صحيفة العرّاب

ضغوط نيابية لتغيير الحنيطي..تنقلات رؤساء الجامعات تثير جدلا في الأوساط الأكاديمية

أثار قرار مجلس التعليم العالي الاخير بشأن اجراء تنقلات بين رؤساء جامعات رسمية والتجديد لآخرين تجاوزت أعمارهم سن السبعين قدرا متزايدا من الجدل, ووضع علامات استفهام حول مغزى هذا الاجراء ودلالته وتوقيته.

 في أحسن الاحوال لا يمكن فصل القرار عما يجري من صدامات ومناكفات بين النواب ورؤساء الجامعات حول الخدمات التي يطلبونها من تعيينات وترقيات لأقارب لهم, فطبيعة العلاقة التي تحكم الطرفين هي ذات العلاقة التي تشكلت بين الحماة والكنة والتي لا يمكن ان تستقر أو تهدأ طالما أن الكل يبحث عن مصلحته.. فالنواب يقولون انهم يتعرضون لضغوط من قبل قواعدهم الانتخابية ورؤساء الجامعات يؤكدون أن أوضاع جامعاتهم لا تسمح.
 
وهذا ما أكدته مصادر رسمية ان وزير التعليم العالي د. عمر شديفات تعرض خلال الفترة الماضية لضغوط كبيرة من قبل بعض النواب لتغيير رؤساء جامعات رسمية ومن بينهم د.عبد الرحيم الحنيطي بسبب رفضه تعيين أقارب لهم - النواب - في الجامعة الهاشمية غير ان د. شديفات فضل اجراء مناقلات محدودة بين عدد من رؤساء الجامعات تلافيا لأية مشاكل قد تحدث خاصة وان الحكومة على أبواب التعديل الوزاري.
 
وخلال الشهر الماضي أيضا كان التعليم العالي يتعرض الى محاكمة علنية من قبل النواب رضخت معها الحكومة الى معظم الاحكام الصادرة حتى أنها راحت تشكل لجانا لاعادة النظر في الاستراتيجيات والخطط الموضوعة سابقا, بغض النظر ان كان النواب على خطأ أم صواب في تقديم آرائهم حول هذا القطاع الحيوي.
 
وقال رئيس جامعة رسمية فضل عدم ذكر اسمه لـ العرب اليوم ان القرار الذي اتخذه وزير التعليم العالي وليس المجلس هو قرار سياسي بامتياز وليس أكاديميا كما يتصور البعض, فما جرى خلال جلسة مجلس التعليم العالي أمس الاول يمثل انتهاكا خطيرا للقرار الاكاديمي الذي نناضل من أجل استقلاليته لكن للأسف التعليم العالي يسير نحو الهاوية يوما بعد آخر.
 
وأضاف متسائلا الى متى سيبقى مجلس النواب سيفا مسلطا على رقابنا.. فاما ان تعين لهم كل أقاربهم واما ان تكون مهددا بالفصل من رئاسة الجامعة.
 
في نهاية التسعينيات وبداية عام 2000 كان الاسلوب الدارج في اقالة رؤساء الجامعات الحكومية يختلف تماما عما هو علية الان.. في الماضي كانت أسس التغيير تعتمد على ما ينجزه رئيس الجامعة أو ما يمكن ان يقدمه خلال فترة رئاسته الا ان هذا الاسلوب تبدل, فبعد عام 2004 أصبحت ( لغة التغيير) أو النقل تطارد الجميع بصرف النظر عن حجم الانجازات التي تحققت.
 
أثناء حكومة فيصل الفايز تم اقالة 7 رؤساء جامعات دفعة واحدة ومن دون سابق انذار حتى ان وزير التعليم العالي آنذاك طلب منهم جميعا تقديم استقالاتهم قبل انعقاد جلسة مجلس التعليم العالي بساعتين مما أثار غضب الجميع.
 
الحكومة تتحدث اليوم عن ثورة في التعليم العالي ستطال كافة المؤسسات الجامعية, من شأنها تغيير الصورة النمطية عن الجامعات الاردنية في الداخل والخارج وانها ليست ديوانا للتوظيف انما مركز تعلم وبناء قدرات لأجيال المستقبل, لكن يبقى السؤال, كيف يمكن فهم قرار مجلس التعليم العالي الاخير الذي شمل رؤساء جامعات لم يمض على تعيينهم سوى سنة واحدة فقط, ولم يتمكنوا من تنفيذ الاستراتيجية التي مصدرها الثورةالتي تتحدث عنها الحكومة وطالب جلالة الملك عبد الله الثاني بوضعها في أكثر من مناسبة.
 
قرار التمديد لبعض رؤساء الجامعات أمر يمكن فهمه, لكن ما يثير الاستياء والقلق في نفس الوقت ان يتم التمديد لرئيس جامعة خارج الجامعة التي تعين فيها وهذا الامر يفهم من زاويتين, اما ان هناك عدم رضا عن أداء من نقلوا وهذا ما نفته وزارة التعليم العالي, أو ان هناك تدخلات من خارج الجسم الاكاديمي تفرض شروطها كيفما تشاء, الى جانب ان ما جرى كان مرفوضا من جميع رؤساء الجامعات الرسمية, فقد علمت العرب اليوم ان رئيس جامعة اليرموك د. محمد أبو قديس الذي نقل الى جامعة الطفيلة التقنية خلفا للدكتور سلطان أبو عرابي احتج بقوة على قرار تعيينه قائلا منذ متى صار رؤساء الجامعات مثل مدراء المدارس يتم نقلهم في أي وقت.
 
وأكدت المصادر أيضا ان وزير التعليم العالي د. شديفات أبلغ د. أبو قديس القرار قبل بدء جلسة مجلس التعليم العالي بعشر دقائق مما جعله يغضب ويذهب الى قاعة المجلس قبل ترؤس الوزير الجلسة ويحتج أمام عدد كبير من أعضاء المجلس.
 
في ظل أجواء كهذه لا يمكن للتعليم العالي أن يتطور أو تقوم له قائمة, فالى جانب قانون الجامعات الرسمية الذي يسمح بتغيير رئيس الجامعة في أي وقت, الفقرة الاولى من المادة السابعة من قانون الجامعات الاردنية الرسمية لسنة 2001 تقول يكون لكل جامعة رئيس متفرغ لادارتها يعين بارادة ملكية سامية بناء على تنسيب من المجلس لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة, فيما أكدت الفقرة ج من نفس المادة تنتهي خدمة الرئيس بانتهاء مدة تعيينه وحال انهاء خدمته بتعيين بديل له ويجوز له في جميع الاحوال ان يستمر في اشغال رتبة الاستاذية في الجامعة وبأعلى مربوط.
 
لذا كيف يمكن لرؤساء الجامعات العمل في اطار المادة ج التي تؤكد على اقالة الرئيس في اي وقت في حال وجد البديل.
 
السؤال الجوهري ما هي الاسس التي تعتمد عليها الحكومة عند تغيير أو نقل أي رئيس جامعة, فما يجري في الجامعات الاردنية اليوم لا يبشر بخير بسبب التدخلات والضغوطات التي تمارس عليهم كل يوم من قبل النواب وغيرهم. العرب اليوم