منذ ما يزيد على عامين، خلص تقرير ديوان المحاسبة الى نتيجة مفادها ضرورة دمج المؤسسات والهيئات العامة التي تشترك بنفس الهدف.
ويقوم الديوان بمتابعة العديد من المهام الرقابية على مؤسسات الدولة كافة بهدف مراقبة إيرادات الدولة والتثبت من طرق صرفها والتحقق من سلامة ومشروعية استخدام الموارد المتاحة بكفاءة وحث المؤسسات والهيئات العامة على متابعة تنفيذ مشاريعها الرأسمالية.
وحمل تقرير الديوان رقم 57 للعام 2008، جملة من الانتقادات لأداء تلك المؤسسات، حيث صنف علاقتها مع الموازنة العامة والحساب الختامي الى مؤسسات ذات استقلال مالي وإداري، وهي المؤسسات التي تخرج عن نطاق مراقبة ومتابعة دائرة الموازنة العامة، ولا تظهر حساباتها وبياناتها المالية ضمن الحساب الختامي للدولة؛ وهي على سبيل المثال البنك المركزي، وأمانة عمان الكبرى، ومؤسسة الضمان الاجتماعي، وبنك تنمية المدن والقرى.
وأشار التقرير الى نوع آخر من المؤسسات، وهي مؤسسات وهيئات عامة مستقلة تخضع لمراقبة ومتابعة دائرة الموازنة العامة، التي تقوم بإعداد موازناتها محددة بذلك إيراداتها ونفقاتها حسب الاصول، والتي سمحت لها قوانينها وأنظمتها بفتح حسابات خاصة بها لدى البنوك التجارية والبنك المركزي.
وأضاف التقرير أنه لا تظهر ضمن البيانات حسابات خاصة بها لدى البنوك التجارية والبنك المركزي، ولا تظهر ضمن الحساب الختامي للدولة؛ وهي على سبيل المثال مؤسسة تشجيع الاستثمار، هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، هيئة الاوراق المالية، هيئة قطاع التأمين، سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
وأشار الى مؤسسات حكومية شبه رسمية، وهي المؤسسات التي تدعم من قبل الخزينة العامة لتغطية جزء من التزاماتها، ولكنها لا تخضع لرقابة ومتابعة دائرة الموازنة العامة، وبالتالي لا تدرج نفقاتها وإيراداتها ضمن الحساب الختامي للدولة؛ وهي على سبيل المثال لا الحصر، الجامعات الحكومية الرسمية والجمعية العلمية الملكية.
وتطرق التقرير الى محددات تحليل الحسابات الختامية للمؤسسات والهيئات العامة المستقلة، من حيث عدم إمكانية الحصول على كافة البيانات المالية الختامية للمؤسسات العامة عن العام المالي 2007، وذلك عند عدم اكتمال اعداد تلك الحسابات في بعض المؤسسات والهيئات العامة؛ وهي على سبيل المثال صندوق المعونة الوطنية ومؤسسة الاسكان والتطوير الحضري.
وانتقد التقرير عدم قيام بعض المؤسسات والهيئات العامة بتزويد ديوان المحاسبة بالبيانات المالية الختامية عن العام المالي 2007، وذلك خلافا لأحكام المادة 22/ب من قانون ديوان المحاسبة رقم 28 للعام 1925 وتعديلاته، رغم طلب ديوان المحاسبة ولأكثر من مرة.
كما تطرق التقرير الى تأخر بعض المؤسسات والهيئات العامة المستقلة بتقديم بياناتها المالية وحساباتها الختامية عن الموعد المحدد وحسب الاصول.
وبحسب التقرير "لم تبين بعض المؤسسات والهيئات العامة -وبموجب تقارير رسمية تقدم لكل من وزارة المالية ودائرة الموازنة العامة- فوائضها المالية الفعلية للعام المالي 2007 حسب الاصول، وذلك خلافا لأحكام المادة 5/ب من قانون الفوائض المالية رقم 30 للعام 2007.
ومن هذه المؤسسات على سبيل المثال، هيئة تنظيم قطاع النقل، وهيئة التأمين، ومؤسسة التدريب المهني، ومؤسسة سكة حديد العقبة.
ولفت التقرير الى أنه يتم إعداد موازنات المؤسسات العامة المستقلة باستخدام الاساس النقدي، علما بأن هذه المؤسسات تطبق أساس الاستحقاق عند إعداد حساباتها الختامية، الامر الذي يجعل من الصعوبة بمكان إجراء تحليل مالي لتلك البيانات، ولنستطيع إجراء المقارنات، تم الاعتماد على موازنات المؤسسات المستقلة للعام 2007 التي تصدر عن وزارة المالية، دائرة الموازنة العامة والارقام بعد عملية إعادة التقدير لنفس العام.
ولمعالجة تلك الملاحظات، قال التقرير "يجب أن تقوم وزارة المالية بإصدار حساب ختامي مجمع للوحدات الحكومية والمؤسسات العامة، لا سيما وأن موازنات تلك الوحدات صدرت بموجب قانون للعام المالي 2008، وذلك على غرار الحساب الختامي للدولة، وبالتالي يمكن قياس نتائج أعمال تلك الوحدات ومقارنتها بما هو مخطط للوقوف على الانحرافات ومعالجتها، إن وجدت".
وطالب التقرير بضرورة تفعيل دور وزارة المالية ودائرة الموازنة العامة في عملية متابعة وتحصيل الفوائض المالية المتحققة عن الوحدات الحكومية واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتوريدها الى الخزينة العامة للدولة أولا بأول، وذلك استنادا لأحكام قانون الفوائض المالية رقم 30 للعام 2007.
كما طالب بتوفير كوادر مؤهلة لإعداد قوائم مالية وحسابات ختامية وفقا للمعايير الدولية لبعض المؤسسات.
وتطرق التقرير الى أهمية عدم المصادقة على البيانات المالية الختامية للمؤسسات المستقلة، إلا بعد قيام ديوان المحاسبة بإبداء رأيه المهني وتقديم توصياته حولها.
وشدد التقرير على أهمية إلزام جميع المؤسسات والهيئات العامة المستقلة بإصدار حساباتها الختامية في الموعد المحدد وحسب الاصول.
وأشار التقرير إلى تحقق وفورات بعد إعادة تقديرها بمبلغ 102 مليون دينار قبل التمويل، في حين قدرت بمبلغ 13 مليون دينار للعام المالي 2007، وجاء هذا الارتفاع نتيجة تراجع ملحوظ بالنفقات الرأسمالية المعاد تقديرها للعام 2007، حيث شكل ما نسبته 63% عن المقدر لها لنفس العام، وهذا مؤشر سلبي يدل على ضعف الأداء في إنجاز المؤسسات لأهدافها وغاياتها.
وتراجع الايرادات كان أحد المواضيع التي لفت إليها التقرير، إذ أوضح أنها انخفضت بنسبة 14% عما هو مقدر لها للعام 2007، ما يدل على ضعف أداء بعض تلك المؤسسات وتقصيرها في تنفيذ المشاريع الرأسمالية التي رصدت لها مخصصات مالية ضمن موازناتها المختلفة.
وأكد التقرير أن نسبة التراجع في المنح والهبات الاخرى بلغ 40% عما هو مقدر لها في العام 2007، ما يدل على ضعف في التنسيق والمتابعة مع الجهات الدولية المانحة.
وقدرت الايرادات للمؤسسات العامة المستقلة بمبلغ 936 مليون دينار للعام 2007، مقابل 806.9 مليون دينار إعادة تقدير لنفس العام.
وأشار إلى تراجع الايرادات عن المقدر بمبلغ 129 مليون دينار للعام 2007، حيث كانت حصة سلطة المياه من الانخفاض 63 مليون دينار، أي بنسبة 48% من إجمالي التراجع، ما يدل على ضعف إجراءات تحصيل الايرادات ومتابعة المشاريع في السلطة.
وقدرت الايرادات لبند أخرى 43.8 مليون دينار، في حين بلغت قيمتها بعد إعادة تقديرها للعام 2007 ما قيمته 31.9 مليون دينار وما نسبته 27% لنفس العام، ما يتطلب بيان محتوياتها.
وقال التقرير "لقد قامت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بتجديد عقد شركة "زين" لمدة 15 عاما وبرسوم إجمالية بلغت 80 مليون دينار للعام 2006، في حين كان بإمكان الهيئة أن تفرض رسوما أعلى، كون هذا القطاع متناميا بشكل كبير، ما أضاع فرصة كبيرة لتعظيم إيرادات الدولة".
وبلغ إجمالي دعم ومساهمة الحكومة 144 مليون دينار بعد إعادة التقدير للعام 2007، مشكلا ما نسبته 18% من إجمالي إيرادات المؤسسات والهيئات العامة المستقلة.
وقدر إجمالي الفوائض المالية بعد إعادة التقدير للعام المالي 2007 ما مجموعه 189 مليون دينار، حول فعليا منها الى الخزينة العامة ما مجموعه 129 مليون دينار فقط خلافا لأحكام قانون الفوائض المالية رقم 30 للعام 2007 المعمول به.
وبلغ إجمالي الوفر المتحقق في المؤسسة الاستهلاكية المدنية عن العام 2007 والوفورات السابقة المدورة مبلغ 8.7 مليون دينار تقريبا، وقامت المؤسسة بتحويل مبلغ مليون دينار فقط للخزينة.
كما بلغ إجمالي الوفر المتحقق للعام 2007 والمدور من سنوات سابقة لدى هيئة تنظيم قطاع الاتصالات ما مجموعه 73.2 مليون دينار، حيث قامت الهيئة بتحويل مبلغ 58.9 مليون دينار فقط للخزينة.
وبلغ الفائض لمؤسسة المناطق الحرة 19 مليون دينار للعام 2007، تم تحويل مبلغ 11.7 مليون دينار فقط للخزينة العامة، علما بأن المؤسسة تحتفظ بمبلغ 10 ملايين دينار كرصيد نقدي، كما في 31/12/2007 متمثلا بودائع لدى البنوك.
وبلغ الوفر الفعلي المتحقق لدى السلطة البحرية الاردنية مبلغ 467 ألف دينار خلال العام 2007، وتحتفظ المؤسسة بفائض مدور عن السنوات السابقة بمبلغ 422 ألف دينار لم يتم توريد تلك المبالغ للخزينة.
وأشار التقرير الى أن النفقات الجارية شكلت بعد إعادة التقدير للعام 2007 ما نسبته 53% من إجمالي النفقات للمؤسسات.
وبلغت مكافآت أعضاء مجلس الادارة لمؤسسة المدن الصناعية 70 الف دينار، بحيث تم احتساب وتحديد مكافأة لكل عضو بمبلغ 5 آلاف دينار مسبقا دون تحديد عدد الجلسات التي حضرها العضو خلافا للمادة 14 من قانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 59 للعام 1985، والتي تنص على تحدد علاوات وأتعاب أعضاء المجلس بقرار من مجلس الوزراء على أساس عدد الجلسات التي حضرها العضو.
وقال تقرير ديوان المحاسبة "بالوقوف على طبيعة نشاط بعض المؤسسات، نجد أن هناك أكثر من مؤسسة تؤدي نفس الغرض وتشترك في نفس الاهداف والغايات التي تم إنشاؤها من أجل تحقيقها، ما يؤدي الى تداخل وتضارب في الصلاحيات وإعاقة للاستثمار في القطاعات التي تتولى تلك المؤسسات الاشراف والرقابة عليها، وهذا مخالف لسياسة رفع الكفاءة المؤسسية وضبط وترشيد الإنفاق".
وأشار التقرير إلى تراجع الإنفاق الرأسمالي للمؤسسات بنسبة 37%، بعد إعادة التقدير للعام 2007، وهذا يدل على عدم قدرة المؤسسات العامة على تنفيذ ومتابعة مشاريعها الرأسمالية؛ وخصوصا التنموية منها.
وبين التقرير أن التراجع الحاد في نسب الانجاز كان للمشاريع الرأسمالية، ونشير على سبيل المثال إلى هيئة تنظيم قطاع النقل 2%، الهيئة الاردنية لتنمية البيئة الاستثمارية 5%، هيئة التأمين 17%، هيئة الاعلام المرئي والمسموع 18%، صندوق التأمين الصحي المدني 21%.
كما بلغ الانفاق على المادة 512 أخرى ما مجموعه 96.5 مليون دينار، بعد إعادة التقدير للعام 2007، أي بنسبة 29% من إجمالي النفقات الرأسمالية لنفس العام.
ومن أوجه الانفاق على هذه المادة: الكهرباء، الهاتف، صيانة مكافآت.. إلخ، وهي ذات أصل جار وليس رأسماليا، ويعد ذلك خللا بهيكلية رصد المخصصات بمكانها الصحيح.
كما انتقد التقرير تكلفة المبنى الجديد مع تأثيثه لمؤسسة المواصفات والمقاييس بمبلغ 10.2 مليون دينار، وقال "هي تكلفة عالية كونها لا تتضمن تطوير وتحديث المختبرات والتجهيزات المعنية بتنفيذ المهمة الأساسية للمؤسسة بكفاءة وفاعلية عالية".
وطالب بضرورة بيان أثر المبنى الجديد لمؤسسة المواصفات والمقاييس على أدائها لتنفيذ المهام الموكول إليها رغم التكلفة العالية.
ودعا ديوان المحاسبة إلى إعادة احتساب مكافأة أعضاء مجلس إدارة مؤسسة المدن الصناعية على أساس عدد الجلسات التي حضرها العضو واستنادا لأحكام المادة 14 من قانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 59 للعام 1985.