قالت لجنة المتابعة للحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة " ذبحتونا " ان هنالك فارقا كبيرا بين القدرة على تسويق بضاعة وبين أن تستطيع صنع بضاعة جديدة منتقدة بذلك الاجراءات المتبعة في الجامعة الاردنية فيما يتعلق بالانتخابات الطلابية.
واشارت في بيان صادر عنها الاحد ان إدارة الجامعة نجحت في التسويق لوجود " عملية ديمقراطية متميزة " إلا أنها فشلت - أو لم ترغب - في خلق عملية ديمقراطية حقيقية .
وبينت : إن ما يحدث في جامعاتنا هو انعكاس لما يجري في مجتمعنا الأردني ، فالحكومات المتعاقبة لم يكن لديها النيّة مطلقاً في خلق تنمية سياسية حقيقية ، بل عملت بكل الوسائل على تهميش القوى السياسية وتكريس العشائرية بنظام الصوت الواحد سيء الصيت .
وتابعت : وهذا ما ينطبق على جامعاتنا التي تختلف إداراتها في كل شيء إلا أنها تتفق جميعها على ضرب الحركات الطلابية وأي محاولة إصلاح ديمقراطي حقيقي داخل أسوار الجامعات الأردنية .
ودعت الحملة كافة الهيئات من أجل ممارسة الضغط على إدارات الجامعات ومجالس الأمناء من أجل تغيير كافة الأنظمة والقوانين والتعليمات التي من شأنها عرقلة النهوض بالجامعات والطلبة وتخريج أجيال قادرة على تحمل مسؤولياتها في عملية بناء الوطن وليس أجيال خائفة وغير قادرة على الإبداع .
وتاليا نص البيان :
تابعت لجنة المتابعة للحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة " ذبحتونا " انتخابات اتحاد طلبة الجامعة الأردنية ونظراً لما تمثله هذه الجامعة من ثقل كونها أول جامعة أردنية تم تأسيسها وأكبر جامعة من حيث عدد الطلبة والموازنة والموارد المالية ، والجامعة الوحيدة التي تقع في قلب العاصمة ، ولأن ما يحدث في الجامعة الأردنية ينعكس مباشرة على باقي الجامعات ، إضافةً إلى أنها الأكثر تأثراً وتأثيراً في الشارع العام والمجتمع ما يجعلها محط أنظار كافة المهتمين من إعلام ومثقفين ومنظمات ، نظراً لكل هذا ، فقد قامت الحملة بقراءة انتخابات اتحاد طلبة الجامعة في محاولة للوقوف أمام إيجابيات وسلبيات هذه التجربة الديمقراطية من أجل النهوض والارتقاء بهذه التجربة وتعزيزها بالقوانين والإجراءات .
إن هذه القراءة لانتخابات اتحاد الطلبة تهدف إلى الإجابة على أهم معيقات نجاح التجربة الديمقراطية في الجامعة الأردنية بشكل خاص والجامعات الأردنية بشكل عام ، ومدى جدية إدارات جامعاتنا الأردنية في إنجاح هذه التجربة .
أولاً : نظام الانتخابات في الجامعة الأردنية :
اعتمدت إدارة الجامعة الأردنية نظام الانتخاب الكامل لكافة مقاعد اتحاد الطلبة ابتداءً من عام 2008 بعد ثماني سنوات على اعتماد نظام تعيين نصف أعضاء الاتحاد ، وذلك في خطوة اعتبرت آنذاك نقلة نوعية نحو تعزيز الديمقراطية في الجامعة ، إلا أن اكتفاء إدارة الجامعة بهذا التعديل وعدم إلحاقه بتعديلات أخرى أكثر جوهرية ( إلغاء نظام الصوت الواحـد ، اعتماد التمثيل النسبي تدريجياً ، السماح بتشكيل القوائم الطلابية ، إعادة النظر بنظام التأديب ... إلخ ) فرّغ هذه الخطوة من أهميتها وما تم التعويل عليه من جدية في طرح نموذج ديمقراطي حقيقي .
إلا أن الأمر الأكثر خطورة في تعليمات اتحاد طلبة الجامعة هو تقسيم الدوائر الانتخابية الذي اعتمد إعطاء كل قسم مقعد واحد ، بغض النظر عن عدد الطلبة في هذا القسـم ، وإعطاء كل كلية (3) مقاعد بحد أدنى ، خلافاً للنظام المعمول به سابقاً والذي يعتمد إعطاء مقعد لكل (500) طالب .
جدول رقم ( 1 ) مقارنة عدد مقاعد التزكية والتنافس بين العام الماضي وهذا العام
2009 2008
عدد المقاعد الكلية الفرع الرئيسي (( عمان )) 89 83
عدد مقاعد التزكية الفرع الرئيسي (( عمان )) 24 14
عدد المقاعد التنافسية الفرع الرئيسي (( عمان )) 60 65
نسبة عدد المقاعد غير التنافسية إلى المقاعد الكلية الفرع الرئيسي (( عمان )) 33% 21,7%
عدد المقاعد الكلية / العقبة 15 لا يوجد
عدد المقاعد التزكية / العقبة 15 لا يوجد
نسبة عدد المقاعد غير التنافسية إلى المقاعد الكلية فرع العقبة 100% لا يوجد
جدول رقم (2)
مقاعد التزكية في الجامعة الأردنية الفرع الرئيسي (( عمان ))
الكلية / القسم عدد المقاعد عدد طلبة القسم / الكلية
كلية التأهيل 4 609
كلية الحقوق 3 1262
كلية الطب 3 1547
كلية الرياضة 3 674
قسم الاقتصاد الزراعي 1 208
الفيزياء 1 431
علم نفس تربوي 1 120
فلسفة 1 114
لغة فرنسية 1 267
موسيقى 1 35
دراسات دبلوماسية 1 27
ماجستير دراسات إسلامية 1 26
المعهد الدولي لتعليم اللغة العربية 3 30
جدول رقم (3) مقاعد التزكية / فرع العقبة
إدارة أعمال 40 1
إدارة المخاطر 16 1
المحاسبة 40 1
إدارة السياحة 25 1
إدارة الطعام والشراب 2 1
إدارة الفنادق 18 1
كلية تكنولوجيا المعلومات 65 3
العلوم البحرية 25 3
اللغات 71 3
المجموع 302 15
ويمكن تسجيل الملاحظات التالية على الجدولين :
1_ لقد أدى تقسيم الدوائر بهذه الطريقة إلى جعل ثلث مقاعد الاتحاد فرع عمان محسومة قبل إجراء الانتخابات ( 29 مقعد من 89 أي بنسبة 33% من إجمالي المقاعد ) وهو رقم ضخم جداً ، فكيف يمكن أن نتحدث عن ممارسة ديمقراطية في الوقت الذي تحسم فيه نتائج ثلث المقاعد ، وإذا ما أضفنا مقاعد فرع العقبة الذي حسمت كافة مقاعده بالتزكية فنحن أمام 44 مقعداً لم يتم إجراء انتخابات بها من أصل 104 مقاعد فإن النسبة سترتفع إلى 42% من المقاعد . إن هذه الطريقة في حسم المقاعد حرمت الطلبة من أن يكون اتحاد الطلبة ممثلاً وانعكاساً فعلياً لإرادة الطلبة وهذا الحسم المسبق للنتائج لم ينتج عن اتفاق بين القوى الطلابية أو نتيجة تفرد قوة طلابية على حساب باقي القوى ، بل جاء نتيجة لتقسيم الدوائر غير القانوني الذي قامت به إدارة الجامعة – سنأتي على التفاصيل لاحقاً – أي أن إدارة الجامعة قامت بتقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة حسمت فيها نتائج ثلث المقاعد مسبقاً .
2_ كما أدى هذا التقسيم إلى عدم حصول انتخابات في فرع العقبة حيث تم حسم كافة المقاعد ألـ (15) بالتزكية .
3_ يظهر عدد طلبة الأقسام والكليات وتوزيع المقاعد في فرع عمان حجم الظلم الواقع في هذه الجامعة ، فعلى سبيل المثال : كلية لا يتجاوز عدد طلبتها ألـ (30) طالب (المعهد الدولي لتعليم اللغة العربية) تم تخصيص ثلاثة مقاعد لها أي بمعدل مقعد لكل عشرة طلاب ، فيما نرى أن قسماً مثل قسم المناهج التربوية يبلغ عدد طلبته (1348) أو الهندسة المدنية (1216) يخصص له مقعد واحد فقط على الرغم من أن عدد طلبته يبلغ أكثر من مائة ضعف من عدد طلبة المعهد الدولي لتعليم العربية !! .
4_ أما في فرع العقبة فقد وصلت المهزلة إلى أبعد من ذلك ، فقد تم تخصيص مقعد لقسم لا يتجاوز عدد طلبته (2) فقط لا غير ، وقد كان الأجدى بإدارة الجامعة أن تخصص مقعداً واحداً لكل كلية في هذا الفرع كونه تأسس هذا العام ولا يتجاوز عدد طلبة الفرع كاملاً ألـ (302) طالب وطالبة ، على أن تتم الزيادة التدريجية في عدد مقاعد الاتحاد في هذا الفرع في الأعوام القادمة بحسب الزيادة في أعداد الطلبة .
ثانياً : المشاركة الطلابية في الانتخابات :
وتشمل حجم مشاركة الطلبة في الانتخاب والترشيح ، في شق الترشح يمكن ملاحظة ما يلي :
1_ انخفاض عدد المرشحين في هذا العام عن العام الماضي ، حيث ترشح لانتخابات العام الحالي في فرع عمان (323) مرشحاً مقابل (357) مرشحاً للعام الماضي .
2_ زيادة المقاعد التي حسمت بالتزكية والمقاعد التي لم يترشح لها أحد مقارنة بالعام الماضـي ، حيث حسمت نتائج (24) مقعد في عمان ولم يترشح أحد في (5) مقاعد بمجموع (29) مقعد مقابل (18) مقعد في العام الماضي .
ويتضح من البندان (1 ، 2 ) أن هنالك عزوف عن المشاركة في العملية الانتخابية على مستوى الترشيح رغم ما تحاول إدارة الجامعة أن تروجه من أجواء ديمقراطية داخل الجامعة .
أما على مستوى التصويت ؛ فإننا نلحظ أن نسبة المقترعين بقيت حول ألـ (60%) للعام الثاني على التوالي (59%) للعام الماضي و (61,2%) لهذا العام ، ما يشير إلى استمرار عزوف الطلبة عن المشاركة في الانتخابات الطلابية ، حيث ما يزال (40%) من الطلبة يمتنعون عن المشاركة في الانتخابات ، وإذا ما أضفنا الطلبة في الدوائر التي حسمت بالتزكية ، فنحن أمام نسبة تزيد على ألـ 50% من الممتنعين عن المشاركة في الانتخابات ( عدد المقترعين لهذا العام بلغ 19367 طالب وطالبة من أصل 37716 ). علماً بأن انتخابات اتحادات الطلبة بشكل عام تكون نسبة التصويت فيها عالية وعادة ما تتجاوز ألـ 75% ما يشير إلى حجم امتناع طلبة الجامعة عن المشاركة في العملية الانتخابية ترشيحاً وتصويتاً .
كما يمكن الإشارة إلى أن نسبة المشاركة في الكليات الإنسانية أقل من الكليات العلمية (52,5% ، 69,7% على التوالي ) كما أن أقل نسبة اقتراع كانت في تخصص التسويق بنسبة 37,6% ، فيما كانت أعلى نسبة في تخصص الأراضي والمياه / زراعة بنسبة 85,3% .
ثالثاً : العملية الانتخابية ونتائجها :
اتسمت انتخابات هذا العام بالنزاهة والشفافية في الاقتراع والفرز والنتائج ، وهذه السمة تتميز فيها انتخابات الجامعات الأردنية تاريخياً ، ويعود ذلك لصغر حجم الدوائر الانتخابية وحدوث الفرز في نفس قاعة التصويت مما يخفف من احتمالية التلاعب بالنتائج ، كما اتسمت هذه الانتخابات باستمرار السماح بالشعارات واللافتات العشائرية على الرغم من المشاجرات التي حدثت في الجامعة في الآونة الأخيرة .
لقد كرست انتخابات اتحاد الطلبة لهذا العام الاصطفافات العشائرية والقبلية على حساب الاختلافات السياسية والفكرية ، فغابت البرامج الانتخابية ذات البعد النضالي الطلابي والفكري والسياسي لتستبدل ببرامج انتخابية _ إن وجدت _ ذات مطالب خجولة من مثل إقامة رحلات ترفيهية وزيادة عدد الكراسي في الكافتيريا ... إلخ ، كما غابت الحركات الطلابية تماماً عن الحملات الانتخابية وحاولت الاختباء وراء المرشحين ، فلم نجد أي شعارات سياسية لدى أي من المرشحين ، بل على العكس ، كانت الشعارات العشائرية والقبلية الضيقة هي السائدة .
كما أظهرت آلية تعامل الحركات الطلابية مع المرشحين مدى الضعف الذي وصلت إليه هذه الحركات ، فلم يجرؤ أي من الحركات الطلابية _ الاتجاه الإسلامي ، تيار وطن ، التجديد ، والوحدة الطلابية _ على الإعلان رسمياً دعمه لهذا المرشح أو ذاك باستثناء حالات محدودة جداً ، ما يعكس حجم الانخفاض في الوعي الطلابي الناتج عن أنظمة التأديب التي تمنع الحركات الطلابية من العمل داخل الجامعة ، أما الفائزون في الانتخابات ، فتهافتت عليهم الحركات الطلابية ويتعرض الفائزون لاتصال من كافة هذه الحركات في محاولة لإقناعهم أن يعلنوا أنهم منتمين لهذه الجهة أو تلك .
رابعاً : الخلاصة والتوصيات :
1_ إن جوهر " العملية الديمقراطية " لا يكمن في القوانين _ رغم أهميتها _ بل في العقلية التي تصوغ هذه القوانين ، فمن صاغ نظام التعيين كان يهدف إلى ضرب القوى الطلابية المسيسة ، ومن صاغ إلغاء نظام التعيين قام بوضع كافة العراقيل لكبح جماح هذه القوى ومنعها من السيطرة على اتحاد الطلبة .
2_ لا يمكن أن تكون هنالك عملية ديمقراطية طلابية حقيقية في ظل منع الأحزاب والحركات الطلابية من العمل داخل الجامعات الأردنية .
3_ لا مكان للديمقراطية في ظل أنظمة وقوانين في كافة الجامعات تكرس العشائرية والعنصرية وتخفض من مستوى وعي الطلبة .
4_ لم يعد مقبولاً الاستمرار بتقسيم الدوائر الانتخابية في الجامعة الأردنية بهذه الطريقة التي لا مثيل لها في كافة الانتخابات الطلابية والنقابية النيابية والبلدية في العالم أجمع ، وعلى اتحاد الطلبة المنتخب أن تكون أولى أولوياته في المرحلة القادمة هي تغيير هذا النظام الجائر الذي جعل ما يقارب ألـ 40% من المقاعد محسومة مسبقاً .
5_ هنالك فارق كبير بين القدرة على تسويق بضاعة وبين أن تستطيع صنع بضاعة جديدة ، فقد نجحت إدارة الجامعة الأردنية التسويق لوجود " عملية ديمقراطية متميزة " في ظل الجامعة الأردنية ، إلا أنها فشلت _ أو لم ترغب _ في خلق عملية ديمقراطية حقيقية .
6_ المطلوب إعادة النظر بأنظمة التأديب والسماح للقوى الطلابية العمل داخل الجامعات ، وهذا هو المخرج الوحيد لإنقاذ جامعاتنا من حالة الوعي المتدنية التي وصل إليها طلبتنا ومستنقع العشائرية الضيقة الواقعة فيه والمتجسد في مشاجرات شبه يومية في كل جامعة .
إن ما يحدث في جامعاتنا هو انعكاس لما يجري في مجتمعنا الأردني ، فالحكومات المتعاقبة لم يكن لديها النيّة مطلقاً في خلق تنمية سياسية حقيقية ، بل عملت بكل الوسائل على تهميش القوى السياسية وتكريس العشائرية بنظام الصوت الواحد سيء الصيت ، وهذا ما ينطبق على جامعاتنا التي تختلف إداراتها في كل شيء إلا أنها تتفق جميعها على ضرب الحركات الطلابية وأي محاولة إصلاح ديمقراطي حقيقي داخل أسوار الجامعات الأردنية .
إننا في الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة " ذبحتونا " ندعو كافة الهيئات من أجل ممارسة الضغط على إدارات الجامعات ومجالس الأمناء من أجل تغيير كافة الأنظمة والقوانين والتعليمات التي من شأنها عرقلة النهوض بجامعاتنا وطلبتنا وتخريج أجيال قادرة على تحمل مسؤولياتها في عملية بناء الوطن وليس أجيال خائفة وغير قادرة على الإبداع .
لجنة المتابعة للحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة
" ذبـــحـــــتـــــونـــــــــا "
عمان في 19 كانون أول 2009