بقلم الاعلامي .. بسام الياسين
{{{ وتلك الدارُ الآخرةُ نجعلها للذين لا يريدون عُلواً في الارض ولا فساداً والعاقبة للمتقين }}} ….صدق الله العظيم
اختزن في ذاكرتي كغيري من المهتمين بالشأن العام ، حِمْلَ بعير من سقطات النخبة. تلك التي استولت بلا احقية ولا حق على الصف الأول بـطرق ملتوية عناوينها ـ الواسطة،الجهوية،المحسوبية و “تزريقات” من تحت الطاولة و من فوقها،و اشياء لا يعلمها الا الله ـ . نخبة تربربت على الغطرسة والفوقية انما هي في حقيقة امرها لا تتقن الا المنفخة الكاذبة،استغلال السلطة،التباهي بأبهة المنصب،و المرجلة على المهدودين من العامة…نخبة لم تزل تعيش ذهنية المرحلة العرفية بكل قتامتها،ظُلمها،ظلامها، امراضها النفسية المغرقة في النرجسية،تنمرها على عباد الله بحجة خادعة ـ حماية الدولة ـ ،حجة بريئة منهم لان الحماية تأتي من الشعب كله لا من شريحة طفيلية. لهذا فأننا منذ سنوات ونحن نصرخ بوادٍ لا رجع صدىً له،بان النخبة تعفنت و انتهى زمانها. للاسف، لم نحصد مما كتبناه غير مرارة الكلمة، لكن من حُسن حظنا ان صرخاتنا لم تذهب سدىً.فقد،تكشفت في الآونة الاخيرة سذاجتها حينما كشفت عوراتها تلقاء نفسها بسوء سلوكها،واستعراض عنطزتها كأنها ديكة فالتة من عقالها بين دجاجات مستسلمة. ففضحت تاريخها على يدي سائق حافلة.هنا تتجلى عظمة الله في ان يضع سره في اضعف خلقه.
السياسي عندنا مفزعُ بلا اقنعة ،والموظف الكبير مرعب من دون مكيجة الا من رحم ربي من القلة الطيبة، والصفوة المباركة التي نعتز بها ونفاخر الدنيا بسيرتها الناصعة. المشكلة تكمن في التخلف السلوكي للاكثرية النخبوية التي تحسب نفسها انها تعيش في عهد الاقطاع ومن حقها العزف على قانون العبودية :ـ ” نبلاء وعبيد…فرسان و اقنان “.تلك هي الطامة الكبرى،مهزلة العصر، احدى اشراط الساعة الكبرى….نعم، الشهادة مهمة جداً ولا وظيفة من دون شهادة،لكن الاهم اللياقة النفسية،الطهارة السلوكية،النظافة الوظيفية….كل شهادات الدنيا مجرد ديكورات حائط ، اذا كان حاملها مجرداً من الاخلاق .ما يوجع قلوبنا، ان نخبتنا تعطينا بين الفينة و الاخرى ابلغ الدروس في الافلاس القيمي، فصام الشخصية، التصرفات المشينة،ما يثبت انها بالونات منفوخة بغازات كريهة.على وشك الانفجار من ضغط عقدها النفسية.نخبة مريضة آن وقت تحويلها للمصحات النفسية فيما بعضها الآخر الى مكبات خردة التاريخ بعد ان ثبت فشلها بالمطلق .
هذه النخبة / النكبة ،حصدت المكاسب والمناصب من دون ان تُعطي شيئاً يُعلي من شأن المملكة.لم نر منها موقفاً وطنياً،و تضحية واحدة في ارشيفها.لم تدفع عجلة التنمية قيد انملة بل العكس اغرقت البلد في مديونية خرافية ببذخها كأننا نملك ميزانية بروناي الفلكية.نخبة لا خير فيها ان لم تُغير واقعاً سيئاً .لم تُبدع صناعة رافعة تنموية،لم تنزل للشارع للدفاع عن الدولة التي تربت في احضانها حين يضيق الخناق على الدولة داخلياً او خارجياً.هي اذاً، طبقة نفعية مستهلكة،رواتبها ضخمة،امتيازاتها هائلة،وحين يتعرض الوطن لادنى خطر تهرب بجلدها على اول طائرة .نخبة مُتكّسبة يجب اخضاعها للمُساءلة،و اصدار احكام ميدانية باخلاء مواقعها لمن يستحقها من اصحاب الكفاءة،الخبرة،ذوي اللياقة النفسية،،الطهارة السلوكية،الشخصيات النبيلة التي كلما ارتفعت تواضعت،وكلما مرَّ الوطن بأزمة انبرت للدفاع عنه باموالها و ابنائها.
حادثة الحافلة تُغني عن الف مقالة بليغة و الف صورة مُعبرة.تلك الحادثة التي صارت حديث الكافة لها اكثر من اشارة اولها انها نخبة طفيلية ركبت حافلة الدولة مجاناً بـ ” الابتزاز و السلبطة “…كشفت بالواقع العملي انها لا تملك ذرة من مقومات النخب البناءة في الكرة الارضية بل تعتمد السلوك الانكشاري في تعاملها مع العامة.لا غرابة منها لانها لم تأت بعرق جبينها، انما جاءت باساليب ملتوية وكجوائز ترضية….فرسان بلا فروسية،نبلاء بلا نُبل.شيّدوا قلاعاً على املاك الدولة،بنوا قصوراً مقتطعة من اراضي الخزينة،عاشوا في بذخ على حساب الاجراء الصغار ـ الغلابا ـ العاملين برواتب ضئيلة اقرب ما تكون الى اعمال سخرة مجانية. اللغز كيف استمرت حتى اللحظة، هذه النخبة في مواقعها بعد كل الخراب الذي اوقعته في البلاد والفساد الذي نشرته بين العباد.يعرف البلهاء، ان السياسة لا تُطعم خبزاً والوظيفة لا تبني بيتاً بطريقة شرعية.اذاً، من اين للنخبة كل هذا ؟!.
دعوة منا لصاحب الكلمة :ـ اهبط من على ظهر حصانك.امشِ بين الناس في الحارات الضيقة و الزواريب الترابية لترى احوالهم البائسة.ادخل بيوتهم المتهالكة.اجلس معهم في مطابخهم الفارغة وشاركهم خبزهم الحاف.اسمع الحكمة من السنتهم، وهم يذرعون الارصفة بامعاء خاوية..استمع الى لغتهم الآسرة في حب الوطن رغم انكسار احلامهم،وتكسير النخبة مجاديفهم لتركهم رهينة للعوز والفاقة.اصغ لفيوضات ارواحهم في صلوات قيامهم في الليالي الباردة وهم يناجون رب العزة ان يعز الوطن بالاوفياء من ابنائه ويحميه من ـ النخبة المصيبة ـ التي تهون امامها مصائب الدنيا.مشكلتنا الاولى في اعداء الداخل اما اعداء الامة فالعامة كفيلة بهم لان هدم القلعة لا يأتي الا من داخلها،وفتح ابوابها لا يكون الا بتراخي حراسها.
يا صاحب الكلمة :ـ اقرأ معاناتهم الذائبة في ملح دموعهم المدرارة،حزناً على ما آلت اليه اوضاعهم من خطابات اهل الجعجعة التي تطحن كلاماً فارغاً على مدار الساعة.النخبة / القلة اهتماماتها لا تتعدى حدود قضاء سهرة صاخبة حتى خيوط الفجر الاولى، فاتورتها اضعاف دخل عائلة اردنية ؟!. النخبة الفتنة، اقصى خيالاتها تغيير اثاث قصورها سنوياً وتبديل موديلات سياراتها ؟!.خلاصة الخلاصة ان المؤمن اشد بلوى،كذلك شعبنا مُبتلى بنخبة متنمرة بمخالب الدولة.