يواجه العالم اليوم خطر الثنائي القاتل الايدز والمخدرات اللذين اذا انتشرا بين أفراد المجتمع يسببان وباء ربما يفتك بالجنس البشري.
ما يجمع الايدز والمخدرات أن متعاطي المخدرات عن طريق الحقن الملوثة التي يتداولها أكثر من شخص, يمكن أن يصبح مريضا بنقص المناعة المكتسبة (الايدز), هذا المرض الذي أصبح يهدد المجتمعات ويحد من دور الأفراد في تحقيق التنمية السكانية بجميع أشكالها الأمر الذي دعا الكثير من المنظمات العالمية إلى تعزيز دور المرأة والرجل لمكافحة الايدز.
وسجلت الإحصائيات الصادرة عن إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الامن العام والبرنامج الوطني لمكافحة الايدز 724 حالة ايدز في المملكة منها 21 حالة عن طريق تعاطي ابر الهيروين , ما يثبت العلاقة بين الايدز وتعاطي المخدرات اللذين يحدان من طاقات الشباب في بناء المجتمع الأمر شكل تحديا للحكومات لمواجهة أثارهما السلبية على الصحة العامة والنواحي الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
ويقر مسؤولون بتزايد مشكلة انتشار التعاطي والترويج للمخدرات في السنوات الأخيرة بحكم الموقع الجغرافي للمملكة الذي يشكل حلقة وصل بين البلدان المنتجة والمستهلكة للمخدرات , إذ بينت المؤشرات ارتفاعا في عدد الحالات التي تروج لآفة المخدرات حيث تم ضبط 3641 حالة عام 2009 مقابل 841 عام .2000
ونظرت محكمة امن الدولة ب 3532 قضية مخدرات عام 2009 منها 661 قضية اتجار , تورط فيها 6239 شخصا منهم 947 ضبطوا بقضايا اتجار بالمواد المخدرة و5450 بقضايا حيازة وتعاطي مواد مخدرة من بينهم 617 (مكرر), وشكلت قضايا المخدرات 80 بالمئة من أعداد القضايا التي نظرت بها المحكمة.
ولان هناك مشكلة, فان ذلك استدعى المؤسسات لتحمل مسؤولياتها تجاه أبناء المجتمع, مثل وزارة الصحة والمؤسسات المعنية ومنها إدارة مكافحة المخدرات التي بادرت إلى ترغيب المتعاطين بالمعالجة في مركز علاج المدمنين التابع لها والذي يوفر الحماية لهم ويقوم بتأهيلهم ضمن برامج توعوية وعلمية للتخلص من هذه الآفة ليعودوا أفرادا منتجين في المجتمع وفقا لقول رئيس المركز الرائد مازن القبلان.
واضاف لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان ثبوت إصابة المدمن بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الايدز) لا يعني حرمانه من فرصة تلقي العلاج حيث جرت العادة على ان يقوم المركز بفحص فيروسي الايدز والكبد الوبائي للمتعاطين مؤكدا الحرص على توعية فئة الشباب من مخاطر المخدرات كونها المسبب للإصابة بالايدز عن طريق استخدام ذات الحقن الملوثة كأجراء وقائي.
وأظهرت دراسة حديثة اجريت على عينة تتكون من 152 مدمنا يتلقون العلاج في المركز ان الاستغلال من قبل مروج المخدرات كان وراء رجوع ما نسبته 20 بالمئة للتعاطي نظرا لعودة علاقتهم مع المروج, وكان الخوف من العقوبة القانونية وراء لجوء 58 متعاطيا لمراكز العلاج بنسبة 2ر38 بالمئة.
وبينت أن توفر المادة المخدرة كان وراء عودة خمسين مدمنا للتعاطي بنسبة 9ر32 بالمئة, فيما كان وراء عودة 86 متعاطيا للمواد المخدرة بنسبة 6ر56 بالمئة من العينة لعودة علاقتهم مع المتعاطين.
ولان التصدي لمشكلة المخدرات يحتاج إلى مساندة من مختلف الأطراف باعتبار ان الضحايا هم من أبناء المجتمع فان خيطا يربط بين برامج التوعية لمشكلتي المخدرات والايدز الامر الذي دعا وزارة الصحة للتصدي لمشكلة الايدز بجميع جوانبها من خلال محاربتها المرض وليس المريض لابعاد وصمة العار عنه وجعله انسانا منتجا في المجتمع وفقا لمدير البرنامج الوطني لمكافحة الايدز التابع للوزارة الدكتور بسام الحجاوي.
واظهرت الاستقصاءات الوبائية والتحريات بحسب الدكتور الحجاوي احتمالية اصابة مدمني المخدرات بفيروس الايدز عن طريق الاستخدام المتكرر للحقن الملوثة حيث ان اكتشاف هذه الحالات لا يعني حرمانها من فرصة تلقي العلاج بل يصار الى تحويلها للمركز الوطني لتأهيل المدمنين التابع للوزارة.
وعملت مجموعة من المرضى متعايشة مع فيروس الإيدز في المملكة على تأسيس شبكة للتثقيف والتوعية بحقوقها والتي كفلتها الدساتير والتشريعات الإقليمية والدولية, بالعمل والتعليم والإنجاب والعلاج المجاني.
وقال احد افراد المجموعة اننا لم نستسلم للمرض الذي جعلنا في عزلة وأصابنا بالخوف من الموت والشعور بالذنب , ولنا حاجات وحقوق ومنها حق العلاج الذي لا تجده متوفرا في بعض الاحيان. واكد الاختصاصي النفسي في مركز الإرشاد - الخط الساخن التابع للبرنامج يوسف النجار ان هؤلاء المرضى يعانون من الخوف من الموت والشعور بالذنب اضافة الى نبذ ابناء المجتمع لهم مبينا ان المصابين بمرض الايدز بامس الحاجة لتوفير حياة كريمة لهم , واحترام انسانيتهم , وعدم الانتقاص من قدرهم وكذلك حماية من يعيشون معهم من افراد عائلاتهم, ومن حق المرأة المتعايشة مع حامل للمرض الحصول على الدواء المضاد للفيروس.
ولا تتوقف مأساة المرضى عند هذا الحد اذ ان ازواجا يرغبون بالإنجاب لكنهم يصطدمون بمحاذير احتمالية انتقال المرض الى اطفالهم.
زوجان مصابان يستعدان لاستقبال مولود لهما ويعانيان من رفض المستشفيات اجراء عملية الولادة للام المصابة بالايدز قالا ان هذه المشكلة اربكتنا في حال استمر هذا الرفض, اذ ينتابنا الخوف من اخفاء المرض.
وتحدث الناطق باسم مجموعة المتعايشين مع المرض عن السلبيات التي تفقده واقرانه المرضى حقهم الإنساني في العيش كباقي ابناء البشر وعزلهم الامر الذي ادى الى فقدان البعض للوظيفة التي يعتاش من دخلها داعيا الى الاهتمام بالجانب النفسي لهؤلاء المرضى.
واضاف ان المجموعة تسعى الى إنشاء جمعية خاصة بها تهتم بصحة اعضائها وتعنى بزيادة الوعي القانوني لديهم من خلال عقد ندوات وورش عمل تستهدف مختلف فئات المجتمع للحد من التمييز الى جانب التوعية بالمرض من اجل حصول المتعايشين على المساواة في الحقوق والمعاملة في جميع المجالات كالصحة والعمل والتعليم اضافة الى تقديم المشورة لمنتسبيها في مختلف الموضوعات والقضايا التي تخص حياتهم اليومية كالدواء والغذاء.
ونجحت المجموعة في التشبيك مع منظمات غير حكومية لعقد ورشات عمل إقليمية واسهمت في توفير العلاج لجميع المصابين.
من جانبه طالب رئيس محكمة امن الدولة السابق العميد المتقاعد المحامي فواز البقور بوضع قانون عقاب عصري الى جانب معالجة العوامل المساعدة في انتشار المخدرات كالفقر والبطالة والأمية وسوء التربية وضعف الوازع الديني داعيا الى تفعيل القوانين للحد من المشكلة.
وقال ان الأردن من أقدم الدول في المنطقة العربية اذي تنبه لمشكلة المخدرات نظرا للخطر الذي تشكله على الأفراد والمجتمع حيث وضع اول قانون لمكافحتها عام 1926 وهو قانون العقاقير الذي عدل عام 1937 وبقي ساري المفعول الى ان صدر قانون المخدرات رقم 1 عام 1988 الذي عدل عام .2003.