كشف محلل سياسي إسرائيلي بعض خفايا محادثات الخط الساخن لاتصال هاتفي جرى مؤخراً بين الرئيس الأميركي، ورئيس إقليم كردستان في العراق. وتضمنت تحليلاته "تلميحات يهودية" بوعود أميركية سرية لدعم "نشوء دولة كردية مستقلة" في المستقبل، شريطة أن يلتزم البارزاني الآن التعهدات الأميركية بالبقاء ضمن العراق الفيدرالي.
وقال المحلل السياسي إن ما جرى في المكالمة يؤكد أن براغماتية واشنطن يمكن أن تجعلها تتجاوز بعض "مبادئها" وتجري اتصالات مع معارضي حكومة تدعمها هي أصلا، وأوضح أن ذلك مرتبط بالحرص فقط على المصالح الأميركية المهددة بالضياع!.
ويقول زفي بارعيل في تقرير نشرته صحيفة هاآرتس اليهودية: إن مسعود البارزاني، رئيس إقليم كردستان، يمكن أنْ "يُسرّ"!. فلعشر دقائق، والرئيس الأميركي باراك أوباما، يحاول إقناعه -على الهاتف- بذرائعه لجانب ضرورة دعم قانون الانتخابات العراقي. وقد حدث ذلك برغم أن نائب الرئيس جو بايدن كان في وقت سابق قد تحدث مع البارزاني، بينما تحدث معه أيضا وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس خلال زيارته لأربيل، عاصمة كردستان. ولكن لم يكن هناك شيء أحسن من ((محادثات بين رئيسين لمعالجة خلافات ما بطريقة آخر الدواء الكي))، بحسب تعبير المحلل السياسي الإسرائيلي. ويقول بارعيل إن اوباما احتاج الى البارزاني كي يحسم موضوع قانون الانتخابات، فيكون ممكناً البدء بتنصيب حكومة مستقرة في العراق، ومن "النوع" الذي يسمح للولايات المتحدة بإرسال قواتها الى أفغانستان. وجدول انسحاب القوات الأميركية من العراق "محدد" و"وقته ضيّق" ولابد من سحب قوة كبيرة حتى شهر آب المقبل.
محلل هاآرتز يؤكد أن الرئيس الأميركي ألزم نفسه بإرسال 30,000 جندي للمرة الثانية الى أفغانستان، وأية معرقلات بسبب الوضع الأمني العراقي، ستوقف العملية برمتها. ويبدو أن البارزاني فهم أهمية طلب أوباما فوافق على دفع البرلمان الى تمرير قانون الانتخابات. وفي هذه الأثناء سافر وفد كردي كبير الأسبوع الماضي الى واشنطن لإجراء مباحثات مع مسؤولين أمريكان وعقد اجتماعات مع الأكراد المنفيين. ويتوقع زفي بارعيل أن البارزاني سيُدعى الى واشنطن ليجتمع مع أوباما. ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي تحت عنوان فرعي في تقريره ((حقوق الشعب الكردي)): يقول البارزاني أنه سمع بياناً سياسياً فريداً من أوباما. وأعلن بعد المكالمة لمن حوله: ((أن أوباما أشار الى حقوق الشعب الكردي، ووعد بدعم تطبيقها)). لكن البارزاني لم يعط المزيد من التفاصيل، ولا أحد حتى الآن -الكردي أو الأميركي- بدأ يتحدث عن "دولة كردية مستقلة"! ويقول المحلل أن البارزاني من جهته يعمل الآن على الالتزام -حيال واشنطن- بالمحافظة على إبقاء الإقليم الكردي جزءاً من العراق الفيدرالي، لكنّ ملاحظاته الأخيرة، وحواره مع أوباما تسبب في سريان قشعريرة في كل من تركيا والعراق، وبالنسبة للحكومة المركزية في بغداد، فهي مستاءة لأنها تعارض الدعم الأميركي لكردستان.
الأكراد من جهتهم -يؤكد زفي بارعيل- تمول الميليشيات الكردية "البيشمركة" من ميزانية الدفاع العراقية. وهم يريدون تطبيق الفقرة 140 من الدستور، لكي يضمنوا "مستقبل" المدينة المتنازع عليها "كركوك". وبشكل خاص، يبحثون عن الدعم الأميركي للصفقات النفطية الكردية التي أبرموها مع الشركات الأجنبية.
وتقول صحيفة هاآرتس الإسرائيلية إن تدخل أوباما في حل الأزمة السياسية في العراق، لهو مؤشر آخر على واشنطن -عندما تكون المصالح الأميركية مهددة بالضياع- فإنها مستعدة لتجاوز عدد من "المبادئ". وتتحدث مع المنافسين السياسيين لحكومة حليفة في بلد آخر. وهذا ما يحدث أيضا في أفغانستان، ولذلك فإن الحكومة المنتخبة هناك غير قادرة على تنفيذ مهامها. ويؤكد بارعيل أن واشنطن راغبة في عقد اتفاقات مع الزعماء العشائريين هناك. والشيء نفسه يصح بسبب نفوذ الأكراد السياسي. إن براغماتية أوباما، أو سياساته العملية في العراق، كما يرى المحلل السياسي الإسرائيلي، تثير التساؤل: لماذا لا تكون هذه السياسة مناسبة للنزاع العربي-الإسرائيلي؟. وعلى سبيل المثال: لماذا لا تحاول الإدارة الأميركية حل النزاع بين فتح وحماس، لمعرفة ما إذا كانت مصالح حماس تلتقي مع فتح؟. وهذا سوف ينهي مأزق العملية الدبلوماسية. ربما لأنها تجد أن مشاكل العراق أكثر أهمية في المنطقة.