صحيفة العرّاب

ربط الرواتب التقاعدية بالتضخم وتوسيع قاعدة الاستثناءات وتطبيق تأمينات جديدة

على ضوء التعديلات التي أقرت على قانون الضمان الاجتماعي وفيما يتعلق بالتقاعد المبكر وحسب ما جاء على لسان مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الدكتور عمر الرزاز انه تم الاخذ بمبدأ التدرج في تطبيق التعديلات الجديدة حتى لو استمر المؤمن عليه بالعمل بعد نفاذ احكام القانون مراعاة لاوضاع المؤمن عليهم الذين اقتربوا من تحقيق شروط استحقاق التقاعد المبكر في ظل القانون رقم 19 لسنة 2001 مشيرا ان التقاعد المبكر كان الهاجس الاكبر امام المنتسبين فقد الغى التقاعد المبكر في القانون المؤقت الصادر في السادس من تشرين الاول من العام الماضي للمنتسبين الجدد كافة بعد تاريخ صدور القانون استجابة للحاجة الماسة لاجراء التعديلات الضرورية على قانون الضمان الاجتماعي رقم (19) لسنة ,2001 فقد اصدرت الحكومة قانونا جديدا للضمان الاجتماعي كقانون مؤقت يعرض على مجلس الامة فور انعقاده, هذا وقد تضمن القانون الجديد محورين اساسيين, يتمثل الاول في تعزيز الحماية الاجتماعية من خلال آلية سنوية ومنتظمة لزيادة الرواتب التقاعدية في ضوء الارتفاع في تكاليف المعيشة وذلك للحفاظ على القوة الشرائية للرواتب التقاعدية, وكذلك توسعة الشمول ليصل الضمان الى الفئات كافة بما فيها العاملون لحسابهم الخاص وربات البيوت واصحاب العمل, اضافة الى تطبيق تأمينات جديدة توفر مزايا وحماية اجتماعية اضافية للمشتركين بالضمان وهي تأمين الامومة وتأمين التعطل عن العمل والتأمين الصحي وفق آليات تأخذ بعين الاعتبار الحاجات الاجتماعية الاساسية والنصوص القانونية المنظمة لهذه الحاجات.

 اما المحور الثاني فيستهدف تحسين المركز المالي لصندوق الضمان في المدى المتوسط والمدى البعيد في ضوء الدراسات الاكتوارية التي اجرتها المؤسسة في السنوات الاخيرة التي بينت ان المؤسسة ستضطر لاستخدام العوائد الاستثمارية للوفاء بالتزاماتها التأمينية ابتداء من عام 2016 وحتى عام 2026 حيث لن تكون الاشتراكات والعوائد الاستثمارية عندئذ قادرة على تغطية عجوزاتها التأمينية مما يضطرها للبدء بتسييل موجوداتها حتى تتمكن من تغطية الالتزامات المترتبة عليها تجاه مستحقيها وصولا الى عام 2036 الذي من المتوقع ان تنفذ فيه موجودات المؤسسة هذا وقد ابرزت الدراسات الاكتوارية ان ثمة اسبابا واضحة للمشاكل المالية التي يواجهها الضمان ومن اهمها مشكلة التقاعد المبكر حيث وصلت نسبة المتقاعدين المبكر خلال عام 2008 حوالي (79%) من اجمالي المتقاعدين الجدد خلال ذلك العام علما بان التقاعد المبكر في جميع الانظمة التأمينية في العالم هو حالة استثنائية.
 
وتكمن المشكلة الرئيسية في التقاعد المبكر بالعبء الكبير الذي يفرضه على النظام التأميني حيث يحرمه من الاشتراكات كما يرتب عليه دفع رواتب تقاعدية لفترات اطول خصوصا في ظل الارتفاع المستمر في توقعات الحياة, كما ان التقاعد المبكر يشكل تحديا للتنمية الاقتصادية في المملكة كونه يحرم الاقتصاد الوطني الاستفادة من الايدي العاملة بعد اكتسابها لخبرات واسعة وقدرات انتاجية مرتفعة.
 
ومن المشكلات الاخرى التي يتوجب الاشارة اليها في هذا السياق ان النظام التأميني وفقا للقانون رقم (19) لسنة 2001 يوسع الفجوة بين الرواتب التقاعدية ويدعم التقاعد المبكر على حساب التقاعد الوجوبي, ويظهر ذلك في العديد من المؤشرات منها ان سن التقاعد المبكر والمدة اللازمة لاستحقاقه متدنية وهي الاقل بين معظم التشريعات التأمينية في العالم, كما ان معامل الخصم (نسبة التخفيض) للتقاعد المبكر متدن جدا ولا يعكس التكاليف الاضافية الفعلية التي يتحملها النظام التأميني, مما يقلل من الحافز على العمل لفترات اطول, عدم وجود سقف اعلى للاجر الخاضع للاقتطاع وعدم وجود سقف للعلاوة العائلية هذا اضافة الى افتقاره الى النصوص الكافية التي تضبط الزيادات غير المنتظمة في الاجور الخاضعة للاقتطاع في السنوات التي تسبق التقاعد.
 
في ضوء ما سبق وبهدف الحفاظ على ديمومة النظام التأميني وتعزيز الحماية الاجتماعية للمشمولين تحت مظلته, اقتضت الحاجة لاصدار قانون مؤقت يتضمن التعديلات المناسبة للتعامل مع القضايا المشار اليها, وقبل الخوض في حيثيات التعديلات المقترحة فلا بد من الاشارة بداية الى ان القانون الجديد قد استثنى الفئات التالية من بعض التعديلات المتعلقة بالتقاعد المبكر والوجوبي:
 
1- المؤمن عليه الذي يكمل شروط استحقاق راتب التقاعد الوجوبي ذكرا كان او انثى قبل تاريخ 1/1/2011 يستثني من الشروط والمعادلة الجديدة لاحتساب الراتب التقاعدي.
 
2- المؤمن عليه الذي يكمل (18) سنة اشتراك بالنسبة للذكور و (15) سنة للاناث قبل تاريخ 1/1/2011 فقد تم استثناؤه من الشروط الجديدة لاستحقاق التقاعد المبكر وكذلك من المعادلة الجديدة لاحتساب الراتب التقاعدي.
 
3- العاملين في المهن الخطرة حيث اتاح القانون الجديد لهم التقاعد مبكرا بغض النظر عن تاريخ شمولهم بالضمان وذلك وفق نظام يصدر عن مجلس الوزراء لهذه الغاية.
 
ومراعاة لاوضاع المؤمن عليهم الذين اقتربوا من تحقيق شروط استحقاق التقاعد المبكر في ظل القانون رقم 19 لسنة 2001 فقد تم الاخذ بمبدأ التدرج في تطبيق التعديلات الجديدة حتى لو استمر المؤمن عليه بالعمل بعد نفاذ احكام القانون, وذلك وفقا لما يلي:
 
الشريحة الاولى: كل من يكمل سن 44 قبل 1/1/2011 يستطيع طلب التقاعد المبكر عند سن 46 مع توفر 228 اشتراكا فعليا للذكور و 192 اشتراكا فعليا للاناث.
 
الشريحة الثانية: كل من يكمل سن 43 قبل 1/1/2011 يستطيع طلب التقاعد المبكر عند سن 47 مع توفر 264 اشتراكا فعليا للذكور و 210 اشتراكات فعلية للاناث.
 
الشريحة الثالثة: كل من يكمل سن 42 قبل 1/1/2011 يستطيع طلب التقاعد المبكر عند سن 48 مع توفر 264 اشتراكا فعليا للذكور و 228 اشتراكا فعليا للاناث.
 
الشريحة الثالثة: كل من يكمل سن 42 قبل 1/1/2011 يستطيع طلب التقاعد المبكر عند سن 48 مع توفر 264 اشتراكا فعليا للذكور و 228 اشتراكا فعليا للاناث.
 
الشريحة الرابعة: كل من يكمل سن 41 قبل 1/1/2011 يستطيع طلب التقاعد المبكر عند سن 49 مع توفر 282 اشتراكا فعليا للذكور و 246 اشتراكا فعليا للاناث.
 
الشريحة الخامسة: كل من يكمل سن 45 على الاقل قبل تاريخ 1/1/2011 وكانت اشتراكاته في التأمين اقل من 216 اشتراكا فعليا للذكور واقل من 180 اشتراكا فعليا للاناث ليستطيع طلب التقاعد المبكر عند اكماله مدة اشتراك 228 اشتراكا فعليا للذكر و 192 اشتراكا فعليا للاناث.
علما ان جميع المشتركين بالضمان قبل 6/10/2009 من غير الشرائح المشار اليها يمكنهم طلب التقاعد المبكر عند اكمال سن الخمسين مع توافر 300 اشتراك للذكور و 264 اشتراكا للاناث.
 
ومن ابرز التعديلات الجديدة التي تضمنها القانون المؤقت الجديد ما يلي:
 
1- اتاحة المجال امام المؤسسة لشمول بعض الفئات المستثناة وفقا للقانون السابق كربّات البيوت والطلبة وكذلك اتاحة المجال امام المؤسسة لشمول اصحاب العمل والعاملين لحسابهم الخاص الزاميا تحت مظلتها.
 
2- ربط رواتب التقاعد ورواتب الاعتلال سنويا بالتضخم وتوفير زيادة سنوية منتظمة للحفاظ على القوة الشرائية لهذه الرواتب والحيلولة دون تآكلها على غرار ما هو معمول به في ارقى النظم التأمينية في العالم المتقدم.
 
3- زيادة الحالات التي تمكن المستفيدين من الجمع بين الحصص التقاعدية وخاصة للمرأة اثناء عملها او تقاعدها سواءً كانت اما او ارملة او بنتا.
 
4- وكذلك تخفيض كلفة شراء سنوات الخدمة السابقة, بغية مساعدة الذين لم يتمكنوا من استكمال مدة الحد الادنى لاستحقاق التقاعد عند سن الشيخوخة.
 
5- وعلى صعيد التوسع العمودي واضافة مزايا جديدة للمشتركين فقد تضمن القانون الجديد استحداث تطبيق تأمينات جديدة وخاصة تأمين الامومة بحيث يتم تغطية رواتب المرأة العاملة اثناء اجازة الامومة مقابل اشتراكات مقدارها 0.75% من الاجور يتحملها صاحب العمل وحده عن العاملين لديه ذكورا كانوا او اناثا.
 
6- استحداث تأمين جديد للتعطل عن العمل, بحيث يدفع للعامل المتعطل قسرا عن العمل بدل تعطل وفق ضوابط وشروط محددة, واستحداث تمويل لهذا التأمين على اساس نظام الحسابات الادخارية الشخصية, وتتراوح فترات التعويض او البدل بين 3-6 شهور, وتبلغ الاشتراكات الشهرية لهذا التأمين 1.5% من الاجور الشهرية بواقع 1% من العامل و 0.5% من صاحب العمل.
 
7- وضع النصوص القانونية التي تتيح للمؤسسة تطبيق التأمين الصحي وفق نظام يصدر لهذه الغاية.
 
وتجدر الاشارة الى ان قانون الضمان الاجتماعي الجديد راعى في نصوصه عددا من الاعتبارات ومن اهمها المحافظة على الرواتب التقاعدية للغالبية العظمى من المؤمن عليهم عند سن الشيخوخة وكذلك حماية القوة الشرائية لجميع الرواتب التقاعدية ودعم وتوسيع قاعدة الطبقة المتوسطة وتقليص الفجوة بين الرواتب التقاعدية في اطار من حوافز العدالة, وتشجيع القوى العاملة المدربة وذات الخبرة على الاستمرار في العمل لفترات اطول حفاظا على الاقتصاد الوطني والانتاجية المرتفعة, وكذلك تعزيز المشاركة في سوق العمل وتحقيق المزيد من التكامل والترابط بين مختلف التأمينات الاجتماعية لتحقيق المزيد من الحماية الاجتماعية للقوى العاملة.