كتب زكريا النوايسه
أكتب وأنا على مشارف الحرية من قيود الوظيفة ، فليس لي من مأرب ، أو منفعة ، أو غاية تحدثني بها نفسي .
محمد المبيضين ابن هذا الوطن ، ما نعلمه يقيناً أنه لم يأت من سيرلانكا ، ولم يحمله لنا المحيط مهاجرا من هاييتي وجمهوريات الموز الأمريكية .وهنا أود الحديث :
1- ما يبحث عنه كل وطني نقي شريف أن يبقى الميناء بعيدا عن أي هزة ، أو تجاذب ، وهذا الأمر متحقق الآن ، ولن يستطيع أحدٌ أن يقلب الحقائق بأن أبواب الميناء مفتوحة ، ويسير العمل به بسلاسة .
2 - أن ترى فعلا ناجحا ، فإن فاعله حتما ناجح ، وفي الميناء نجاح متتابع ، ولعل البعض ستصل له المعلومة من مجرد الإشارة ... ميناء سيرحل بكامل تجهيزاته ، وميناء آخر ينتظر البدء بالعمل ، أعتقد في هذه الحالة أن حجم الخطأ سيكون فادحا وكبيرا ، ولكن ذلك الهاجس تجاوزته هذه الإدارة بقدرتها على فهم المرحلة ومخاطرها واشتراطات النجاح فيها ، فالميناء القديم يعمل بكامل فاعليته ، والميناء الجديد يعمل أيضا وحتى قبل الافتتاح الرسمي ، وقد كان لإدارة المهندس محمد المبيضين المنفتحة على كافة الشرائح الوظيفية الدور الأبرز في هذا الثبات والتحدي.
3 - لم يؤثر أن محمد المبيضين سرق ، أو غامر وقامر بمال هذه المرفق ، ولعله من القلائل الذين لم تظهر عليهم علامات الثراء المبكر، وهو يستطيع ذلك لو أراد ، ولم نعلم أنه دخل في صفقات مشبوهة ، أو تفاهمات لغايات الإثراء ، بل كان شديد الحرص أن يتطهر هذا المرفق من أي شائبة قد تجرح وتسيء لتاريخ الميناء النقي.
4 - كنت أتمنى على من يقصد ويخطط لإذكاء نار الفتنة أن يقف قليلا ويسأل نفسه : هل ما تطرحه الزوايا المظلمة وتنفثه النوايا السوداء هو الحقيقة ؟ وهل أدلته المتهافتة تستطيع أن تقف في وجه الحقائق والدلائل العملية قبل النظرية؟
5 - لما يخطط لهذه الحملة وتبرمج باتجاه شخص واحد ، وبتدفقات تشي أن هناك قصد وهدف مرسوم ، فالعقبة مدينة عمالية ، وهذه حقيقة لا مراء فيها ، وفيها الكثير من الشركات والمؤسسات ، ولكن المبرمجين والمخططين لهذه الحملات بغمضون العين عن أي خطأ أو كارثة عند الآخرين ، وتكون مفتوحة ومتربصة للميناء ومديره.
7- هل يعي هؤلاء أن النسيج الاجتماعي في الأردن عموما ، وفي العقبة خصوصا مقدس ، وأي عبث به ، ستكون النتائج كارثية ؟ وهل يعي هؤلاء أنّ لا وطن لنا إلا الأردن ، وسنعيشه بكل تفاصيله ، ولن نسمح أو نكون معاول هدم تنقض بنيانه ومنجزاته؟
8- أي خطيئة نرتكبها حين نطلق ألسنتنا في أوصاف غاية في القماءة .. هذا ( مهاجر) .. هذا ( مستورد )، فهل أتينا من خارج المجموعة الشمسية ، حتى لا تستوعبنا العقبة ؟ ولم لا تكفُّ هذه الألسنة عن حصادها البائس هذا؟ وأي مصلحة للعقبة سيجنيها هؤلاء إن عاشت المدينة دون وشائج المحبة فيها؟.
9 - قلتها دائما ، وأقولها الآن : إن العقبة أكبر من مغنم ، أو فرصة ، هي حالة تحتاج للحب أولاً ، وللعمل الحقيقي الخالص من نوازع الذات الضيقة ثانيا .. العقبة ليست مدية نشهرها في وجه محبيها ، هي روحٌ جميلة ، فمن رأى وتفاعل مع هذا الوجه الجميل فهو ابنها ، ومن حولها لمنصة لرغباته ومغامراته فعليه أن ينظر في عيون العقبة لتخبره الحقيقة.
10- الميناء عين عمالاٌ ، ومن باب المسؤولية الاجتماعية كانت النسبة الكبرى من أبناء العقبة ، وحين أقول أبناء العقبة أقصد عموم العقبة من تخلق بها ، ومن عاشها محبة وتفانيا ، إلا إذا كان هناك من يقصد شرائح محدودة وعائلات بعينها ، وعلى الباقي أن يخرج مذموما مدحورا ... وهل تعيين عامل من اربد ، أو من الطفيلة ، أو من الكرك ،أومن..... يعدُّ جريمة يجب أن يُطاح برأس صاحبها؟
11- إن أهل الحلم والأناءة أصبحوا يتبرمون ويضجرون من هذا العبث غير المبرر ، وأخشى كما يخشى غيري ، أن نُدخل العقبة مأزقا لا نرتضيه لها ، وأخشى أيضا أن البعض يريد اختبار صبر الآخرين ، في هذه الهمهمات البائسة.
12- بعض من يتحدث عن الميناء ، وربما الكثير ، لايدري عن العمل فيه صيفا في قائظة لا يتحملها إلا عماله الأشاوس ، وفي شتاء يزداد برودة على أرصفته ، فاتركوا هذا الميناء ينمو ، ولا تعرقلوا مسيرته برغباتكم الصغيرة ، فهذا الميناء للوطن كل الوطن ، ولم يكن يوما غير ذلك.