صحيفة العرّاب

خطر يعرفه الأردنيون ولكن!!..النفايات الإلكترونية تسبب الإجهاض والسرطان وتلوث المياه الجوفية

وزارة البيئة و"الأمانة" تدرسان إقامة مكب خاص للمخلفات الإلكترونية 

 المطالبة بفرض رسوم مسبقة على السلع الإلكترونية تمكن من إعادة تدويرها
 
 العلاونة: النفايات الإلكترونية تسبب الإجهاض والسرطان وتلوث المياه الجوفية
 
 غياب الآليات العلمية للتخلص من مخلفات الأجهزة الكهربائية
 
 ملايين الخلويات والأجهزة المنزلية تولد سنويا مئات آلاف أطنان النفايات الخطرة
 
 خطة رسمية للتعاون مع أفراد وجمعيات أهلية لجمع وفرز النفايات الإلكترونية
 
"الأرض والإنسان" تدعو لائتلاف دولي ضاغط لإنتاج مواد رفيقة بالبيئة
 
لا يلقي الأردنيون بالا، وهم يتخلصون من أجهزتهم الإلكترونية والكهربائية المستعملة، بطرق عشوائية، لما يمكن أن يسببه ذلك من آثار "كارثية" على البيئة، قد تؤدي بالنتيجة إلى وفيات بين البشر والشجر.
 
وتحوي غالبية الأجهزة الإلكترونية، عنصر الرصاص وعشرات العناصر والمركبات النفطية والكيميائية الأخرى، التي تلوث التربة وتتسرب إلى المياه الجوفية، ما يفضي في النهاية إلى تلوث كبير، ينذر بمخاطر واسعة على التنوع الحيوي والحياة الطبيعية.
 
ووفقا لإحصائيات رسمية، تملك الأسر الأردنية عشرات الآلاف من الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، يعادل وزنها ملايين الأطنان، فيما يظهر استطلاع غير علمي نفذته "الغد" أن أكثرية الأردنيين يتخلصون من أجهزتهم المستعملة، إما برميها مع النفايات المنزلية، أو بيعها لتجار خردة، لا يعرف معظمهم آلية التعامل مع النفايات الإلكترونية، التي غالبا ما تنقل إلى مكبات النفايات.
 
ويجري حاليا تجميع الأجهزة الإلكترونية والكهربائية المستعملة في مكب النفايات الإنشائية، في منطقة البياضة (شمال شرق عمان)، بانتظار التوصل إلى آلية علمية للتخلص منها.
 
وفي الوقت نفسه، تكشف نتائج استبانة، وزعتها جمعية الأرض والإنسان، المعنية بالبيئة والحفاظ عليها، عن أن غالبية الأردنيين، يعرفون مخاطر النفايات الإلكترونية، لكنهم، رغم ذلك، يتخلصون منها بطرق تقليدية، في ظل عدم وجود آلية محددة ومعروفة للتخلص من تلك النفايات.
 
في مواجهة مخاطر النفايات الإلكترونية، تسعى وزارة البيئة وأمانة عمان الكبرى إلى تنفيذ مشروع، يستهدف التوصل إلى تخصيص مكب لهذه النفايات، يجري فيه التخلص منها بطرق علمية، لا تؤثر على سلامة البيئة، لكن هذا المشروع المأمول ما يزال حاليا "قيد الدراسة".
 
عشرات آلاف أطنان النفايات
 
وبحسب ما صدر في الجريدة الرسمية في نيسان (إبريل) 2007، يوجد في الأردن 4.25 مليون خط تلفون نقال (مفعل)، ما يعني أن 86% من الأردنيين لديهم خطوط وأجهزة هواتف نقالة، وهي تعد أكثر النفايات الإلكترونية انتشارا.
 
كما تشير الإحصاءات نفسها، إلى أن 31% من الأسر الأردنية، البالغ عددها 941 ألف أسرة، تملك جهاز كمبيوتر، و94% جهاز تلفاز و90% ثلاجة و90% غسالة ملابس.
 
ووفقا للإحصائية ذاتها، فإن النفايات الإلكترونية المتولدة تبلغ 115 طنا من أجهزة الهواتف النقالة، 1252 طنا من أجهزة الكمبيوتر و2435 طنا من التلفزيونات و9684 طنا من الثلاجات و6635 طنا من الغسالات، وهي في ازدياد، بحيث يقدر أنها ستبلغ مع نهاية العام المقبل 139 طنا للأجهزة الخلوية، 1515 طنا لأجهزة الكمبيوتر، و2634 لأجهزة التلفاز و10474 للثلاجات و7179 للغسالات.
 
وتلفت الإحصاءات نفسها إلى أن كلفة معالجة جهاز نقال واحد تصل الى 134 يورو، و770 يورو للكمبيوتر و770 للتلفاز و175 للثلاجة و175 للغسالة، (اليورو يتراوح بين دينار واحد و1.05 دينار).
 
 النفايات الإلكترونية بين القمامة
 
نائل صبرة، الذي يعمل في إحدى شركات الكهربائيات، يقول إنه يلقي الأجهزة الإلكترونية المستعملة والبطاريات، على مختلف أشكالها، في القمامة "بشكل كبير جداً"، مضيفا أنه "لا يعلم ما تحتويه هذه النفايات من مواد، قد تؤثر سلبا على صحة الإنسان". ويشير إلى "عدم وجود مكبات متخصصة كما في دول أوروبية لإلقاء تلك النفايات".
 
وتلفت نوال بدران إلى أنه لدى انتهاء فاعلية البطاريات، بمختلف أنواعها واستخداماتها، فإنها تقوم بإلقائها في القمامة مباشرة، لكنها تسعى جاهدة لإصلاح الأجهزة الإلكترونية في حال أمكن ذلك.
 
 
التاجر محمد المصري، يعمل في مجال بيع الإلكترونيات المستعملة منذ أكثر من عشرة أعوام، ويمتلك سيارة نقل صغيرة يجول فيها بين المنازل والمحال التجارية كل يوم لشراء الثلاجات أو أجهزة الكمبيوتر أو أي نوع من الأجهزة الكهربائية المستعملة من أصحابها.
 
يقول المصري "أقوم بفرز الأجهزة التي أشتريها، سواء أكانت من الحديد أو النحاس أو البلاستيك، بينما أتخلص من المواد المتبقية عبر حرقها في أرض فارغة تجاور السكراب".
 
معرفة "معتدلة" بمخاطر النفايات الإلكترونية
 
وفي استبانة وزعتها جمعية الأرض والإنسان نهاية العام الماضي على 7268 طالبا وطالبة في 150 مدرسة، موزعة على محافظات المملكة كافة، قال 70.3% من المشاركين إنهم لا يرمون "الأجهزة التالفة في النفايات". و"هذا يدل على درجة معتدلة من الوعي والمعرفة، بشأن الخطر المحتمل"، بحسب القائمين على الاستبانة.
 
واتفق 72.6% على أن النفايات تحتوي على مواد سامة، بينما أجاب 21.1% بـ "لا أعرف"، كما قال 89.7% إنهم يعتقدون بأن الطريقة الحالية للتخلص من النفايات الإلكترونية "غير مناسبة"، وتسبب تلويثا لشتى عناصر البيئة: الهواء والماء والتربة. 
 
 الأجهزة الإلكترونية عبء على النفايات المنزلية
 
وتتفق وزارة البيئة وأمانة عمان على مخاطر النفايات الإلكترونية، التي تعد عبئا، ليس فقط على البيئة، بل وأيضا على النفايات المنزلية.
 
وفي ذلك يقول المدير التنفيذي للبيئة والنظافة في الأمانة المهندس زيدون النسور إن "النفايات الإلكترونية تشكل عبئا على مجمل النفايات المنتجة في مدينة عمان، إذ يلقيها المواطن في الحاويات مع بقية النفايات المختلفة من دون معرفة ما تحتويه من مواد خطرة على صحة الإنسان".
 
ويضيف "يتم فصل النفايات الإلكترونية من قبل أجهزة الأمانة لإرسالها إلى مكب المواد الإنشائية، إذ من غير الممكن وضعها في الكابسات، لأنها قد تلحق ضررا بالغا بها".
 
ويلفت النسور الى أن مكب الغباوي "لا يحتوي على أية نفايات إلكترونية، فهي لا تشكل سوى جزء بسيط من حجم النفايات المختلفة، لأنه قد يتم إعادة بيعها واستعمالها من قبل أفراد المجتمع المحلي".
 
ويشير إلى أن "بعض الجهات تقوم بإعادة تدوير النفايات الإلكترونية، ولكن بجهد فردي".
 
النسور يكشف، في هذا السياق، عن وجود مشروع مشترك بين الأمانة ووزارة البيئة "سيتم الإعلان عنه قريبا، يهدف إلى جمع النفايات الإلكترونية في موقع واحد، بهدف التخلص منها بطرق علمية".
 
ويدعو النسور إلى "وضع تشريعات تهدف إلى فرض رسوم إضافية على السلع الإلكترونية مسبقا، لإعادة تدويرها، والتخلص منها بطرق سليمة".
 
من جهته، يقول مدير إدارة النفايات في وزارة البيئة الدكتور محمد الخشاشنة إن "الوزارة ستعمل وبالتعاون مع الجهات المعنية على وضع عناصر البنية التحتية اللازمة لجمع النفايات الإلكترونية والكهربائية، لإرسالها الى احدى المحطات التحويلية التابعة للأمانة".
 
ويوضح الخشاشنة أن "هناك خطة ستنفذ بمساعدة الأفراد، تقوم على إرسال مختلف النفايات الإلكترونية إلى الجمعيات الأهلية لجمعها، ومن ثم إرسالها إلى المكبات مجانا"، مضيفا أنه "سيتم استيفاء رسوم من الجهات ذات الصفة التجارية والعامة، تقدر بـ 5% من قيمة السلعة نفسها، بهدف معالجة النفايات الإلكترونية والتخلص منها".
 
ويتابع "سيجري العمل على إجراء دراسة، بهدف معرفة حجم النفايات الإلكترونية في المملكة".
 
مخاطر واسعة لمركبات الأجهزة الإلكترونية
 
وبينما لا توجد دراسة علمية محلية حول آثار ومخاطر النفايات الإلكترونية، يقول رئيس جمعية الأرض والإنسان المهندس زياد العلاونة إن "تصنيع جهاز خلوي واحد يحتاج إلى 1.6 كيلوغرام من الوقود النفطي، و72 غراما من المواد الكيماوية و32 لترا من الماء".
 
ويوضح أن كمية المواد اللازمة لإنتاج جهاز خلوي واحد هي أكبر بـ 700 مرة من وزنه، في حين تبلغ المواد الأولية التي تدخل في تصنيع سيارة ضعفي وزنها فقط.
 
ويشير العلاونة إلى أن النفايات الإلكترونية، الناتجة عن إتلاف أجهزة الهواتف النقالة، "تدخل في تركيبها بعض المواد السامة والثقيلة مثل: الرصاص والكاديوم والزنك والزئبق والمواد المقاومة للحرارة، والتي تتسرب إلى التربة، كما تحدث انبعاثات خطرة لغاز الديوكسين عند إحراق الأجهزة، وهو ما يهدد الحياة بشكل عام".
 
ويطالب بتشكيل ائتلاف دولي، يضم كافة الجمعيات والجهات المهتمة بشؤون البيئة، من أجل "الضغط على الشركات، التي تصنع الأجهزة الإلكترونية الكبرى، لتوفير بدائل أقل ضررا من المواد السامة المستخدمة حاليا".
 
ويبين أن التشريعات العالمية المهتمة بالنفايات الإلكترونية "قليلة جدا"، بحيث يعاد تدوير ما يقل عن 20% من النفايات.
 
ويقول العلاونة إن "الدراسات العالمية أثبتت أن الآثار السلبية البيئية والصحية، التي تخلفها الصناعات الإلكترونية، "تزيد من نسبة الإجهاض عند النساء ثلاث مرات، وتزيد حالات الإصابة بمرض السرطان وتلوث المياه الجوفية".
 
مشروع طموح لتدوير النفايات الإلكترونية
 
ويشير العلاونة الى قرب إطلاق مشروع "تدوير النفايات الإلكترونية لأجل بيئة أفضل"، والذي تنفذه الأرض والإنسان، بالتعاون مع وزارتي البيئة والتربية والتعليم. ويلفت إلى أنه سينفذ في 200 مدرسة، تشمل كافة محافظات المملكة، ونحو 50 شركة تستورد أجهزة كهربائية.
 
وتتضمن أنشطة المشروع إجراء دراسة تقييمية، للوقوف على واقع النفايات الإلكترونية في الأردن، ووضع دليل تدريبي للتعريف بها، وتدريب كوادر وتنفيذ حملات توعوية بمخاطر النفايات الكهربائية.
 
ويهدف المشروع إلى إقامة اتصالات شفافة وفعالة، وإبقاء الجمهور على علم بمخاطر الأجهزة الإلكترونية المستعملة على المجتمع، إلى جانب إطلاع المواطنين على الآثار الصحية الناجمة عن الجسيمات "النانوية"، الموجودة في الأجهزة الإلكترونية.
 
ويركز المشروع على المسؤولية الأخلاقية لشركات الصناعة التحويلية، ويدفع باتجاه تنفيذ حملة ضغط، لأخذ الاحتياجات المجتمعية الحقيقية والأولويات البيئية والاجتماعية وأسس التنمية المستدامة في الاعتبار في تلك الصناعات. الغد