الجريمة والعقاب متلازمتان في المجتمع الإنساني ولا يمكن تفادي وقوع الجريمة مهما بلغت مثالية المجتمع إلا ان وقوعها لا يعني إفلات المجرم من العقاب الذي قرره المجتمع وحدده القانون ، والتشريع الأردني حدد الأفعال التي تعد جرائم وقرر لها عقوبات محددة بالغرامة والحبس لتصل إلى سلب الحياة بعقوبة الإعدام.
ولما كان هذا الواقع فإنه من الطبيعي أن يكون هناك مراكز للحبس تنفيذا لحكم القضاء أو احتفاظا لحين انتهاء المحاكمة وصدور الحكم حيث عرف في الأردن وجود ما يسمى مراكز الإصلاح والتأهيل البالغ عددها حاليا عشرة مراكز .
وتفيد إحصائيات إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل أن عدد النزلاء الداخلين إلى مراكز الإصلاح خلال العام الماضي تجاوز 61 ألف نزيل بين موقوف ومحكوم.
وليست مراكز الإصلاح الأردنية بخارجة عن إرادة الخالق عز وجل لتستثنى الأرواح فيها من القبض ، فقد أوضحت تقارير صادرة عن مديرية الأمن العام في الأعوام الماضية حول أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح وقوع حالات وفاة بلغ عددها عام 2006 م 21( )حالة فيما كان العدد (15) حالة عام م2007 وارتفع إلى (23)وفاة في العام الماضي.
وحسب دائرة الإحصاءات العامة فإن عدد حالات الوفاة المسجلة في عام م2006 بلغ 20900 وفاة ويتبين أن نسبة وفيات النزلاء مقارنة مع عدد وفيات المملكة في ذات العام هوحوالي 10 وفيات لكل عشرة آلاف وفاة . ونجد أن نسبة وفيات النزلاء إلى عدد حالات الوفاة في المملكة عام م2007 والذي بلغ 20400 وفاة هو حوالي 7 لكل عشرة آلاف وفاة في المملكة فالرقم غير ثابت ولم تعلن دائرة الإحصاءات العامة عن إحصائياتها الرسمية للعام 2008 ولكن بافتراض أن رقم الوفيات قارب الأرقام السابقة فإن نسبة وفيات النزلاء إلى الوفيات في المملكة هي حوالي 11 وفاة لكل عشرة آلاف وفاة .
العمري
من جانبه يقول مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل العقيد شريف العمري إن معظم الوفيات تقع ضمن مسمى الوفاة لأسباب طبيعية وفق تقرير الطب الشرعي حيث قال ان أية حالة وفاة لنزيل مركز إصلاح تحول إلى الطب الشرعي بأمر المدعي العام المختص ليتم الوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاة مشيرا إلى أن نهج مديرية الأمن العام في التعامل مع النزلاء على أنهم أمانة في أعناقنا لحين الإفراج عنهم موضحا أن صاحب الصلاحية في تقرير سبب الوفاة هوالطبيب الشرعي حيث يتولى المركز الوطني للطب الشرعي إعلان سبب الوفاة بعد إجراء الفحص والمعاينة لجثة المتوفى .
واضاف العقيد العمري بحسب ما قرره الطب الشرعي فإن الحالات المرضية التي كان يعاني منها معظم النزلاء الذين قضوا في مراكز الإصلاح تنوعت بين أمراض خطيرة كالسرطان ومزمنة كمشاكل القلب والسكري والضغط والأزمة الصدرية المزمنة والجلطات الدماغية والقلبية عدا انسداد الأوعية الدموية واحتشاء عضلة القلب وغيرها.
وأكد العقيد العمري أن مديرية الأمن العام انتهجت الشفافية في الإعلان عن أوضاع النزلاء والجهود المبذولة لتحسين واقع مراكز الإصلاح حيث أن الأرقام المعلنة تصدر بتقارير رسمية عن مديرية الأمن العام ويعلن عن حالات الوفاة وأسبابها والإجراءات المتخذة في التعامل معها متى وقعت ، وهذا تأكيد على توضيح الوقائع بعيدا عن التضليل المتعمد في تضخيم الأرقام أوتوظيفها في الإساءة لجهود كافة الجهات القائمة على رعاية النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل .
ولم يخفً مدير مراكز الإصلاح وقوع حالات انتحار في مراكز الإصلاح كما أكد وقوع حالات وفاة نتيجة أسباب غير مرضية في إشارة إلى وفاة 3 نزلاء محترقين في أحداث الشغب التي وقعت في مركز الموقر ووفاة نزيلين إثر تجرعهما مادة الكولونيا في مركز إصلاح معان. وأضاف العقيد العمري أن النزلاء المتوفين اختلفت أعمارهم وأحكامهم وقضاياهم كما اختلف مكان وفاتهم وأسبابها وكانوا بين نزيل ومحكوم بعضهم أمضى ثلاثين عاما وبلغ الثمانين وآخر عشر سنوات ولم يتجاوز الخمسين وآخر أمضى سبع سنوات وتوفي ولم يتم السابعة والعشرين.
وعلق قائلا أن مراكز الإصلاح لا تختلف عن أي مكان في الأرض ولا يملك النزيل فيها حصانة ضد الموت مؤكدا أن أيا من الحالات التي وقعت خلال السنوات الثلاث الماضية لم تقع لسوء رعاية أو تقصير أو تعدْ من العاملين في مراكز الإصلاح.