صحيفة العرّاب

إربد: طلاب مدارس خاصة يتكدسون في الصناديق الخلفية لباصات "الفان"

 عشر دقائق هي المدة التي تستغرقها رحلة وصول حافلة الروضة إلى منزل أم ثائر، وهي الفترة الزمنية التي تدخل الأم في حالة من التوتر والقلق لا تزول، إلا بوصول ابنها إلى عتبات المنزل، لتقوم حينها بتفحصه بعد أن يخرج من الحافلة، وقد أعياه الازدحام في صندوقها الخلفي.

 مشهد باص الكيا "الفان"وهو محمل بقرابة الـ 15 طفلا وهم "يتكوَّمون" على انفسهم، فيما النوافذ مغلقة ومن في داخلها يحاولون التقاط الأنفاس إلى حين وصولهم لمنازلهم، يُثير ذعر أم ثائرعلى حد تعبيرها.
 
ورغم إدراكها بمعاناة طفلها في رحلة الذهاب والإياب جراء عدم توفر شروط السلامة العامة في الباص، إلا أنها لا تجد البديل المتاح؛ فهي ربة منزل ليس لديها متسع من الوقت لمرافقة طفلها إلى مدرسته.
 
تقول الأم إن عدم توفر حافلة كبيرة آمنة تقل الاطفال وتتوفر فيها شروط السلامة العامة لدى المدرسة التي يدرس بها ابنها، يدفعها إلى التفكير مرارا بتغييرها، مستدركة أنَّ ما يردعها عن اتخاذ القرار "نوعيَّة الخدمات التربوية والتعليمية المقدمة" في المدرسة، والتي تصفها بـ "الجيدة".
 
وتضيف "البحث عن مدرسة أخرى غير مجدٍ، فغالبية المدارس الخاصة تستخدم الباصات الصغيرة".
 
وتستطرد مطالبة الجهات المعنية بمتابعة وضعية الباصات التي تستأجرها المدارس الخاصة، وإلزام اصحابها بتوفير شروط السلامة العامة. وتبدي في المقابل تخوفها الدائم على ابنها الصغير الذي التحق العام الحالي في مرحلة التمهيدي.
 
وتصف حال الأطفال بقولها "ينحشرون في مساحة ضيقة لا تتسع لأن يتخذ كل منهم وضعية الجلوس الكاملة، فيما الشبابيك مغلقة وذلك من باب الحرص على سلامتهم"، وتتساءل في المقابل:"ما فائدة إغلاقها والباص يفتقد إلى الأوكسجين".
 
وتشير إلى أنها لطالما استقبلت ابنها في حالة إعياء بسبب انقطاع النفس، وأنَّ مرافقة الأولاد كانت تضطر صيفا لاستخدام المياه وسكبها على وجوه الأطفال، خوفا عليهم من حرارة الصندوق الخلفي للباص وسط الازدحام الخانق.
 
مدير تربية إربد الأولى المهندس بدر العجلوني، لم يخف بدوره أن هناك "مخالفات ترتكبها المدارس الخاصة فيما يتصل بوسائل النقل"، لافتا إلى أن المديرية تقوم بمتابعة ما يردها من شكاوى من أهالي الطلبة من خلال مخاطبة الحاكم الإداري الذي يقوم بدوره بمخاطبة إدارة السير لمخالفة أصحاب المركبات.
 
وبيَّنَ أن "قوانين ترخيص المدارس الخاصة لا تلزمها بضرورة توفير حافلة، اذ تُقدم الاخيرة على أنها خدمة إضافية"، مبيِّنا أنَّ المديرية تتابع المسألة في حال ورود شكاوى من أهالي الطلبة.
 
ويستدرك أنَّ المديرية لم تسجل خلال العام الحالي أية مخالفات لمدارس، ولم تتلقَ إحداها إنذارا بهذا الخصوص، مشيرا إلى أنَّ من صلاحيات المديرية التنسيب إلى الوزارة بإنذار المدرسة التي تخالف شروط السلامة العامة الواجب توفرها في وسيلة النقل.
 
ووصف العجلوني منْ يُخاطر بأرواح صغار السن لخفض الكلفة المترتبة على المدرسة لتقديم الخدمة بـ "مصاصي الدماء"، مشيرا إلى أن "وزارة التربية والتعليم معنية بمتابعة شؤون طلبتها".
 
 وأهابَ بأجهزة السير ضرورة تكثيف رقابتها على وسائل النقل للمدارس والرياض الخاصة.
 
من جانبه، أكد نقيب المدارس الخاصة في الأردن منذر الصوراني "عدم وجود قوانين في التربية والتعليم تلزم المدارس الخاصة بتوفير الحافلة"، مشيرا الى ان اصحاب المدارس الخاصة يحرصون على توفير خدمة النقل من أجل "استقطاب" الطلبة.
 
وبين أنه في حال وفرت تلك المدارس خدمة النقل فلا بد أن يتم تسجيل الحافلة باسم المدرسة، وأن تتوفر فيها شروط السلامة العامة بموجب تعليمات وزارة الداخلية، مضيفا أن إدارة السير هي الجهة المعنية بمتابعة المخالفات، فيما مديريات التربية باعتبارها مشرفة على المدارس الخاصة معنية بمخاطبة وزارتها للتبليغ عن المدارس المخالفة واتخاذ العقوبة المناسبة بحقها.
 
ويشير الى ان اصحاب باصات "الكيا" الذين يمتهنون نقل طلبة المدارس الخاصة والحكومية على حد سواء مخالفون للقانون، مبينا أن تعليمات وزارة الداخلية تشترط على المدارس أن تسجل وسيلة النقل باسمها في حال وفرت الخدمة.
 
وأضاف ينبغي أن تتوفر شروط السلامة العامة في وسائط النقل المخصصة لهذه الغاية والمتصلة بضرورة وجود حماية لنوافذ الحافلة التي يشترط أن تكون صفراء اللون ويدون عليها اسم المدرسة ومجهزة بالمقاعد واجهزة التكييف لاستخدامها صيفا وشتاء.
 
"الحال لا يختلف كثيرا من مدرسة إلى أخرى"، فغالبية المدارس الخاصة ورياض الاطفال، وفق أم لؤي، لا توفر لديها حافلات متوسطة الحجم بل تلجأ الى استخدام الصغيرة من باب خفض الكلفة".
 
وسارعت أم لؤي إلى نقل ابنتها الى مدرسة حكومية، بعد أنْ انتابها القلق من أن يطالها أذى محتمل، في ظل عدم توفر شروط آمنة في وسائل نقل مدرستها الخاصة.
 
وتصف كيف يستثمر أصحاب باصات "الكيا" التي تستخدمها المدارس لتوفير خدمة النقل الصندوق الخلفي من المركبه، إذ يعمدون، بحسب قولها إلى "إزالة الفاصل بين الجزء الخاص بالركاب والجزء المخصص للبضائع، ليصبح الأخير مكانا يجلس فيه الأطفال بعد أن تفترش مساحته بقطع من السجاد".
 
وتضيف "ترتفع حمولة الباص المخصص لنقل 6 ركاب لتصل الى قرابة الـ 23 راكبا جميعهم صغار في السن، يتلاصقون ببعضهم البعض بشكل غير آمن، وتصبح حياتهم مرهونة بمزاجية السائق في قيادته للمركبة والتزامه بالسرعة الآمنة".
 
وتشير إلى "الحيل" التي تستخدمها المرافقة للطلاب قبل وصول المركبة الى منزل الطفل، إذ تسارع إلى إخراج الطفل من بين الأجساد البشرية المتراكمة في الخلف، لتضعه في المقعد الأمامي، في محاولة للفت انتباه ذويه أن ابنهم يحظى بمعاملة مميزة عن بقية زملائه".
 
و"الأقساط السنوية التي يتحملها ذوو الاطفال لا يستهان بها، إذ تتجاوز سقف الـ 600 سنويا"، بحسب حنان حمايدة التي وصفت هول صدمتها بحال وسائل النقل التي توفرها المدارس الخاصة.
 
وتقول "ذات صباح خرجت لأودِّع ابنتي وعدت الى المنزل وأنا في حالة من القلق، فكيف يحشر ما يزيد عن الـ 20 طفلا داخل وسيلة نقل لا تحمل اسم المدرسة ومن يقودها لا نعرف هويته".
 
وتشير إلى أن "إدارة المدرسة لا تتردد في استبدال المركبة بأخرى عند تعطلها ويرافقه في ذلك استبدال السائق بآخر لا تعرف هويته ولا سلوكياته، ما يضع الأطفال في دائرة الخطر".
 
وترى حنان، التي نقلت ابنها من مدرسة خاصة إلى أخرى حكومية أن على الجهات المعنية تكثيف رقابتها على وسائل النقل التي تستخدمها المدارس والرياض الخاصة، خصوصا أنَّ هذا القطاع يشهد إقبالا من عائلات تبحث عن مؤسسات تعليمية توفر خدمة النقل باعتبارها أكثر أمانا. الغد