بقلم الاعلامي .. بسام الياسين
((( اذا كان المُعوج من السياسيين غير قابل للتعديل.فالضرورة التصحيحية الاصلاحية تقتضي كسره كما يفعل اطباء العظام لوضعه في جبُيرة وطنية حتى تعتدل مشيته ومن ثم إعادة تقويمه حتى يسير بخطى معتدلة على خط مستقيم.وان تعذر ذلك، فالاحرى ” بتره” للتخلص منه على طريقة المزارع الحاذق الذي يتخلص من الاغصان المعوجة و اليابسه بحرقها لاعطاء الشجرة دافعية و تحريرها من الميعقات التي تعيق نموها و تؤثر على انتاجها… درس في الزراعة يجب ان ينسحب على السياسة ليأخذ به اهل القرار من اجل تصحيح المسارات المنحرفة ))) .
*** من شر النكبات والمآسي التي حلت بالامة العربية، بروز مجموعة من جنرالات مخابرات اخذوا بحكم صلاحياتهم اللا محدودة يبنون لانفسهم مراكز سياسية متقدمة،والخوض في نزاعات دولية عجزت عن زحزحتها الدول العظمى،وفشلت في حلها هيئة الامم المتحدة…قرآءة لشخصيات هؤلاء وما وقعوا فيه من فوضى سياسية وسقوط وطني / قومي،وبعضهم هوى في محظورات ادت الى نقمة الجماهير عليهم لدرجة ان طالبت بمحاكماتهم ثم جلدهم في الساحات العامة لتعزيرهم لعدم احترامهم ارادة الامة واطلاقهم شعار ” كرست نفسي لتعذيب شعبي “.
الجنرال محمد توفيق صانع الرؤساء في الجزائر.عبد الله السنوسي بطل مذبحة الاسلاميين في السجون الليبية بالاشتراك مع قائده القذافي.عمر سليمان قنطرة التواصل بين اليهود ومبارك لتخريب الامن العربي وعدو الاول المقاومة الفلسطينية،الاكثر مدعاة للضحك الجنرال ضاحي خلفان باعترافه ان ـ نتنياهو ـ ابن عمه واقرب اليه من حبل الوريد.اخيراً طل علينا الجنرال المنفوخ كبالون محشو بالغازات انور عشقي بطل التطبيع المجاني ومدعي انقاذ المقدسات الذي اعطته الرتبة والمال والنفط احساساً بانه مفكر عبقري،وراح يذيل “مكاتيبه ” بالمفكر عشقي.الفارق بين ضاحي وعشقي ان الاول لم يخجل من اعلان القرابة مع قاتل شعب ،بينما عشقي اعترف ان :ـ نتنياهو رجل قوي سيكمل ولولا قليل من حياء :ـ لوصفه بالصحابي واحد العشرة المبشرين بالجنة
في ما مضى كنا نصوغ اساطيرنا من ابطال صناديد،حفروا اسماءهم بمداد من الق وعبق في انصع صفحات التاريخ،ثم انحدرنا لمتابعة جنرالات ذوي تاريخ مفبرك تحاول السباحة في برك تستوطنها تماسيح ضارية واسماك قرش مفترسة قبل ان تتعلم السباحة و دون ان ترتدي مايوه،فجاءت بطولاتهم الدونكيشوتية فضائحية. فمن هو الجنرال انور عشقي الذي بزغ نجمه في عالم التطبيع ؟….بعد النبش في سجلاته هو تلميذ من تلامذة بندر بن سلطان،المشهور بحفلاته الواشنطونية الخرافية،صاحب العلاقة المميزة بالمخابرات المركزية…علاقة مشبوهة دفعته لتمويل حملات بالملايين الدولارات و الاسلحة ” ضد الشيوعيين الكفرة” في نيكاراجو،انغولا و افغانستان وكأن رجالات C.I.A ملائكة.رضع عشقي الدبلوماسية من بندر وتدرب في “خيمة صفوان” لاذلال العرب وجاء لتطبيقها على الفلسطينيين الغلابا و الغزيين الذين لا يجدون قوت يومهم مستغلاً اوضاعهم المأساوية لطلب المزيد من التنازلات كي يحظى بإرضاء اللوبي الصهيوني.لم يدر الجنرال الساذج عشقي والدبلوماسي الذي يخبط خبط عشواء في دياجير السياسة العويصة انه بفعلته التطبيعية يبدو كتاجر غشيم ” يُسّوق البلح في اريحا،والبرتقال في غزة،ويعطي دروساً في المرابطة للمقدسيين المرابطين في الاقصى اهل الرباط والصمود.ولم يدرِ ان للاقصى لعنته ستطارد كل من لعب بذيله معه،وان المساجد تُسقط العسكر بمجرد اعلاء تكبيرة ” الله اكبر الله اكبر “.
ادعى عشقي، أن زيارته لفلسطين المحتلة شخصية،وليست لإسرائيل،جاءت بدعوة من السلطة الفلسطينية،مؤكدا انها زيارة للإطلاع على أحوال الفلسطينيين وشد إزرهم والصلاة في بيت المقدس،و أنه لم يقم بزيارة تل أبيب ولم يتجاوز القدس ولم يطرق أبوابا رسمية ولا مؤسسات صهيونية.إدعاء مفضوح جملة وتفصيلا و اكاذيب مخابراتية لا تنطلي على رضيع…حالة جنرالنا الذي ناهز الرابعة والسبعين عاماً حاله حال معلم الصبيان الذي بلغ من العمر عتيا ام ان ينحرف او يُصاب بالخرف.
للاسف ادعاءات لا تصمد امام الحقائق، صدرت من مسلم،وكانه جاء حبواً للصلاة في القدس بعد ان ذاب بلاط الحرم المكي والمدني من حرارة سجوده….الحق انها اللعبة الاستعارية السامة ولوثة التقرب للامريكان عبر بوابة اسرائيل. فسلطة اوسلو الخيانية لا تقل خطراً على القضية الفلسطينية من الدولة العبرية.لا ادل على ذلك من التعاون الامني المتبادل لذبح المقاومة ،وتسليم المقاوميين للدولة العبرية لتمضية بقية اعمارهم في سجونها…والجنرال عشقي يعرف اكثر من غيره بحكم موقعه المخابراتي ان السلطة باعت المقاومة لـ ” فتح دكانة “منذ ان رفعت علمها على المقاطعة،ولو يعلم انه ذهب الى لقاء مقاوميين، لم تجرأ على تصغييرهم بادعائه ان المقاومة لم تقتل ذبابة بينما اسبغ المديح على الصهاينة لانه يعرف معرفة يقينية ان محمود عباس عراب اوسلو ليس ” هوشي منه” بطل تحرير فيتنام و جبريل الرجوب ليس اسطورة حرب العصابات ” جياب “.
الغريب الاغرب والعجيب الاعجب محاولة عشقي ـ مسيلمة المخابراتي ـ التنصل من زيارة اسرائيل باسلوب فج. فماذا ردت الصحافة الاسرائيلية والعالمية عليه بالصوت والصورة والكلمة المقرؤة والمسموعة. قالت B.B.C ان الخارجية الاسرائيلية تعتبر زيارة الجنرال السعودي انور عشقي ولقاءه مع مسؤوليين في القدس سابقة نادرة…صحيفة جيروزالم بوست اكدت لقاء الجنرال عشقي بالجنرال يوعاف موردخاي القائد العسكري المسؤول عن العمليات في الضفة الغربية وغزة،وفي تحليل نشره موقع “يسرائيل بالس” اعتبر الصحافي الصهيوني “عكيفا الدار” ان زيارة عشقي تعد انجازاً كبيرا للرئيس نتنياهو.اما صحيفة هآرتس الصادرة بتاريخ 22/7/2016 قالت حرفياً :ـ ان زيارة الجنرال عشقي لاسرايل ليست الاولى فقد زارها مرات عديدة ودعا فيها الدول العربية الى التطبيع مع اسرائيل.والتقى الجنرال عومر بارليف الذي لا يكف عن التفاخر بقتل عدد كبير من العرب عندما كان قائداً لوحدة الاغتيالات في الوطن العربي.
نخلص ان اشد انواع الفساد على الاطلاق هو الفساد الفكري لما له من اثار مدمرة.فالسياسة وسيلة لا غاية ،يجب ان توظف في خدمة العامة و الاهداف الوطنية والقومية،فهل للمواطن ان يتاجر بهؤلاء الجنرالات المتسيسون ـ الجنرالات المغامرون ـ وان يخلع عليهم لقب رجالات سياسة بعد ان ذاق الويل على ايديهم… بالقطع لا وما يحدث على ارض الواقع يؤكد انهم دمى لجس النبض.فلا عجب ان ترى عجائب عجيبة دون ان تعجب.وهذا يدل على مدى السقوط الذي وصلت اليه النخب العربية،بقيامها بمغامرات سياسية ارتجالية تتم عبر حيل اعلامية تسبغ على منجزاتها هالة تلفيقية.
ما يجرح المواطن العربي ان عشقي جنرال مخابراتي وبالتالي هو شخصية عامه لا يعمل بمعزل عن اصابع تحركه من خلف ستارة، انها لعبة المستلبين انسانياً ،قومياً و اخلاقياً و المملؤين بعقد نقص مستفحلة، حينما قدم للفلسطينيين وجبة مسمومة ختم بها حكايته وحياته نهايتها كريهة تطاردها مليار ونصف مليار لعنة عربية ومسلمة لحماقته وسوء حساباته بقدرته على تخصيب جنين مشوه اسمه المبادرة العربية وفرضه على الامة في توقيت ملغوم وهي في اضعف حالاتها واسوأ ظروفها فيما اليهود في ذروة قوتهم. كانت رحلة الجنرال ستكون تاريخية ساهم في تحرير منظمة التحرير من العملاء المتعاملين مع اسرائيل و اولئك الفاسدين الذين سرقوا اموال الفقراء والشهداء وحولوها الى شركات وقصور تراها كم دون عناء اينما تولي وجهك في كل مكان لكنه ليس سوى مرسال ببغاوي يستحق الاحتقار لقبوله بهذا الدور المهين.