذلك كانت عمان محطة للتحويلات العراقية من والى العراق. وبالتالي فان المهاجرين العراقيين انذاك كانوا يطلبون على العموم فرصا للعمل وبحثا عن فرص بديلة عن تلك التي افتقدوها في بلدهم العراق ، وهذا امر يقود كذلك الى عدم اقتصار العمالة على الماهرة منها حصرا بل هنالك العمالة غير الماهرة ايضا والتي غزت سوق العمل الاردنية وبات مألوفا ان ترى الباعة العراقيين يفترشون ارصفة وشوارع عمان سعيا لطلب الرزق.

اما المرحلة الثانية فهي فترة ما بعد 2003 ، والتي اتسمت بحالة اخرى ، وهي ان أغلب المهاجرين كانوا من اصحاب رؤوس الاموال والاساتذة الجامعيين ، ورجال الاعمال ، على عكس ما كان سائدا ، اذ تم رحيل الكثير من العمالة العراقية غير الماهرة ، اما بعد حصولهم على فرص اللجوء الانساني للدول المانحة او لرجوعهم الى العراق ، في وقت شكل تواجد النخب المذكورة انفا طابعا مميزا لنوعية التواجد العراقي في الاردن ، لاسيما مع تزايد الوضع المرتبك في العراق وتحديدا في الملف الامني وانتشار العنف السياسي الذي بات يتخذ اشكالا عدة كان اهمها العنف الطائفي وبالتحديد تلك الفترة التي تلت 2006 والى ,2008