صحيفة العرّاب

تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية تفرض التقشف على الأردنيين

فرضت تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية على المواطن الأردني العام الماضي تحديات في الإنفاق وتقشفا على متطلبات الحياة الأساسية والكمالية.

 وأكد مواطنون التقتهم (بترا) ان تداعيات الأزمة الاقتصادية فرضت عليهم ترشيدا في النفقات وصفوه بالحتمي والخارج عن الرغبات لقلة الدخول مقابل أعباء معيشية باتت لا تطاق تتمثل برغبات وحاجات أساسية.
 
وشكا محمد خير الموظف في القطاع العام ويمارس عملا اضافيا من زيادة المصروفات الشهرية خلال العام الماضي أرجعها لزيادة أعباء الحياة وارتفاع اسعار السلع وعدم ثبات أسعار المحروقات.
 
ويقول كمال أبو شرار الموظف في القطاع العام إن دخله الشهري المحدود والذي لا يتناسب مع غلاء المعيشة يذهب معظمه مصروفات للمدارس والمواصلات والعلاج وأقساط الجمعيات الشخصية والحاجات الأساسية من الغذاء ما يضطره الى تأجيل شراء الملابس لعدة مواسم.
 
ولا يرى ابو شرار أي تأثير للازمة المالية على نفقاته باعتبار ان نسق حياته هذا ممتد منذ سنوات طويلة ولم يتنازل عن حاجات ضرورية، مشيرا الى ان السبب الرئيس هو محدودية الدخل.
 
واعرب فادي طبيشات العائد من دبي بعد فقدانه وظيفته في القطاع الفندقي عن استيائه من ارتفاع معدل المصروفات اليومية التي يتحملها المواطن الأردني خصوصا المتعلق منها في الجانب الاجتماعي والمواصلات وإيجارات الشقق السكنية، مبينا أنه يفكر في بيع قطعة ارض يمتلكها لسد جزء من مصروفاته.
 
وأبدى طبيشات تفاؤلا بقدرته على التكيف مع الأوضاع الاقتصادية وسعيه الى تنويع مصادر دخله، مشيرا إلى وجود فرص كبيرة للعمل في السوق المحلية تضاهي دول الجوار وتتفوق عليها خصوصا في الظروف الحالية.
 
وذهب بدر طنبور الموظف في احد البنوك المحلية بعيدا في رؤيته لتأثير ألازمة الاقتصادية العالمية على المواطنين، مشيرا إلى انه لاحظ إقبالا كبيرا على القروض الشخصية وبطاقات الائتمان لسد احتياجات الحياة اليومية للمواطنين بعيدا عن الاقتراض من اجل الاستثمار أو تصريف الأعمال والادخار.
 
وشكت قطاعات اقتصادية كثيرة من تراجع مبيعاتها خلال العام الماضي وفي مقدمتها قطاع المواد الغذائية الذي تراجعت مبيعاته بنحو 50 بالمئة حسب نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق رغم تراجع اسعار معظم السلع مقارنة مع عام 2008 الذي شهد راتفاعا محليا وعالميا كبيرا في ارتفاع الاسعار.
 
ويجزم الحاج توفيق ان التراجع في مبيعات المواد الغذائية يعود في الأساس إلى تراجع قدرات المواطنين الشرائية وزيادة الأعباء المالية عليهم بفعل محدودية الدخول واقتصارها على الراتب الشهري إضافة إلى القيود المتشددة التي فرضتها البنوك لجهة منح التسهيلات المالية ما عطل دوران العجلة الاقتصادية.
 
وبين ان تشدد البنوك اضاع على المملكة فرصا كبيرة لاستيراد مخزون كبير من المواد الغذائية الاساسية بعد انخاض أسعارها بفعل تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية ووفرة المحاصيل في بلاد المنشأ، لافتا الى ان فاتورة الغذاء في الاردن تتجاوز ملياري دينار سنويا.
 
واضاف ان المحلات التجارية الكبيرة عمدت منذ بداية العام الحالي الى استقطاب المواطنين من خلال العروض التجارية لانعاش مبيعاتها ومواجهة الركود واضطرت أحيانا للبيع بأقل من التكلفة لمواجهة الركود والحصول على السيولة.
 
وتراجعت العديد من القطاعات الاقتصادية الهامة خلال العام الماضي حيت انخفضت الصادرات الوطنية بنسبة 6ر20 بالمئة مع نهاية شهر تشرين الثاني الماضي مسجلة 232ر3 مليار دينار مقابل 571 ر4 مليار دينار للفترة ذاتها من عام 2008.
 
وتراجع حجم التداول في سوق العقار المحلية الى 7ر4 مليار دينار مقارنة مع 9ر5 مليار خلال عام 2008 بنسبة 21 بالمئة إضافة إلى تراجع نسبة المواطنين المتملكين للشقق السكنية بنسبة 65 بالمئة.
 
وطال التراجع مبيعات أسواق كثيرة أهمها سوق الملابس الذي عانى ركودا كبيرا خلال العام الماضي وانخفاض مبيعات سوق الصاغة إلى النصف بعد ارتفاع أسعار المعدن الأصفر الى أرقام قياسية عالمية لم يشهدها التاريخ.
 
واكد الخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي ان العام الماضي كان الأسوأ على مستوى معيشة المواطنين من حيث قدراتهم الشرائية حيث ورث تركة تضخم كبيرة بفعل جنون الأسعار عالميا ومحليا هو عام اتساع الفجوة بين دخل الأسرة الأردنية وبين إنفاقها حيث لم يتجاوز ارتفاع دخول المواطنين خلال العامين الماضيين أكثر من 5 بالمئة.
 
وقال مرجي إن الأردن كان له نصيبه من المعاناة الاقتصادية العالمية والتي ظهرت جلية مع نهاية العام الماضي حيث تشير التقديرات الرسمية الى تراجع نسب النمو الى نحو 3ر2 بالمئة مقارنة مع أكثر من نصفها للأعوام الماضية وارتفاع معدل البطالة إلى 9ر12 بالمئة إضافة إلى حالة من الركود خيمت على القطاعات كافة خصوصا التجارة والعقار وسوق السلع الاستهلاكية الأساسية وتآكل الدخول بفعل الارتفاعات المتكررة للأسعار ما اثر على ذوي الدخل المحدود.
 
\ وبين ان تراجع معدلات ومستويات الرواتب انعكس على مستوى القدرات الشرائية للمواطنين حيث شهدنا تحولا واضحا نحو السلع الأساسية من غذاء وملبس ونقل وسكن، مشيرا الى ان الدراسات تقول ان ما نسبته 90 بالمئة من العاملين بالقطاعين العام والخاص تقل دخولهم عن 300 دينار شهريا وما يزيد عن 75 بالمئة من متقاعدي الضمان الاجتماعي يتلقون رواتب تقل عن 200 دينار شهريا.
 
وقال مرجي إن هذه المعطيات مجتمعة دفعت المواطنين إلى تركيز استهلاكهم على الأساسيات من غذاء ودواء ومواصلات وتعليم وصحة ولم يكن أمامهم سوى تقنين استهلاكهم لجهة الكمية والنوعية لتوائم بين قدرتهم الشرائية المتآكلة من جهة وبين تلبية احتياجاتهم المعيشية من جهة أخرى، لافتا إلى ان آخر دراسة صدرت عن دائرة الإحصاءات العامة عام 2006 أظهرت ان إنفاق الأسرة الأردنية يفوق دخلها بحوالي 7ر 1230 دينار سنويا بمعدل 111 دينارا شهريا، فيما قدرت الدراسة متوسط دخل الأسرة السنوي على مستوى المملكة بحوالي 6220 دينارا سنويا بمعدل 518 دينار شهريا.
 
يشار إلى ان متوسط حجم الأسرة الأردنية بلغ العام قبل الماضي حسب مسح أجرته دائرة الإحصاءات 4ر5 فرد للأسرة الواحدة فيما يبلغ عدد الأسر الكلي 583ر1 مليون أسرة.
 
ووفق المسح تمتلك 9ر38 بالمئة من هذه الأسر سيارة خاصة و7ر93 بالمئة منها هاتفا خلويا و 9ر90 بالمئة منها يمتلك جهاز ستلايت وتبلغ نسبة الأسر التي تمتلك جهاز تلفاز 7ر98 بالمئة.-(بترا)