بقلم الاعلامي .. بسام الياسين
{{{ محكمة الضمير اعدل و اقسى و اعظم المحاكم على الارض قاطبة.فمهما بلغ الفاسد من الشطارة فان للناس نظرة،وللحقيقة سطوة،والله قد اودع الامانة سراً من اسراره،لذا فانها ستثأر يوماً ممن خانها او اسأء استعمالها. لا يُغرنّك إن فلت الفاسد بحدة ذكائه واستطاع تبييض امواله بفهلوته او تفلت بقوة نفوذه لانه من ـ اولاد الداية ـ .استحالة مستحيلة ان يفلت من محكمة ضميره التي تُؤرق ليله،وتُقلقه في نهاره،اعماله السوداء التي يتركها خلفه ستُلطخ بالسواد اسمه المنقوش على شاهدة قبره.فابشروا ايها الفقراء،لا جريمة كاملة في بلادنا طالما للريح ذاكرة }}}
"قرر مجلس ادارة الراي تحويل ملف مطابع الصحيفة إلى المدعي العام ولفت النظر الزميل الرواشدة رئيس المجلس الى أن ملف مطابع الرأي واحد من أكبر المشاريع التي استنزفت أمواال الصحيفة، إذ تكبدت خسائر فادحة بعد أن تجاوزت كلف المشروع الحقيقية 40 مليون دينار.في خبر آخر ذكرت عمون،ان وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية احالت لجنة السياحة الدينية الى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بعد ان حصلت بعض شركات الحج على تأشيرات للورش الفنية و الادارية في موسم الحج 2015بطريقة مخالفة وبحسب معلومات فإن هذه التأشيرات،وعددها (1000)تأشيرة، مخالفة للأنظمة والتعليمات حيث يستغلها بعض 'تجار الحج' ويتم بيعها في السوق السوداء بمبالغ تتراوح بين 2500 ــ 3000 دينار ".
اذا ساءنا ان يتنكر اعداؤنا لحقوقنا،فانه يسؤونا ان يلهف اموالنا من هم " منا وفينا " .لذلك فإن واجبنا الوطني والمهني يحتم علينا وضع المواطن في صورة ما يجري،بصفته المتضرر الرئيس من سوء الامانة وترهل الادارة.تعرية الذين نهشوا لحم الوطن وسحقوا عظامه يمليه علينا ضميرنا و أي انحراف لمسار الضمير عن الحقيقة خيانة كبرى له وجريمة بحق انفسنا.
لا نقترب من التجريم و البرآءة .هذا شان قضائي بحث نحترمه ونُجله لايماننا بعدالة القضاء ونزاهة القائمين عليه.امام مسؤوليتنا التاريخية و الاخلاقية ، نرى من حقنا ان نكتب بامانة عن امانة المسؤولية في تصريف شؤون العامة،ومسؤولية امانة الامن،مال الدولة،السياسة،العدالة الاجتماعية،الحريات العامة الديمقراطية،خصوصاً بعد تدهور سلوكياتنا،و ببروز انماط انسانية غير مألوفة ،وصارت القيم النبيلة تجارة كاسدة،ومدعاة للتنّدر والسخرية. مُوجع حتى الصدمة، ان تدخل مؤسساتنا الحساسة / المقدسة دائرة الإتهام .عندها إقرأ على الدنيا السلام.
كنا نتمتى ان تظل هذه الرموز العلية في دائرة المهابة والقداسة،وفوق الشبهات لتبقى صورتها إستثنائية في اذهاننا تمثل النقاوة،الامانة،النزاهة،لكن إهتزاز صورتها خسارة لنا ولها.
مشكلتنا هذه الايام، اننا كل يوم مع جولة عناوين الصحف الصباحية،نقرأ مرثية لمؤسسة عزيزة او محرقة لشخصية نافذة. نيران تشوه من تمسك لهيبها طرف ثوبه.ان لم تحرقه تشوهه،بعدها لا تصلح احواله الف عملية تجميلية.فالشرف كما يقولون في الافلام القديمة " الابيض و الاسود" اما ابيض او اسود ويزيدون عليها انه :ـ " زي عود الكبريت ان احترق مرة انتهى امره"، وكالكأس المكسورة اذا انكسر ما برجعش".
هذا الانطباع غير قابل الامحاء.اما مهرجانات دبكة مؤآزرة المتهم،فهي كالرقص بالعتمة،وشهادة ام العروس لبنتها ليلة الدخلة بانها طاهرة وناصعة البياض مثل حمام مكة. القاعدة العاصمة من المزالق الخطرة،المانعة للجرجرة الى دهاليز المحكمة،حاجز الصد لحماية السمعة في الاجواء المشبعة بالفساد،وتناسل الفاسدين بمتواليات هندسية،لا تكون الا بجرعة قوية ايمانية ،وتطعيم الجهاز المناعي للمسؤولين بتقوى الله لجلب المنافع ودرء المفاسد ،بطريقة لا لبس فيها،والتحلي بخلق الامانة التي تدل على سمو اخلاق الفرد وتماسك بنيان شخصيته،وإخضاع غرائزه وميوله المتفلتة الى مقاييس الخير وموازيين الحق.
بمثل هذه الروحية و الاخلاق يكون الموظف وفيأً اميناً،يبث الطمأنينية في نفوس الناس من جهة و يُحصّن نفسه من جهة اخرى. مُخجل هذا البوح المخجل في ان نصل الى حيث اوصلتنا " الفرقة الفاسدة " الى اقصى درجات التهلكة،نتيجة الطبطبة والتستر على الفضيحة صوناً للسمعة،فكانت هذه النهاية المدمرة.لم تعد حقن " السيليكون" نافعة لاخفاء التجاعيد البشعة مؤسسات الدولة، وانعكست على الاقتصاد والعباد والسمعة اللا مقبولة في المحافل الدولية.
المشكلة الفاضحة ان " اولاد الحلا ل " يريدون الدولة كجمعية خيرية او لجنة لتوزيع الزكاة.لكنهم سقطوا بشر اعمالهم. على المقلب الآخر فريق يريدها دولة عصرية،فطوبى لهؤلاء الذين ترفع اياديهم مداميك الحياة ،مدماكاً فوق مدماك،وتأكل الخبز الحلال،لان الخير فيهم لا بالفريق العالة كاطحالب الماء الذي يعتاش على حساب غيره فهم خارج الحسبة كما قال سيدنا علي:ـ " لا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت ". نضيف فبطرت وكفرت بالوطن والناس. المواطن المكدود لن يغفر لمسؤول سارق،لمقاول غشاش،لكاتب مَضلل،لنائب ممثل،لسياسي كذاب،لحزبي مدعي نضال امضى عمره في الاسترزاق.هؤلاء كلهم " يُنظّرون" كلاماً أنشائياً لاستدرار الشعبوية و يَنظرون للوطن بعيون مصلحية كأنه استراحة مؤقته على الطريق السريع للثراء السريع.
تراهم لاجل مصالحهم متجاهلين ان الوطن هو المولد والمدفن،الحياة والموت، الحاضر والمستقبل.راية عالية يرفعها المنتمي حينما تدلهم الخطوب،بيده المكسورة ويضمها لصدره ان كُسرت الثانية،وليس ذاك العدمي النفعي الذي يهرب ساعة الشدة،بعج ان امتلأت جيوبه بما خف حمله وغلا ثمنه.ذلك هوالفرق بين الامين المؤتمن على وطنه حتى اصغر ذرة و خائن الامانة الذي لا يؤتمن على بيضة.
اذا كان الوضع الاقتصادي اهم تحدياتنا،فمن باب اولى ان تكون خيانة الامانة اخطر امراضنا،لاننا نمر باعوام رمادة عمر رضي الله عنه وسنوات سيدنا يوصف العجاف.فهل اقتدينا بسيدنا محمد صلوات الله عليه، سيد البشرية الموصوف من الدّ اعدائه بالصادق الامين،ومن ربه في محكم كتابه "وانك لعلى خلق عظيم ".فلا ايمان لمن لا امانة له.هنا لا بد ان نستذكر اهل الذكر الجميل، اصحاب الامانة من الرعيل الاول :ـ من بقي منهم على قيد الحياة له المحبة،والنعيم المقيم في الجنة للذين ذهبوا ولم يملكوا غير اكفانهم الزاهية البياض،وعار التاريخ اينما ولى وجهه على كل سارق تلاعب باموال الدولة،فحقت عليه اللعنة السرمدية..... و للامانة العلمية نقول:ـ قد لا يكون خائن الامانة ـ احياناً ـ لصاً بطبعه،لكنه إغراء المال وبريق الذهب،وضعف الوازع الديني و الاخلاقي و اغواء المناخ العام،و التسيب الاداري،والتراخي في تطبيق القانون إعمالا بقاعدة ـ زينون برما داشر وتعّيشوا يا همل ـ،وعملاً بمبدأ ـ اذا حضر الذهب ذهبت الاخلاق ـ. لص المال العام،مخلوق تلبد إحساسه،وهانت عليه سمعة عياله،وداس بحذائه على ضميره، ولا ضير عنده ان يخسر دينه،ويبوء بغضب ربه ليظفر بقليل او كثير من مال حرام.هذا الابله لا يدرك ان الفقر ليس رذيلة،والغنى ليس فضيلة { وما يُغني عنه ماله اذا تَرَدى }
. انما النبالة ان يُحافظ المرء على نبل عواطفه الفطرية المفطورة على حب الخير وعلى قيمه الانسانية و مكارم اخلاقه