بقلم الاعلامي .. بسام الياسين
{{{ دعاء الفرج :ـ اللهم يا واهب الملايين للنخبويين،نسألك نحن البؤساء مسألة المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة في وطن احبوه كالجنة،و لا يملكون فيه مرقد عنزة…يا رب العزة :ـ نتوجه اليك حاسري الرؤوس رافعي الايدي، ببركة نخبتنا الطيبة و رواتبها الضخمة،وقصورها الخيالية،و ارصدتها المعلومة منها والمجهولة التي وصلت الى بنما ان يردوا لنا ما اخذوه منا.اللهم إنّا نسألك باراضي النخبة المقتطعة من اراضي الدولة،وامتيازات ابنائها في التعليم والتوظيف والرفاهية،ان تخلصنا من كوابيس الاجرة و الايجار وتخلص ابناءنا من شرور البطالة.يا رب لا تردنا خائبين ببركة النخبة الطاهرة المطهرة التي نهتدي بانوارها المنيرة كالقمر عند اكتمال استدارته حتى لا نضل في ليالينا المعتمة كواقعنا المعتم.فبها نستمطر المطر،و بإعجازها المعجز يخضوضر تحت اقدامها الحجر،ولولاها لما انعقد ثمر على شجر…”اللهم عجل لنا بالفرج و اعطها ما تستحقه ” فانها لا تعجزك }}}.
لا يمكن فهم ما يدور على ارضنا من ازمات، تُوَلدّ مشاعر سخط غاضبة، و تُزوبع احتجاجات ملتهبة، دون تحليلها بالحفر عميقاً على جذورها البعيدة،بحثاً عن عللها الدفينة، لإستئصالها لا مجرد تسكين اعراضها كي تمر العاصفة. للبحث عن الحقيقة بطريقة منهجية،لابد من إستنطاق الانسان والتاريخ والجغرافيا كمعادلة واحدة متكاملة، ودراستها بروية لاستجلاء مكنوناتها.عندها تكون الكتابة عن الازمة ذات معنىً،و الا فانها ضرب من الثرثرة. الجادة، منها تقع على رأس النشاطات الانسانية مرتبةً و اهمية،ان كانت تستطيع بقرون استشعارها معرفة خطورة الحاضر ورؤية المستقبل بعيون زرقاء اليمامة.بعيداً عن انانية الانا المعبأة برغبات شهوانية في سعيها الى مراكمة الغنائم بطرق مبتذلة من خلال الاتجار بالكلمة على حساب الحقيقة. لذا فان احترافها مسؤولية خطرة كـ “راكب ظهر اسد ” ، إن ساسه بحكمة امتلك الهيبة،اما ان تحول لمهرج،لا محالة سيلتهمه.الكاتب بحاجة لأكتاف قوية و جهاز مناعة بالغ الحساسية لمقاومة المغريات، والتصدي للتهديدات .فلا عجب ان ترى المبدع يمشي نازفاً على حد السيف باقدام حافية دون ان ينبس بـ ” آه “.
من باب الحق في النقد ، نسأل السؤال المعلق على شفاه الوطنيين:ـ الى متى تبقى الحقائق شيفرات ملغزة عصية على فهم العامة،و الاجوبة حبيسة صناديق سوداء مفاتيحها في جيوب الحلقة الخاصة ؟َ!.الى متى تبقى لغة الشعوذة تطغى على السياسة في عصر العولمة والحصول على المعلومة بنقرة اصبع ؟!. الى متى تبقى البيانات الرسمية المنطوقة غير مفهومة و المكتوبة خطوطها غير مقروءة ؟!. الى متى تبقى حكوماتنا تتخبط في بحار مضطربة بمجاديف مكسورة وولاية منزوعة ؟!.الى متى يقبل الوزراء على انفسهم ان يكونوا موظفيين بلا دور سياسي مع انه دورهم الاساس؟!. الاهم متى تنتهي حكاية :ـ ( المسؤول لا يُسأل ) حتى لو اقترف كارثة تهز اركان الدولة.
{ ان هذا لشيءٌ عُجاب }، يستدعي ان نسأل كيف اعتلى مسؤول لا يمتلك الكفاءة سنام ناقة المسؤولية و هو لا يستطيع ركوب سلحفاة ؟!.كيف يدير شؤون مؤسسة حساسة،و هو غير قادر على ادارة اسرته الصغيرة.يحزنني القول :ـ ان هناك شخصيات نخبوية لا تعكسهم المرايا المصقولة في الازمات ، ولا تكشفهم الاضواء الكاشفة في الملمات،فبريق الوزارة افقدهم ذواتهم و ادواتهم حتى اصبحت إرادتهم مرهونة بارادة غيرهم.هم اقرب للموظفين التنفيذيين. ايام الرخاء تراهم ذوي سطوة و عنجهية على المراجعين البسطاء و في ساعات الشدة يذوبون كالملح لا تستطيع التعرف عليهم الا بالتبخير او التقطير.جريمة الرابية كشفت هشاشتنا و افتقارنا لرجالات دولة،الى رجال اقوياء يوم تقع الواقعة.بلاوينا سببها اسقاط القاعدة الذهبية حُسن الاختيار واعتماد الواسطة و المحسوبية لاختيار شخصيات ضعيفة ليسهل الحراثة عليها.
التفريط بهيبة الدولة جريمة كبرى،والاستهانة بحقوق المواطنة، خاصة حقه بالحياة جريمة مزودجة.المواطن نتأت عظامه من قرارات الحكومة الجائرة حتى اصبح كومة عظام جراء رفع الاسعار بمتواليات هندسية.رغم هذا ظل صامتا صامداً كجمل المحامل لا يشكو همه الا لربه، لكنه انتفض عندما لذغته افعى يهودية شديدة السُّمية تلوذ في جحر الرابية.سًميتها شلت عصب كرامته.ما زاد الطين بلة روايات حكومية طفولية ومتضاربة تنتقص من عقلية،وثقافة المواطن ،و قد بلغ الاستهتار ذروته في رواية المفك وتحميل الطفل الضحية المسؤولية،و اخلاء طرف السفاح، ثم اعادته سالما ليُستقبل في الاراضي المحتلة استقبال الفاتحين،ليعاود الكّرّة مرة اخرى.
من الاستحالة في عصر التواصل الاجتماعي، تنحية المواطن عن شؤون وطنه،و إبعاده عن السياسة،باعتبارها حكراً على الخاصة لانها شر يجب تركها للنخبة، كي لا يخرج العفريت من قمقمه.مفاهيم كاذبة موروثة من ايام الاحكام العرفية القائمة على التخويف والتعذيب وصولاً الى الزج بالزنازين المظلمة لطمس الحقيقة،واللعب بالعتمة لتمرير الموبقات والناس نيام.نهج كارثي اوقف حركة التاريخ،ساهم في إبطاء التنمية،قتل روح الابداع ،ما زالت تداعياتها ورواسبها تفعل افعالها في وعي المواطن و اللا وعي الجمعي ،حيث يعتقد العامة ان السياسة رجز من عمل الشيطان يورد التهلكة. المواطن ركيزة الدولة الاولى وعلى اكتافه ارتفعت مدماكاً فوق مدماك،ومن جيبه يتقاضى المسؤولون رواتبهم ويركبون سيارتهم الفاخرة وزوجات النخبويين تتسوق في اوروبا على حسابه لان بضائعنا ” بلدية” لا تليق بهن . المواطن شريك في الحكم ومن حقه معرفة ما يتوارى خلف الحجاب،فاذا غابت الشفافية حلت الشائعة وتلك طامة كبرى يدفع ثمنها المواطن والدولة معاً.
ايام العرفية، كان المسؤول اذا اقترف كارثة وطنية، لا يحاسب بل يكتفي بالاستغناء عنه في حفلة وداع تليق بمقامه الكريم حتى لا يفتضح سره،وقطعة حلوى لإزالة مرارة فمه وبعث الطمانينة في قلبه.عدم المحاسبة جريمة، فمثلما يخالف المواطن ويسجن اذا قطع اشارة ضوئية.فمن باب اولى ان يحاسب المسؤول حساباً عسيرا لان خطيئته مضاعفة. فاذا لم يتوج الحكم بالعدل فاقرأ على الدنيا السلام.الحكومة اللا رشيدة لم تزل تغزل سياستها على نول العرفية،فقد جرمّت الضحية منذ الساعات الاولى،وتخبطت في طرح روايات قراقوشية، حتى كادت ان تضرب بعضهم جلطة.هذا يثبت ان مصائبنا تأتي من تحت قبعات الساسة،والنخب الرخوة.الالم يبعث النكتة فدرج اصطلاح ” مرشح حشوة ” في الانتخابات السابقة يتداول الناس و اليوم يتداول الناس اصطلاح ” وزير الواجهة “.
شريعتنا السمحة أحلت لنا اكل الميتة اضطراراً .على ذات القاعدة نستشهد بثلاث شهادات من عدونا ” والحق ما شهدت به الاعداء.الصحفية اليهودية ” عميرة هاس كتبت ” :ـ ان قتل الفتى الجواودة ،يرجع بشكل خاص الى نظرة الاستعلاء التي تحكم المؤسسة الامنية الاسرائيلية تجاه العرب،حتى لو قام الفتى بالاعتداء على الحارس، فما كان عليه قتله.و تسآءلت الم يتم تدريب الجيش والمخابرات على وسائل اكثر نجاعة ؟!. كيف لحارس ان يقتل شخصين مرة واحدة ؟!. فيما استغربت ( اليهودية) ان يتم عودة الحارس ( اليهودي ) الى بيته سالماً بينما رجع ابناء البلد جثتين الى ذويهما. الثانية للكاتب الابرز في اسرائيل جدعون ليفي قال :ـ ” بطل اسرائيل ـ حارس السفارة في عمان ـ يقتل العرب دون تمييز.ابرياء لا يستحقون الموت. بطل اسرائيل له قيم استمدها خلال خدمته في المناطق المحتلة. لقد تعلم اللا انسانية في جعفاتي،وتعلم القتل في الجرف الصامد.الاهم تعلم ان العمل الاول امام العرب هو اطلاق النار عليهم من اجل القتل ثم التفكير في البدائل.
الشهادة الاخطر جاءت افتتاحية هآرتس بتاريخ 27/7/2017:ـ ” من السهل التخمين كيف كانت اسرائيل ستتصرف في حالة معاكسة لو ان حارس السفارة الاردنية في تل ابيب قتل اسرائيلياً ـ مع الاحترام للدبلوماسية ـ ينبغي اجراء تحقيق شرطي ” سريع ” دم الاسرائيليين لن يذهب هدراً. وكان الويل للمملكة الهاشمية لو تجرأت وفعلت مثلما فعل نتنياهو على عرض رجل الامن كبطل….الضربة القاضية التي اسقطت روايات الحكومة مجتمعة…زيارة التعزية / التعرية التي قام بها رئيس الديوان الملكي فايز الطروانة الى بيت عزاء فقيد الاردن الفتى الصغير محمد الجواودة وتأكيده من هناك امام حشود المعزين ان ما حدث في الرابية ” جريمة بشعة “. تصريح الطراونة نسف كل ما قالته الحكومة وجبَّ ما قبله.
بدهية معروفة ان لكل عصر رجاله،وعصرنا انتج اسوأ الرجال.لم يدرك هؤلاء ان اللعب بعقول الناس صارت لعبة ممجوجة لا تنطلي على رضيع .و الابهار البصري مهما كانت اضواءه مبهرة لا يمكن تمرير صورة مفبركة،كما ان الابهار اللغوي مهما كان ساحراً لا يمكن اعطاء مسوغات القبول لرواية غير متماسكة…لهذا ننصح الرواة اصحاب الاحاديث المنحولة التوقف عن تسويق الدجل في زمن هطول المعلومات بغزارة على مدار الساعة