بقلم الاعلامي . بسام الياسين
{{{ السكوت حين يجب الكلام خيانة و الوقوف على الحياد حين يتطلب العمل جريمة.قل كلمتك ـ كلمة حق ـ ولا تكن كحجر على قارعة الطريق يعوق الحركة،لانك ان تقف على رصيف الحياة وتلعن الزمن فانت ضد الوطن لا معه...بوصلتك في النقلة المباركة من الاستكانة الميتة الى الحركة الفاعلة حسك الوطني وقلبك الحي ، اما ان بقيت على حالك من خمول وخمود،فانت قطعة شطرنج داخل اللعبة، تتحرك رغم انفك لا طوع مشيئتك.فتحرك كانسان له رأيه لا كإمعة خانعة }}}.
اصعب انواع اللا ثقة ان تفقد الثقة بمن كنت تثق بهم.تكتشف من اول اختبار لهم ، انهم ليسوا جديرين بها،بل تصل حد اليقين القاطع انهم خونة لمبادئهم ، و ان كلامهم عن القيم ليس الا للزركشة البلاغية وتسويقاً لانفسهم...تصاب بالصدمة الموجعة حين تتأكد انهم شخصيات عفنة ، يرهنون ذواتهم للشيطان لاجل منفعة عابرة...تُصاب بالصدمة اكثر حين تعرف باليقين القاطع ان الاسد الممانع الذي تراهن عليه ليس اهلا للممانعة انما هو صوص منتوف الريش،غاطس في مستنقع موحلٍ لا يقوى على انقاذ نفسه،فكيف تطلب منه النجدة وهو لا يستطع ستر عورته.معادلة لا لبس فيها تشير الى ان رهانك خاسر،فعليك مراجعة حساباتك.
لكثرة ما مرَّ على امتنا من قصص مخجلة،لم يعد واحدنا يثق باحدٍ او يأمن شره...ما ينسحب على الاشخاص ينسحب على الدول.الذاكرة الجمعية للشعوب العربية لن تنسى بسهولة تآمر بعض الانظمة العربية وتواطأ بعضها الاخر على العراق، بتقديم المعلومات الاستخبارية والخدمات اللوجستية،ناهيك عن فتح بوابتها لتسهيل احتلاله من لدن الصديق الامريكي الذي لا ترد له كلمة،كأنها نازلة من السماء السابعة،وتبرير كذبها تحت ذرائع شتى ابسطها،كذبة الاطاحة بالديكتاتورية و تحقيق الديمقراطية،ولما افتضحت اللعبة ،تبين انه جاء غازياً متوحشاً،هدفه التدمير والتقسيم وترك البلاد ضعيفة منقسمة على ذاتها في حالة فوضى ثم تسليم مفاتيحها بوابة الى عدوها التاريخي...ايران ....فيلم امريكي مثير دفع العربان تكاليف انتاجه واخراجه.المفارقة ان العربان لعبوا دور الكمبارس لم يتعد دورهم تقشير البطاطا وتقطيع البصل للجندي الامريكي،وتعبئة وقود الطائرات،و تلقيم المدافع بالحشوات الموجهة للمدن العراقية.
ذات السيناريو يتجدد اليوم .العربان انفسهم يتخلون عن سوريا لـ " الروس الكفرة " تلك التي حاربوها في آخر الدنيا في خاصرتها ـ افغانستان ـ،لتقديم دمشق هي الاخرى هدية لطهران ، ليكتمل القوس الشيعي.فلا تسمع لقادة العرب الاشاوس " ركزا ". تراهم في الملمات الصعبة، تماثيل شمعية،و وفي ساعلت الشدة كائنات هشة اما على شعوبهم اسود يحكمون بالحديد والنار،بالعصا والزنزانة،بالاستبداد والقوة حتى اصبحنا عنوان التخلف لكثرة ما ضُربنا بمطرقة الاحكام العرفية،قوانين الطواريء القمعية ،التنكيل،التعذيب....واقع عربي مخجل و مفخخ مليءُ بالسريالية،فياضُ بالعدمية، يتفسخ مثل جيفة مرمية في العراء...انه زمن الخجل...لا اخجل حين اقول ان قلعتنا العربية التي كنا نحسبها قلعة حصينة ليست سوى قلعة "مخردقة" كغربال و منخورة من اركانها الاربعة، لا تحتمل نفخة هواء ولا هزة..فصارت اراضينا اليابسة جدباء قاحلة،و بحارنا الاستراتيجية غير صالحة الا لركوب قوارب الموت لفرار شبان العرب من جهنم امتهم للغرب،واستعدادهم للتنازل عن مواطنتهم للحصول على لقب لاجيء ومخصصات مشرد.
الانحدار القومي وصل قاع القاع.طارق بن زياد احرق مراكب جنوده ذات كرامة عربية... قائلا لهم وهو القائد الملهم :ـ لا هرب من المواجهة...انتم بين فكي بحر بلا نهاية وعدو لا يرحم،فإما ان تنال سيوفكم رؤوسه لإعلاء كلمة الله و اما الشهادة في سبيل الله.فكانت ملحمة النصر الكبرى لإولئك الذين باعوا الدنيا واشتروا الجنة...في يومنا هذا شيوخ المال والضلال يركبون اليخوت الفارهة،لممارسة الفواحش وإغضاب وجه الله،ويتباهون بجهرهم بالغواية، من دون ان يعبئوا بسقوط الامة الى الدرك الاسفل من السقوط....الاسوأ تبريراتهم القبيحة عن خذلان الامة باقوال لا يقولها الا قبيح مثلهم،وناقص عروبة و اسلام لم يبلغ الكمال مثلهم.مشكلتنا ان لدينا الكثيرين منهم منتشرون في كل مكان كالوباء.
فضيحتنا إنمحاء صورة الاسطورة العربية التي فطمونا عليها في كتب التاريخ المزورة والدروس المدرسية المكتوبة باقلام الجهلة ، لتحل مكانها صورة الخيبة المخجلة،والحقيقة الدامغة ان انحدارنا الاخلاقي فاق الاسطورة الاغريقية في الجمع على فرشة عربية واحدة "الضرتين روسيا و امريكا "،بينما عنترة العربي مصاب بعجز سفلي بعد ان باع فرسه ورهن رمحه،ولشلله النصفي راح يلعق اللذة المحرمة بلسانه مطأطأ الراس كسير العينين.من هنا بدأ انقلاب الامة.
يا الله ماذا جرى لامتنا " عير الامم " ؟! . قاسم سليماني يعزف مزاميره الشيطانية على جثة بغداد ودمشق وصنعاء....نصر الله ينْقر على الدف في بيروت، و بوتين يتمايل طرباً و هو يضرب طبل النصر في حلب...انظمة العربان من فرط يأس وفرط خوف نامت نومة اهل الكهف...سقطت في كل مكان...وطواها زمن الذل طي النسيان... المواطن العربي وحيداً يداري اوجاعة...يفتش عن ذاته...يبحث في صمت عن وطن آخر بعد ان حشروه في الزاوية...ضيقوا عليه معاشه...امضى حياته في حياة يعتورها عوز وفاقة...جوع ولا كرامة،استبداد مقيم ومظلمة تولد من مظلمة... اين يهرب من واقعه حيث اصبح رحم المقبرة اكثر راحة من العيش تحت سقف الانظمة البائسة ؟!. ( نشكو الله حكاماً يرقصون بسيوفهم على دماءنا ).
حلب كبيرتنا الكبيرة ...كَبرنا فيكِ...نكبر فيكِ...لا زلت تكبرين رغم ما حلَّ بكِ.اما نحن نصغر و نتصاغرنا امامك لاننا عجزة عن مساعدة انفسنا وعاجزون ان نمد ايدينا المرتعشة لكِ و انتِ يا سيدة المدن صلبة العقيدة والفريدة في تضحية فاقت الاسطورة،بلغت حدود المعجزة...حلب يا خيط الدم الطاهر،يا آخر خطوط الكرامة المهدورة...يا سند الامة الذبيحة...يا سيدة بلاد الشام المنتهكة. تاجروا بكِ، تآمروا عليكِ ، ولوا الادبار حينما داهمك الاشرار...انكروك وتنكروا لكِ... يا لخستهم...فهل اتاكِ حديث الطواغيت ؟!.
الروس سرقوا رمح خالد بن الوليد الذي جاءك فاتحا ذات فخر من باب انطاكية لطرد الروم.الايرانيون كسروا سيف، سيف الدولة الحمداني... عصائب الباطل،الحشد الشيطاني،ارزال النجباء اقتحموا قلعتك العصية.استباحوا حرماتك المُحرمة. فكيف نأكل بعد اليوم خبز افرانهم المحمص في آتون المجوس؟!.كيف نهادن الملالي ذوي السير السوداء كعمائمهم السوداء التي تعتلي رؤوسهم ؟!. كيف نصمت على سكاكينهم المسمومة المغروزة في جسد الامة الاشد سُمية من خنجر ابي لؤلؤة الذي قتل عمر العادل ،الحازم ،الصارم ،القانع ،الساطع ،الناصع ؟!. كيف ننسى حبل مشنقة صدام العروبة و الاسلام المجدول في طهران بحقد كراههم للعرب والمسلمين الذين اطفأوا نيران معابدهم المجوسية في ملحمة القادسية ؟!.
حلب اجراس الاعياد صامتة حزناً على تشويه وجهك الملائكي.مصابيح المآذن الذاهبة الى سماء الله العالية مطفأة،غضباً على افاعيل الروس،آيات الله،حزب الله ومن لف لفهم من زينبيين،فاطميين،عصائب اهل (الباطل)، عصابة النجباء،وباقي المرتزقة الذين قدموا من اقاصي الدنيا تحت مسميات شيعية للجهاد بإهل السُّنة...اقترفوا مذابح من دون رحمة،جرائم تتبرأ منها ضواري الغابة المتوحشة.مفارقة لافتة لم ينتبه لها العربان...ففي الوقت التي كان يراق فيه الدم السوري على الارصفة، كان رئيس وزراء روسيا مدفيدف يكتب في (تل ابيب) في سجل كبار ضيوف اسرائيل حرفياُ :ـ ((( ذكرى الستة ملايين يهودي الذين ابيدوا في الكارثة...ذكرى يجب ان تكون محفورة في تاريخ الانسانية ))).كارثة مشكوك فيها و بارقامها،اما ذبح العرب على امتداد خارطة الوطن العربي كذبح الدجاج في نتافة لا يحرك شعرة في "عانة العالم"...!.
حلب وردة الرماد...تلك التي كانت يابان العرب...مدينة الاحياء الاموات،الاموات الاحياء صارت خرابا.اطفال مطمورون تحت الركام...اكوام عظام تتعالى من تحت انقاض الاسمنت المسلح والحجارة.صبايا يبحثن عن رشفة ماء، نسمة هواء.سيدات يخمشن جدران بيوتهن المنهارة لفتح كوة لشمس النهار.رب اسرة يبحث عن بيته الضائع بين الدمار.شاب يحفر باظافره بلاط غرفته للخروج الى فضاء الحياة..قطة تموء من صقيع وجوع... بينما الولي الفقيه في طهران و الفقيه الامام في الكرملين،والسيد السيد في لبنان يتبادلون الانخاب بالنصر المبين على المدنيين...اما سيادة الرئيس في قصره الرئاسي خارج الحساب والحسبة ، يحسو دم شعبه من فنجان قهوته المُذهب التي اعدته له السيدة الاولى " السيدة اسماء" صباح يوم دموي،كأن شيئاً لا يعنيه، بعد ان صوّب آخر طلقة من حقده على وطنه،ببرودة اعصاب...تُرى ماذا بقي من كلام عندما يموت الضمير؟!. لا شك انه يموت كل شيء ويصبح القتل هواية كالصيد والخيانة مهنة كالبيع والشراء.
"سيادة الرئيس" :ـ ان اجمل المشاعر الانسانية شعور الغائب عندما يعود الى بيته،فهل تصورت شعور المواطن المقيم عندما يُقتلع من وطنه ويتغّرب عنوة عن اهله ...اسألك بربك ان كان لك ربٌ تعبده :ـ كيف تُطبق اجفانك ؟!. والى اين تهرب من كوابيسك ؟!. قمر ميت انت... وغصن الغار الذي تحمله تحت قوس نصرك المكذوب ـ غصن عار ـ يدينك ويشهد على يديك الملطختين.فاي مهزلة هذه في انتصار حاكم على شعبه وذبح اهل بيته ؟!. تعريت يا سيادة الرئيس من عُريك...فاكتمل عريك بهدم آخر صرح في وطنك. لم يبق لك وربعك المحاصرين في قلاعكم غير اللعنات و لشعبنا السوري العظيم سوى المراثي الباكية.هل تظن ان جمهورية الموز ـ جمهوريتك ـ بعد ان غادرها الملايين دولة ام " جيتو " محاصر بالنبذ والكراهية ؟!..وهل كان نيرون بطلاً برأيك حينما احرق روما لإشباع لذة الحرق عنده ؟!.و زين الفاسدين بن علي بطلاً قومياً عندما اطلق جهاز مخابراته للتنكيلَّ بشعبه ؟!.
دعكم من الانظمة فعصمتها ليست بيدها،اما سكوت المواطن العربي على ما يجري في اي بقعة عربية خيانة للضمير والوعي والقيم الانسانية...صمته جريمة بشعة بحق فكره وثقافته و امته.لذا لا يجوز التخاذل عن جرائم "رئيس دموي ". فالحق لا يموت لانه قيمة انسانية عليا شرفها الله باسمه .قبل ايام قليلة، قدمت عائلة الرئيس الفاسد زين الفاسدين طلب مصالحة لـ "هيئة الحقيقة والكرامة " المنعقدة حالياً في تونس،لملاحقة مجرمي عهدي بورقيبة وزين الفاسدين الذين عذبوا وظلموا ونكلوا بالناس، لتسوية ما تعلق بها من جرائم،اما انت يا بشار يا ابن ابيك،يعتبر زين العابي فرخاً صغيراً امامك،اذ ان جوادك غاطس في الدم حتى الركب لن يبرح مكانه،فلا تفرح بالرحيل الآمن الى موسكو او طهران..فها هو مغزل التاريخ بانتظارك ، يغزل لك مشنقة وكفن ؟!.