صحيفة العرّاب

قصف إعلامي مبكر على حكومة الرفاعي..والمصري وبدران أول المطلوب إسقاطهم

القصف الإعلامي المبكر على حكومة الرئيس سمير الرفاعي منذ اليوم الاول لتشكيلها تسبب بتسليط الاضواء على اخطاء وعثرات الوزراء الذين قدم بعضهم بالمقابل وفي وقت مبكر ايضا "ذخيرة حية" للناقدين والخصوم والعابثين فانتهت هذه المتوالية السياسية باسرع وقوف محتمل على عتبة التعديل الوزاري الذي تحدث عنه الجميع في وقت قياسي وحتى قبل انتهاء المئة يوم الاولى في عمر الوزارة وطاقمها.

 وبهذا المعنى اندفع الاعلام المتابع ليس فقط للتركيز على اخطاء الوزراء وعثراتهم ولكن ايضا لاقتراح التعديل على الرئيس الشاب حتى يتمكن من الصمود والتحرك ديناميكيا لمعالجة اولى الأولويات وهي الازمة المالية .
 
ولا يبدو الرفاعي منتبها او حتى مهتما بمقولات التعديل الوزاري السريع لكن اداء الوزراء لا يبدو للعيان مقنعا في مطلق الاحوال ولا يظهر على شكل سيمفونية سياسية موحدة كما هو متوقع، الامر الذي يمكن تصنيفه كنتيجة طبيعية لخيارات "الترقيع" الجغرافي والبرامجي او للانحيازات المتسرعة التي اجبر الرئيس عليها وهو يختار افراد الطاقم .
 
ومن الواضح في السياق ان وضع وزارة الرفاعي الآن يشير الى ان الرئيس عندما شكل علق بين اربعة اعتبارات محرجة فانتهى الامر بمشهد الوزراء الحالي الخالي من الاقناع.
 
اول هذه الاعتبارات الجغرافيا التي احضرت شخصيات مهمة بلا مهام حقيقية، وثانيها اصدقاء الرئيس الشخصيين الذين قبلوا او تمكن من توزيرهم لضمان الاخلاص والولاء سواء انطلاقا من تجربته السياسية او من تجربته في القطاع الخاص، وثالثها وجود قرار مسبق ببقاء نصف اعضاء فريق سلفه نادر الذهبي على الاقل اما الاعتبار الرابع فتمثل بمتطلبات المحاصصة بين الليبراليين والمحافظين على امل ارضاء جميع الاطراف.
 
وهذه الاعتبارات لم تشكل في الماضي متكاملة الاسس التي كانت بالعادة تبنى عليها الاطقم الوزارية فكان ظهور "تصدعات" مبكرة على شكل اخطاء وعثرات شخصية للوزراء مسألة طبيعية خصوصا في ظل وجود وزراء يعتبرون انفسهم من آباء النظام والحكم والحكمة وينظرون بترفع بالتالي لاخرين شبان في الطاقم لا يعرف الشارع عمليا لا وجوههم ولا يحفظ حتى اسماء معظمهم.
 
الآن يميل سياسيون مهمون في مواقع التأثير للحديث عن خليط وهجين في الطاقم تنتج عنه كل المشكلات والاشتباكات المرصودة وعن فشل تجربة اللجان الوزارية السبع المشكلة في الحلول مكان التحالفات الطبيعية التي تحصل بالعادة داخل مجلس الوزراء ويستفيد منها المطبخ.
 
لذلك حصريا يصبح اي تصريح او قرار لاي وزير وفي اي شأن نقطة فارقة تثير النقاش السلبي المضاد للحكومة خصوصا مع وجود صحافة متفرغة للترصد وغياب البرلمان، والوزير الوحيد الذي يمكن استثناؤه من هذه القاعدة هو المعني بحقيبة الشؤون البرلمانية المخضرم توفيق كريشان الذي خرج للضوء مرة واحدة فقط ادلى خلالها بتصريح ينبغي ان يثير عاصفة من الجدل العام لانه يخص الملف الاهم وهو قانون الانتخاب.
 
كريشان صرح علنا وبكل بساطة قائلا بان قاعدة "الصوت الواحد" ستبقى رغم ان احدا في الدولة لم يقل ذلك بعد وليس في الحكومة فقط والغريب ان عبارات كريشان مرت بدون اي مناقشة او اثارة من اي نوع في مفارقة لا يمكن فهمها حتى الآن رغم ان وزراء اخرين اعلنت عليهم الحرب والقيت في وجوههم علبة الاتهامات وتحولوا لاهداف مفضلة للصحافيين ومحترفي اصدار البيانات بعدما اطلقوا تصريحات اقل اهمية في امور غير مهمة.. من بين هؤلاء عماد فاخوري وزير تطوير القطاع العام ونبيل الشريف وزير الاتصال صاحب السجل الاطول في اطلاق تصريحات تثير دوما نقاشا ساخنا .
 
وفي السياق ليس سرا ان رأس وزير التربية والتعليم البروفوسور صاحب السبعين بحثا كونيا ابراهيم بدران هو المطلوب الاول شعبيا وحزبيا بعد عبارته الشهيرة التي تطلب من المعلمين "حلق ذقونهم",ويليه في قائمة الرؤوس المطلوب اسقاطها وزير الزراعة سعيد المصري الذي تثور الدنيا كلما نطق حرفا ومن يجلس بعده في كراسي المطلوبين وزير البيئة حازم ملحس ليس لمشكلة سياسية افتعلها او تسبب بها ولكن لانه شاب وانيق ويتحدث بلغة ناعمة ومتمدنة ويبدو مترفعا ولا تعرف الصالونات من اين ولماذا اتى؟
 
ولا احد بطبيعة الحال يطالب برأس وزير التنمية السياسية موسى المعايطة الذي تحول لمبشر يومي باجراء الانتخابات في الربع الاخير من العام الحالي ولا برأس مروان جمعة وزير الاتصالات الذي يلعب بالظل كالعادة، ولا وزير الاشغال الذي يتابع كل صغيرة وكبيرة تخصه او لا تخصه على صحافة الشبكة فيعلق ويرد ويوضح واحيانا ينافس الكتاب على نشر المقالات.
 
بكل الاحوال كبار الطاقم لا احد يقترب منهم واكثرهم ظهورا رجائي المعشر الذي فاجأ الجميع برسالة متعددة الاوجه عندما القى خطبة امام مؤتمر اقتصادي لاحزاب المعارضة متفهما لكل الملاحظات النقدية ومشاركا ببعضها ومتعاطفا مع معظمها بشكل يقول ضمنيا فيه الرجل انه ليس كالآخرين.
 
واقل كبار الوزراء ظهورا منذ اسابيع ولاسباب مجهولة الرجل الثالث في الفريق وزير الداخلية نايف القاضي اما وزير الخارجية ناصر جوده فلا احد يعرف عنه او منه شيئا وكذلك المخضرم وزير الاوقاف عبد السلام العبادي فيما يشتم المراقبون غبار المعركة الصعبة التي يخوضها وزير المالية محمد ابو حمور ويعتزل الاضواء تماما عامر الحديدي وزير التجارة والصناعة برفقة وزير التخطيط جعفر حسان الذي لجأ للكواليس بعد ان ركز عليه القاصفون بمجرد بروز اطلالته الاعلامية الاولى.
 
وفي طبقة الوزراء المخضرمين الذين يجيدون اللعب خصوصا مع الرؤساء يجلس وزير الطاقة وخصم الرفاعي سابقا خالد الايراني مسترخيا دون اي توضيح من اي نوع يخص ملف مصفاة البترول والى جانبه وزير العدل ايمن عوده وهو وزير انضم لاحقا للفريق الذي يتوقع الجميع حصول مشكلة بمجرد صدور اي تصريح له في لعبة يفهمها تماما وزير النقل المعتكف دوما خلف ستار علاء البطاينة.
 
الاستخلاص ان وزراء الرفاعي اما صامتون او مثيرون للمتاعب اذا تحدثوا وهي مشكلة من الواضح ان سببها المركزي اعتبارات الاختيار لحظة التشكيل، وانطلاقا من تلمس الجميع لها تتحدث الصحافة عن اشكالات جذرية لا يحلها الا تعديل وزاري.  القدس العربي