بقلم الاعلامي .. بسام الياسين
{{{ الجهل جريمة بشعة وكبيرة الكبائر في حين ان المعرفة زينة وسيرة عطرة.فتزينوا بالعلم وتسلحوا بالعقل،فإنه ظل الله على ارضة.الحق اقول لكم بلا مواربة،ان اخطر جرائم الانسانية،ان يخون المرء وطنه تطبيعاً،ويسرق اهله ايام الشدة.تُرى ماذا يكسب الانسان ان " طق عرق الحيا في وجهه "،وصارت ـ الخيانة وجهة نظر ـ عنده،فيما يعتبر اللصوصية موضة عصرية.بهذا يكون هذا المتحول ليس عدو نفسه بل عدو لامته حتى لو إمتطى اعلى المناصب وحمل ارفع الشهادات العلمية.خريجو مدرسة التحول اتخذوا الوطنية تجارة،فكان وصولهم خسارة الخسارة وفضائح محرجة }}}.
حبيب العادلي وزير الداخلية المصري الاسبق واحد من العشرة الكبار الذين كانوا يتنعّمون بجنة المخلوع حسني مبارك.احرقوا الملايين على عتبة الاعلام لتلميع الرئيس.استغلوا البلطجية لإسكات المعارضة،استعانوا بذوي الحناجر القوية لإسطرة " الزعيم " وتحويله من ضابط طيار الى اسطورة قيادية،ورسم صورة مبهرة له تخطف الالباب و تعمي الابصار.
نجحوا شكلاً بإطلاق اسم مبارك على الاماكن الحساسة كالمدارس والشوارع،ادخلوا تاريخه في المناهج،حتى سوزان زوجته حشرت انفها في السياسية.لم تكتف بحمل لقب زوجة الرئيس بل عملت المستحيل لتكون ام الرئيس بتنصيب ابنها جمال خليفة لابيه . من حُسن طالع مصر العظيمة ان العشرة الكبار :ـ احمد عز،فتحي سرور،انس الفقي ،صفوت الشريف،احمد نظيف،زكريا عزمي....وغيرهم.سقطوا. هم اليوم كلهم بين سجين بتهمة السرقة،وضع اليد دون حق على اراضي الدولة،نهب المال العام ، مطارد من شعبه باللعنة، حبيس مرض الكآبة فار من العدالة.يجمعهم جميعاً انهم اعتزلوا الحياة العامة .تنكّروا لسيدهم و انكروه كأنهم لم يعرفوه.هذه حالة النخب الفاسدة على امتداد الخارطة العربية.
*** " الحرامي العادلي فين" :ـ ...حديث الشارع المصري.سؤال معلق على لسان 90مليون مصري في اعقاب هروبه من تنفيذ حكم قضائي / " جريمة فساد الداخلية " . ـ يا سبحان الله ـ الطاغية الصغير الذي كان يُحكم الخناق على " مصر الكبيرة " بقبضة يمينه، ويطويها كسجادة ساعة الازمة ثم ينفضها مما علق فيها .ذاته الذي يحرك الاجهزة الامنية بإشارة من اصبعه.اصبح اليوم طريداً مطارداً و راسه مطلوباً للعدالة كأي مجرم عمل بالدعارة او زعيم عصابة.
هو ذاته الذي بلغ به الزهو والاستكبار اقصى مداه،بانه لم ينصاع مرة واحدة لطلبات مجلس الشعب بالحضور لسؤاله او استجوابه،رغم استدعاؤه عشرات المرات، ما دفع صحف المعارضة لنشر صورته على صفحاتها الاولى وتحتها كلمة { WANTED } على طريقة افلام الكابوي الامريكية.هكذا هم الظالمون تدور عليهم الدوائر !. وهكذا هو المسؤول عندما لا تكون له بداية مشرفة فلن تكون له نهاية مُشّرفة.
العادلي بطلنا المنفوخ كفقاعة ملوثة،يتخفى كفأر مذعور في حواري القاهرة ويلوذ بالعتمة ليهرب بجلده خوفاً مما فعلت يداه،بعد ان كان وحشاً مرعباً يلوذ فراراً من امامه الجميع.حياة العادلي حكمة وموعظة تقول:ـ ان لا احد يفلت من المُحاسبة مهما بلع من القوة.،فأتعظوا يا اولي الالباب. للاسف امتنا، ابتليت بمئات المسؤولين الحرامية امثال العادلي الذين نجحوا في خداع وعي العامة وتضليلها ،والتعدي على شرفاء المعارضة وتلميع السفلة.الانكى ان هؤلاء الاراذلة اداروا الدولة كانها كبارية ليلية.
العادلي لجأ للاساليب المنحطة لادارة وزارة سيادية محترمة،حيث كان يستعين باشهر المجرمين امثال صبري نخنوخ ومهدي ابو الدهب في حل المشكلات،فض المشاجرات،والاعتداء على الخصوم المعارضين وحسم الانتخابات لصالح مرشح الحزب الوطني.باعتراف المجرمين ان اللواء اسماعيل الشاعر، كان يشرف شخصياً على ادارة حملة الانتخابات النيابية المصرية،وكانوا ـ اي البلطجية ـ يتندّورن" على جملته الشهيرة كاللازمة الموسيقية :ـ " شدوا حيلكوا يا ولاد،إحنا داخلين على انتخابات،و عايزين مرشحين الحزب الوطني يكسبوا ...فاهمين".
العادلي كغيره من الطبقة المخملية المرفهة.كان مغرماً بتربية الكلاب .يمتلك مجموعة نادرة من نوع " رود فايلر " الشرسة المدربة على الهجوم والمقاومة والحماية .الكلب الواحد منها يقتات يومياً على 2 كغم لحمة حمراء،وزجاجة كبيرة من الحليب .المفارقة ان غالبية الشعب المصري عاجزة على شراء " فرخة " و اطفال مصر يفتقرون للحليب.العادلي فرَّ من العدالة.وهنا نستذكر سقراط مع انه لا مقارنة بين فيلسوف وصعلوك.سقراط لفقت له النخبة الحاكمة آنذاك تهماً كاذبة،لانهم استشعروا خطورته عليهم،فسجنوه ظلماً وحكموا عليه بالاعدام.عرض عليه صديقه الهرب.رفضها الفكرة لانها ضد تعاليمه وهو احد رواد علم الاخلاق . تجرع السم راضياً مرضياً بينما العادلي يختبيء في احد مجارير الصرف الصحي خشية المواجهة.
*** علي بنواري :ـ وزير الخزينة الجزائرية ـ المالية ـ لعام1992. كانت سيترشح للرئاسة الماضية. قبل ايام فضحته صحيفة اللوموند الفرنسية،فالصحافة العربية عامة والجزائرية خصوصاً مرعوبة،وموجهة من قبل الدولة،كما ان رؤساء تحريرها يعينون بفرمانات عُليا.لذلك ليست معنية بفساد المسؤولين بقدر تشويه المعارضة والتطبيل للرئاسة.
صحيفة اللوموند المؤسسة عام 1944،كشفت عن متورطين عرب جدد في " وثائق بنما "، المعروفة بالشركات العابرة للبحار " اوف شور "، كما نشرت الصحيفة تحقيقا استقصائياً خاصاً عن تأسيس شركة الوزير السابق علي بنواري باسم "بيغول جروب "، كواجهة قانونية لامواله المنهوبة من الدولة،و سعياً للتهرب الضريبي. كعادة الملوثين استشاط غضباً،وحشد جماعته خلفه متوعداً كل من يسيء اليه بعظائم الامور على الطريقة العربية،ومدعياً انه مقيم في سويسرا منذ زمن بعيد ويديه الطاهرتين ابيض من بياض الحليب،مع انه يلوث المحيط الاطلسي لو مسه بإصبعه. و"الصحيفة الصفراء" تسعى لتلويث سمعته.
الجدير ذكره ان " وثائق بنما "،ازاحت الستارة عن مئات الاسماء العربية من كبار المسؤولين والنخب المرموقة الذين هرّبوا الاموال المسروقة لتكون في منأى عن الملاحقة ، لكن الصحافة الغربية كانت لهم بالمرصاد فاصبحت اسماءهم مضغة على السنة العامة.
*** رائد عاصي شكير :ـ مقاتل عراقي شرس.خاض عدة معركة حامية الوطيس مع داعش . اصيب بجراح عميقة، دخل على اثرها الى مستشفى الكاظمية ببغداد. بعد ان تماثل للشفاء وصحا من غيبوبته. اكتشف انه تعرض الى سرقة احدى كليتيه. حاول الشكوى وطرق الابواب من دون جدوى.لجأ اخيراً الى وسيلة اعلامية شريفة،فوصل صوته الى وزير الدفاع العراقي
" عرفان محمود الحيالي".
تبنى الوزير امره فوراً،واعتبر قضية العسكري قضيته و امر بفتح تحقيق عاجل للكشف عن ملابسات السرقة الخطيرة. رائد مقاتل إستبسل في القتال،واضعاً روحه على راحته للدفاع، عن بلده. اظهر في القتال شجاعة منقطعة النظير.اصيب تلك الاثناء بجروح خطيرة. جزاؤه كان السطو على جسده،و نزع كليته من بطنه بدلاً من تعليق وسام الاقدام العسكري على صدره.هي الانظمة الفاسدة التي ساهمت فوق شقاء طبقة الفقراء من الفلاحين،العمال،صغار الكسبة في ارغامهم على دفع فاتورة ترف الاغنياء.
ما يؤسف له اننا، بفضل وفضائل النخب العربية،تحول وطننا العربي الى متحف للفرجة على الحيوانات السياسية المؤذية التي انقرضت في كل بقاع الارض،وبقيت ترتع في اموالنا،وتتكاثر في خزائننا بمتواليات هندسية.النخب الفاجرة لا تكتفي بالاستحواذ على النفوذ والثروة بل تُهّرب اموال دولها للخارج حتى صارت المفاسد ماركة مسجلة باسم نُخبنا،والقائمين على امرنا.
انظر اليهم ...الم ترَ انهم يسلكون كل المسالك الخبيثة، ويخترقون القيم النبيلة..فإلي متى تبقى هذه النماذج المشوة فوق القانون وتُراكم الثروة فوق الثروة بينما الغالبية المكدودة، تنتظر " طرداً رمضانياً او قطعة لحم اضحية تأتي لها من هنا او السعودية ؟!.هنا لن اقول ما قاله ابن خلدون عن فن النهب والسلب عند العرب،ولا ابداعهم في تخريب الدولة اذا احسوا بشيءٍ من ضعفها.بل اقول انني احس بالخزي لانني عشت في زمن هؤلاء الصغار الذين اذلوا الامة و اعادوها الف عام باحكام قراقوشية تُدعى الاحكام العرفية التي تجرد الانسان من كرامته،انسانيته،حريته باسم الدفاع عن الدولة...كذبة لم تخطر في بال اكذب العرب مُسيلمة،ولم تمرَّ في خيال احمق العربان هبنقة.!