بقلم الاعلامي ..بسام الياسين
* هل سمعت آخر الاخبار ؟! .
ـ لا ، لم اسمع … ما الجديد على شاشتك المثيرة ؟ .
* يقولون ،ان مسؤولاً من الوزن الثقيل،اقام حفل زفاف اسطوري لنجله، بلغت تكاليفه التخمينية الوف الدنانير ـ غير الفراطة ـ . في نهاية الحفل وزعوا على كل مدعو علبة جميلة بداخلها قطعة ذهبية ثمينة تحمل صورة العروسين و الاسماء الاولى لهما،وكأنهما من اباطرة القرون الوسطى !.
ـ هذا من فضل ربي .
* تصور ـ يا صديقي ـ ان فستان فرح العروس من تصميم اشهر دار ازياء في باريس .
ـ الله كريم يعطي من يشاء بغير حساب .
* لكن للحكاية بقية ستنقلك من صدمة الدهشة الى عوالم الابهار !.
ـ ربِ زدني علماً …قل ما عندك فلقد بدأت احس بالدوار من هذا الموال الذي يغم البال .
* والد العريس المتنفذ،حجز اجنحة الفندق بالكامل للضيوف ليناموا تلك الليلة بلا هز لإفراطهم في الشراب من المياه الملونة،وإسرافهم بالهز، خوفاً على الرجال من حوادث الطرق والنساء من نزلات برد لملابسهن الرقيقة الشفافة التي بالكاد تسترهن…. خطوة يشكر عليها تدل على انه قلبه على الناس،و يمتلك فكراً استراتيجياً لحمايتهم من غيرهم ومن انفسهم.
ـ وماذا عن الكلاب الهائمة على وجوهها في الشوارع التي تنام على الارصفة وتقتات على الحاويات ؟!.
* ولله في خلقه شؤون ، “فالمخلوقات طبقات” !!!.
ـ احدى مُفآجآت تلك الليلة الليلاء سمعتها من الشخص الذي قاد العربة الى وسط القاعة حيث يرقص المدعوون.
* ربِ اجعل هذا البلد آمنا… ارجوك لا تقل لي انها مفخخة فانا لا احتمل هكذا فاجعة !.
ـ لا تشطح بخيالك بعيداً. الرواي كان النادل نفسه، قائد العربة التي حملت كعكة ضخمة كناطحة سحاب كادت ان تلامس سقف القاعة…تقديرات شهود العيان انها اكبر كثيراً من بعير، واصغر قليلاً من باص نقل عام .
* ان الله يحب ان يرى اثر نعمته على عبده .
ـ الغريب انهم احضروا لكل من العريس والعروس سيفاً مقبضه من ذهب خالص عيار ( 24 ) قيراط .
* لماذا لم يأخروا المبارزة الى مخدع الزوجية ام انها من اعراف الفروسية عند العائلة الكريمة ؟!.
ـ لا هذه ولا تلك .فالسيوف اكثر هيبة في الذبح ،ناهيك انها ـ اي السيوف ـ لصيقة بالفرسان وصديقة الشيوخ النبلاء وتعود بنا الى الجاهلية الاولى حيث يذبح الشيخ قطيع خرفان ليكرم ضيفه. المهم ان يشبع الضيف حتى لو جاعت القبيلة.
* زيادة الخير خير… اللهم زد وبارك… بالمناسبة، اخبرني هل الجاتو صلبة بحاجة الى سيوف في الوقت الذي تخلينا عنها في حروبنا مع عدو ابتلع فلسطين كلها بينما سيوفنا معلقة في المتاحف او لتقطيع الجاتو تارة و تارة اخرى لتقطيع الرؤوس ؟!.
ـ لا، لا…الجاتو سهلة القطع والمضغ والهضم.
* يا سبحان الله…اذن لماذا السيوف والموسيقى الصاخبة و الاغاني الصاخبة كاننا ذاهبون الى حرب مصيرية، ما دامت الجاتو عجينة طرية ؟!.
ـ للمباهاة الفارغة… وعيون الجياع تٌبلى بالعمى .
* صحتين وعافية…لكن الخبز اطيب طعماً و احلى مذاقاً .
ـ كلامك صحيح ان كان لمعدتك اسنان قوية ،حينها تكون كالثورلا تفرق بين العلف والحصى ،خاصة بعد يوم طويل من الحراثة الشاقة، اما هم فلم يبدلوا اسنانهم اللبنية حتى انهم يجدون صعوبة في مضغ الشيكولاتة.
* اللهم استر فقري بثوب العافية،و احمدك ربي على نعمة الفقر….فانا لم اكن ادري ان للفقر مزايا تجعله احيانا نعمة لا نقمة.
ـ قل لي بربك لماذا تدوخني بموضوع ليس لي فيه مصلحة ولا يهمني ان كان العريس صلباً كالحديد سيرفع راس العائلة الكريمة او رخواً كالحرير لا يستطيع فتح علبة سردين.
* اذا كان امثال هذه القضية لا تهمك فانها تقتلني…فلو سمع بها الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم لدفعت البلد الى انفجارات اجتماعية مدمرة.
ـ لا حول ولا قوة الا بالله.
* السؤال الذي يطاردني كظلي، من اين جاء هؤلاء الكسالى المدللين بهذه الاموال الخرافية،وهم ليسوا سوى موظفين مثلنا.” حارتنا ضيقة ونعرف بعضنا “.المرحوم جد العريس امضى عمره،ومعطف الجيش البالي الذي ورثه عن ابيه منذ الانتداب البريطاني لم يفارق اكتافه،ولما توفي ـ رحمه الله ـ لم يجدوا له كفناً، فكفنوه فيه ليستروه امام المشيعيين…فشكراً للانجليز.
ـ اخي العزيز ، لهم الدنيا ـ متاع الغرور ومحطة العبورـ ولنا الجنة دار الخلود…! .
* الله لا يقبل بتفسيرك الساذج…الله الذي صورنا في افضل صورة، وخلقنا في احسن تقويم لنتمتع بخيراته و نتنعمَّ بالآئه. الله الكريم العدل،و الخبير بخلقه، لم يخلقنتا لنكون عبيداً لغيرنا نشقى لإسعادهم،و دواباً لامتطاء ظهورنا….فاحد العارفين بالله قال لمن حوله ذات عشق رباني :ـ { اني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء الا رايت لله عليَّ فيه نعمة ولي فيه عبرة }.
ـ يا سيدي،ربما هم اكثر اجتهاداً منك،ويمتلكون مواهب غير عادية حتى وصلوا الى ما وصلوا اليه.
* وصولهم كان خسارة الخسارة…فمنذ طفولتي المبكرة تسلخت يداي من حمل تنك الباطون على اكتافي من قاع المدينة الى اعلى ابراجها لاعمار الوطن،ورغم هذا الشقاء لا املك سقفاً اخلع تعبي تحته. قل لي اين هي العدالة ؟!.
ـ اضم صوتي الى صوتك،فالحياة ظالمة…لا عدالة ،لا مساواة، لا تكافؤ فرص. الغالبية الغالبة تموت جوعاً،بينما الثروة والنفوذ والسلطة بيد القلة . لذلك انصحك بتقديم شكوى للاجهزة المختصة.
* اهلاً شكوى !. الا تعلم ان النزاهة هي الغائب الاكبر . فمنظومة الفساد المستشرية ، تجد لنفسها عند ملاحقتها الف ذريعة للهرب من العقاب ، وتنسج لنفسها الاقنعة المختلفة لتتفلت من المسؤولية. انها ذكية تستخدم لغة الاشارة كالطرشان للتعمية على الحقيقة. بدوري اتوجه اليك بسؤال يدور في اذهان الجميع من اين جاؤوا بهذه الثروات الضخمة،و ايديهم طرية كأوراق النعناع ووجوههم لم تلفحها ؟!.
ـ بصريح العبارة ، لا ادري.
* انت كذاب… بصريح العبارة انت تدري،و انا ادري وهو يدري وهم يدرون…الكل يدري لكن الجبناء يخافون المواجهة اما بالهرب كالارانب المذعورة او الاختباء داخل صدفة كسحلفاة عجوز تجرجر خيباتها المزمنة….سيدنا علي كرَّم الله وجهه قال :ـ ان الحق لم يدع لي صاحباً بينما انت ومن هم على شاكلتك يعتمدون مسح الجوخ و الطبطة فيما الوطن ينهار امامهم مدماكاً بعد مدماك .انتم صنف من الرجال اجبن من قول الحق لانكم غاطسون بالنفاق .
ـ يا حبيبي مية جبان ولا الله يرحمة…!.
* مع ستين قلعة تقلعك انت و امثالك العجزة الذين ترتعد فرائصهم من رؤية صرصار ولخوفهم يحسبونه ديناصورا.