بقلم الاعلامي .. بسام الياسين
{{{ ” عزف خارج النص”……لا يوجد شيء الا بنقيضة.قانون حياتي معروف.المأسأة حين تكون النقائض في مقومات الحياة. شريحة مترهلة تتقيأ رفاهية.نقيضها شريحة ناحلة مهدودة،تتضور جوعاً، بالكاد تجد قوت يومها…م.فكيف تستطيب المرفهة ان تأكل خبز غيرها وتسعد بشقاء المحرومين.مفارقة موجعة ان المترفة، لم تزرع قمحها،لم تلفح وجهها نار تنور خَبْزِها.نطالب بالعدالة الاجتماعية وليس الصراع الطبقي المقيت.نريد معركة بناء للوطن تتضافر فيها جهود الجميع.ما يؤسف له ان النخبة لا تشبع .تُقاتل بشراسة طلباً للاستزادة من مدخرات الوطن،لتراكم مدخراتها مثل نملة مقبلة على شتاء طويل.فوق هذا تستميت لتأمين امتيازات واسعة لسلالتها المدللة.المفارقة ان ليس فيها علامة فارقة،ولا تتصف بميزة واحدة تميزها عن سواها.لا فضل لها على الوطن،رغم ادعاءاتها الكاذبة، سوى انها ولدت على اكتافنا،وترعرعت كالطحلب على مساحة الخارطة الوطنية.فأوكلت لها السلطة مهمة التسلط علينا،و سوقنا الى بيت الطاعة بالتضليل تارة وبالعصا لمن عصى تارة اخرى .تبت يداها }}}.
توقعات بتغيير وزاري في الاردن و ازمة بين البرلمان والملقي….هي شائعة ـ على الاغلب ـ اطلقها المستوزرون او امنية شعبية عارمة، تحلم بها الاغلبية المطلقة. ذا لا يهم .الاهم آلية تشكيل الحكومات و التوزير كجوائز ترضية،ومنح امتيازات لمن لا يستحقون على حساب الدولة.بعيداً عن لعبة الكلمات و احاجي التورية :ـ”الشعب يريد” إجابة شافية عن سؤاله الذي لا ينفك عن سؤاله:ـ هل هناك ارادة سياسية لتشكيل حكومة وطنية لإصلاح ما افسدته الحكومات السابقة.حكومة ذات مشروع وطني تلبي طموحاته.تقيس نبضه،تشعر بمعاناته،تمنحه احساساً صادقاً بانه شريك في الحكم وليس غريباً في وطنه.حكومة لا تنتهج سياسة المواربة،ثقافة لبس الاقنعة ، ترحيل المشكلات الى ما بعدها بإنتظار معجزة لن تأتي ابداً.حكومة مُقنعة حتى لا يندفع الناس الى الشوارع صارخين :ـ ” تسقط الوزارة القادمة “.
شخصية الملقي المُتضعضعة سياسياً ،انعكست على اداء الحكومة في الفترة الحرجة. مسيرته الرئاسية،منذ اطلاق صافرة البداية، اعتورتها مطبات عميقة،منعطفات خطرة كادت ان تقلب ” المركبة،لولا ان تداركها الله بعين رعايته.جريمة سفارة العدو الاسرائيلي، اظهرت هشاشة الاداء الحكومي.كشفت ضعف طاقمها. لم يتقنوا ادوارهم، فلفظتهم الخشبة.آخر الخيبات الدموية، لم تكن خيبتها الوحيدة. سبقتها سلسلة خيبات متلاحقة،اعطت اشارات واضحة، تشي بان الحكومة غير صالحة للامساك بخيوط اللعبة،وعدم القدرة على فكفكة التعقيدات التي تعيشها المملكة او تخفيف آثارها.الملقي،مع كل التبجيل له كانسان و لشخصيته الكريمة وشهادته العلمية،وخبرته الوظيفية.اخفق في مهمته الرئاسية.الذنب ليس ذنبه.فقضيته تطرح قضية مزمنة،هي تشكيل الوزارات واختيار طواقمها. بدهي ان اعظم الفلاسفة لا يستطيع ادارة قرية صغيرة،في حين ان مختاراً من الدرجة الثالثة يديرها بسلاسة.هذا لا ينتقص من قيمة الفيلسوف ولا يحط من الفلسفة،كما انه لا يرفع منزلة المختار الى مصاف الفلاسفة مع تقديرنا للمخاتير و المخترة،لكن لله في خلقه شؤون ولكل واحد دوره الذي يتقنه.
في الحرب العالمية الثانية،فشلت احدى الفرق البحرية الامريكية فشلآً ذريعاً.ما دفع الادارة العليا الى تغيير شامل بقيادتها،و اجرت تعديلات جذرية عليها.لكن الفرقة واصلت فشلها.عندها قررت قيادة الاركان حلها،وتوزيع افرادها على فرق الجيش الاخرى، الا ان رئيس هيئة الاركان المُحنك، اختار جنرالاً فذاُ كمحاولة اخيرة لإنقاذها.قام الجنرال بإجراءات محدودة داخل الفرقة.وكانت المعجزة في خلال ستة اشهر،اصبحت الفرقة اهم قوة بحرية ضاربة في الجيش الامريكي .الفرقة ذاتها قلبت الموازيين في اعالي البحار وغيرت مجرى الحرب. اذاً النجاح سببه الرئيس الادارة والسقوط علته الادارة .المحصلة ان هناك ادارة ناجحة و ادارة فاشلة،ولا طريق ثالثة بينهما .
لو تأملت العنوان ” تشكيل الحكومات… رؤيا جديدة ! ” .لا تتعجب من وضع علامة استفهام في ذيله.عجبنا نابع من طريقة تشكيل الحكومات بلا تربية سياسية ولا برامج مكتوبة.،في وقت وصل العالم المتحضر الى ذروة الديمقراطية بحواضن حزبية عريقة، شغلها الشاغل رسم السياسات لإوطانها.هنا نطرح سؤالاً وجودياً:ـ هل نحن دولة ديمقراطية ام ان الشعب لم يفطم بعد، وبالتالي هو بحاجة من يرعاه ويفكر عنه و يُصّرفْ شؤونه.مجاهرتنا بهذا الطرح، يجب ان يتبناها البرلمان،الاحزاب السياسية،المعارضة الوطنية. لا ان تُطرح في مقالة عُرضة للتعتيم. نكتب من ” حُرقة قلوبنا على وطننا “،ونحن نرى بام اعيننا حكومات خارج التغطية، برلمانات مشلولة الارداة ، احزاباً تستجدي وزارة الداخلية،معارضة مشتتة،إعلاماً يحمل المباخر ليغطي على النتانة. يدق الطبول،ويتغاضى عن المفاسد و المباذل عوضاً ان يخاطب العقول. اعلام لم يُدرك بعد اثره وتأثيره بان صورة مؤثرة تُحرك الرأي العام العالمي برمته،تهز ضميره،كصورة الطفل السوري إيلان الكردي،ومقالة قد تسقط حكومة،و قصيدة تقلب الدنيا.
الاردنيون كافة،يعتبرون الديمقراطية،حقوق الانسان،العدالة الاجتماعية،حرية الرأي والتعبير ثوابت مقدسة.ثوابت كفيلة بهدم نقائضها،من ظلم،تفرد بالرأي،فساد مستشرٍ، وإيذانٍ بانتهاء هيمنة الحزب الواحد ” النخبة ” المُتحكمة بالعباد منذ ثمودٍ وعاد،وكأن الله ـ والعياذ بالله ـ لم يخلق مثلها في البلاد.المفارقة رغم سقوط ” النخبة ” سياسياً،اقتصادياً اجتماعياً،ما زال يجري تدويرها،وهي بدورها تُفرّخ انجالها في حواضن الدولة وترعاهم كدجاج المزارع المعتاد على العيش في الظل، حيث يأتيه طعامه الى حضنه بلا معاناة.الاحجية المحيرة، ان لا احد يدري سر تعلق الدولة بهذه النخبة مع انها شلة معزولة منفرة مدعية،تدور في دائرة مغلقة محرمُة على غيرها دخولها.مدعيّة تدعي ولاءً كاذباً وانتماءً مزيفاً للحفاظ على بقائها،وتلجأ الى:ـ تزوير الانتخابات،الحط من قدرات منافسيها،حبك مؤامرات للايقاع بخصومها،اطلاق شائعات محبطة ضد من يعترضها او يتعرض لها.الاخطر إستماتتها في تبني فكرة ـ استحالة زراعة الديمقراطية في تربتنا المالحة ـ لضمان هيمنتها.رغم انها بلا رؤية سياسية انما جُل سياساتها ارتجالية وهذا سر كوارثنا.
بصريح العبارة ان نخبتنا جاءت بالوارثة.سقط بعضها على رؤوسنا بالمظلة.توصيفها الدقيق اتى من العامة على فطرتها، بانها على قدر كبير من الفساد ( ليش كل مسؤولين عمان الكبار مليونيرية مع انهم ليسوا ورثة مالٍ ولم يعملوا بالتجارة ).الاسوأ انها عديمة الحيلة ساعات الشدة،قليلة الكفاءة في الاداء، كثيرة الاخطاء اثناء العمل،ضعيفة في ادارة الصراعات الخارجية،مرتبكة في ادارة الازمات الداخلية حتى القضايا البسيطة عجزت عن حلها ؟!.هؤلاء الذين اوغلوا في حقوق الناس و اموال الدولة، وعلوا على اكتاف الناس علواً كبيرا،بحجة الدفاع عن الدولة، يجب ان يحاسبوا حساباً عسيرا.خاصة اولئك الذين دخلوا نادي الاثرياء على حين غرة بكل ما فيه من بهرجة في فترة وجيزة. فوق كل ما سلف ذكره، ومن باب ان الشعب مصدر السلطات، وصاحب الكلمة العليا، يجب ان لا يظل وطننا، رهينة ايدٍ تتلاعب فيه،وترسم مستقبله،بلا منظور استراتيجي،ما ادى الى مزيد من هشاشة المؤسسات،وضياع هيبة الدولة.
اختم راجياً فلاسفة التحليل و التنخيل.جهابذة التخيل والتخليل،ممن لم يقرأوا كتاباً غير مقرراتهم الدراسية لعدم ايمانهم بـ ” إقرأ ترقى” بل ” إجهل تعلو ” انني لا ارمي للهجوم على المقدس من قناعاتهم،انما هي اشارة خاطفة الى حالة التموية والمداهنة التي يعيشونها او يتعايشون معها خوفاً، ان تتنزل عليهم لعنة حاشية الباب العالي،فيخرجون من جنة الدولة، مثلما خرج سيدنا آدم عليه السلام من الجنة السماوية، يوم اكل التفاحة المحرمة،فلم يجد في ملكوت الله ـ تعالى وعلا ـ سوى ورقة تستر عورته.