ودع المصريون أمس بشكل هادىء ومتواضع نجم السينما المصري العالمي عمر الشريف الذي توفي قبل يومين جراء ازمة قلبية عن عمر يناهز 83 عاما، وذلك في جنازة محدودة شاركت فيها عائلته وفنانون في غياب أي تمثيل فني عالمي.
والشريف هو اشهر الممثلين المصريين على الإطلاق إذ خاض مشوارا فنيا حافلا قاده إلى العالمية بعد فيلمي «لورانس العرب» و«دكتور جيفاغو».
وانطلقت جنازة الشريف في طقس حار ظهر الاحد من مسجد المشير طنطاوي في ضاحية التجمع الخامس الراقية في شرق القاهرة.
واحضر جثمان الشريف في نعش ملفوف بعلم مصر وقماش داكن مطرز بآيات قرآنية. ثم صلى المشيعون واغلبهم من الفنانين المصريين صلاة الجنازة قبل ان يُحمل الجثمان في سيارة خاصة ليواري الثرى في مقابر السيدة نفيسة في جنوب القاهرة.
وفاق عدد الصحافيين والمصورين عدد المشيعين بشكل كبير، بحسب ما لاحظ صحافي وكالة فرانس برس الذي كان موجودا في المسجد الفخم والكبير الذي اصبح اخيرا مقصدا لتشييع جنازات كبار رجال الدولة والمشاهير المصريين.
وبدا على افراد اسرة عمر الشريف وعلى راسهم ابنه طارق التأثر اثناء الجنازة.
وشارك وزير الثقافة المصري عبد الواحد النبوي في الجنازة التي خيم الصمت والهدوء على مجرياتها في غياب اي تمثيل فني عالمي.
وقال الفنان المصري حسين فهمي قبل صلاة الجنازة ان «عمر الشريف مثل مصر امام العالم بأحسن صورة ممكنة». وصرح وزير الأثار المصري السابق عالم المصريات المعروف زاهي حواس بتأثر «فقدت صديقا مقربا لي. لقد كان أخاً. العالم خسر ممثلا عظيما». وعبرت الفنانة اللبنانية مادلين طبر عن حزنها لفقدان شخص بقيمة «احد اهرامات مصر».
وقالت طبر التي اتشحت السواد «انها خسارة كبيرة. كنت محظوظة انني عملت معه وعرفته كصديق».
وجاءت وفاة الشريف بعد نحو ستة اشهر من وفاة الفنانة المصرية فاتن حمامة، السيدة الوحيدة التي تزوجها الشريف والتي طالما وصفها بانها «حب عمره».
وعبر الرجل السبعيني محمد البسيوني عن تأثره لفقدان شخص «بقيمة عمر الشريف».
وقال «هذا الثنائي (عمر الشريف وفاتن حمامة) ذات قيمة عالية جدا. انهما شخصيتان تاريخيتان والكل يحبهما».
ورغم الوداع الهادىء، تصدر خبر وفاة عمر الشريف وسائل الاعلام المصرية وحظي بمتابعة كثيفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتبت صحيفة «الشروق» المستقلة عن «سر عمر الشريف» موضحة انه حقق «نجاحا بكل اللغات وفي كل الاوقات».
وخصصت صحيفة الاهرام الحكومية للنجم الراحل ملفا على صفحتين كاملتين تحت عنوان «حكايات لورانس العرب».
وانتشرت صور عمر الشريف في مختلف حقبات عمره على مواقع التواصل الاجتماعي لعدد كبير للمستخدمين المصريين.
وتوفي الشريف الجمعة في مستشفى في حي حلوان في القاهرة حيث نقل منذ شهر جراء اصابته بمرض الزهايمر.
وكان المرض اضطره الى الابتعاد عن الشاشات في العام 2012 بعد اخر ظهور له في الفيلم المغربي «صخرة القصبة».
وقال حواس الذي كان صديقا مقربا لعمر الشريف إن الحالة النفسية لعمر الشريف «تدهورت خلال الاونة الاخيرة ولم يكن يأكل او يشرب».
ولد عمر الشريف في العاشر من نيسان/ابريل عام 1932 في الاسكندرية مسيحيا واسمه الحقيقي ميشال شلهوب، من اب لبناني وام لبنانية-سورية. لكنه اعتنق الاسلام في العام 1955 ليتزوج من الممثلة المصرية سيدة الشاشة العربية الراحلة فاتن حمامة التي انجب منها ابنه الوحيد طارق.
ولم يتزوج الشريف مجددا بعد انفصاله نهائيا في العام 1974 عن فاتن حمامة الذي ظل يقول عنها انها «حب حياته» والتي توفيت في كانون الثاني/يناير الماضي. وحصل عمر الشريف في العام 2003 على جائزة الاسد الذهبي عن مجمل اعماله في مهرجان البندقية السينمائي.
واثناء حياته اقام عمر الشريف، الذي كان يتقن لغات عدة، في اماكن مختلفة منها فرنسا والولايات المتحدة وايطاليا. وكان مدير اعمال الفنان المصري اعلن في ايار/مايو الماضي اصابته بمرض الزهايمر منذ فترة.
بدأ مشواره في السينما مع المخرج المصري يوسف شاهين في فيلم «صراع في الوادي» عام 1954.
وقبل انطلاقه الى السينما العالمية، شارك الشريف في عشرين فيلما مصريا في الفترة من 1954 حتى 1962.
وكان دور «الشريف علي» في الفيلم البريطاني «لورانس العرب» نقطة تحول في حياته اذ اصبح بعده ممثلا عالميا.
وحاز اداؤه في «لورانس العرب» ثناء النقاد، ورشح للفوز بجائزة الاوسكار عن فئة افضل ممثل في دور مساعد، ليكون بذلك اول ممثل عربي يُرشح للاوسكار. وفاز عن الدور نفسه بجائزة الكرة الذهبية (غولدن غلوب).
لكنه وصل الى القمة في السينما العالمية باداء الدور الرئيسي في فيلم «دكتور جيفاغو» في العام 1965. وفاز عن دوره في الفيلم بجائزة الكرة الذهبية للمرة الثانية لكن هذه المرة كأفضل ممثل في دور رئيسي.
وبعد تنقله لسنوات طويلة خارج مصر عاد واستقر فيها مطلع تسعينات القرن الماضي.
ومن اشهر افلامه في السينما المصرية «صراع في الوادي» و«صراع في الميناء» و«اشاعة حب» و«في بيتنا رجل» و«نهر الحب» و «سيدة القصر».