{{{ نصيحة خالصة لوجه الله تعالى،لا اريد منها جملاً ولا ناقة، للنخبة التي تُللم اليوم اوراقها بعد ان إِسْودَّ وجهها وكشفت نفسها بنفسها عن عوراتها القبيحة،حذار من اي مغامرة.ان سيوفكم صدئة بادحة،اضعف الف مرة، من ترويض شعب خصه الله بالرجولة.العجيبة الاعجب فيه انه لقنَّ الحكومة درساً في السياسة و اعطى عربان الحروب البينية، عناوين باهرة في فن الخلاف المتحضر وفصاحة الحضارة.ذا شعب الحكمة والحنكة التي لا تطيق معه الفئة المرجومة صبرا }}}.
هبة رمضان ليس قبلها قبل في الزهو الوطني، صارت تاريخاً يؤرخ بها.تاجها العالي،ضغط توتر عالً لصياغة عقد اجتماعي جديد، يؤسس لاردن جديد، قائم على العدل والمساواة.اخطر ما فيها ليس الاحتجاجات بل تصاعد الوعي بالمستقبل،والخوف من آتٍ محفوف بمخاطر لا حصر لها،لكنها ـ رغم ما قيل فيها ـ صناعة شبابية % تجسد حقيقة :ـ ان الانسان هو صانع مستقبله،اما حين يرفع يده عنه، فان الآخرين يصنعونه له.هي درس وموعظة، ان النفس البشرية لا تبدع الا في ظل الحرية اما المقموعة لا تنتج الا الخوف والضعف.فحين تولت امورنا نُخب انانية عنيدة، لا تعرف الا العصا حلت علينا الكارثة.نخب محنطة قليلة الوعي بقابل الايام، جاهلة الدراية بقوانين المجتمع وتغييراته الدائمة،تساندها حكومات مهمشة بلا ولاية عامة كانها خُشبٌ مسندة على رقعة شطرنج،تُعطي الاهمية لاسم العائلة،و الاولوية للواسطة،المحاصصة،الجغرافيا اما الكفاءة،الخبرة،الطهارة الوظيفية ليست على الخارطة.
سلبيات انحرفت عن فهم الواقع،نتيجتها ضعف التنمية ،تفاقم المديونية،ازدياد البطالة. الدوار الرابع،علامة فارقة،انعطافة حادة،نقطة فاصلة كشفت لعبة التوازنات المفقودة بين الحكومة،البرلمان،الدولة العميقة،فكانت الصراعات على حساب الوطن،لذا لن تنصلح اوضاعنا الا برفع الوصاية عن الحكومة، اسقاط كهنة التازيم،كنس المتمسكين بشعار " ليس بالامكان احسن مما كان"،لجم عصابات الفساد.سلبيات دفعت الاغلبية لشعور بالاستياء،العزلة،الخيبة،الكراهية المطلقة للنخبة وللحكومات...كانت المفاجأة اللامتوقعة،عندما حطت اقدام الشباب امام الرئاسة،ارتجفت الارض تحتهم،اضاءت البروق هاماتهم،تزوبعت الشوارع على هديرهم.لحظتئذٍ فتحت القدرة الآلهية كوة في جدار المستقبل.فضرب الرعب قلوب الخُطاة،شُلت قدرات الطفيليون الذين ربطوا انفسهم بحبل سري يُقتات على خزينة الدولة،فأُسقط بأيديهم لانهم نكرات دون مناصب ولا نفوذ سلطة. في الدوار الرابع سقطت مسلمات وبرزت حقائق، ان التغيير قادم لا محالة وسُنة كونية،ممكن تأخيره لكن من الاستحالة منعه.كما ان بناء دولة ديمقراطية دون معارضة حقيقة كذبة كبرى،فالكائن الحي من وحيد الخلية حتى الانسان لا يستطيع العيش في بيئة مُسيجة بالغثيان والحرمان.
هناك على الدوار قال الشباب ان الارض تدور والسكون موت،فانتصرت الشجاعة وهدمت جدار الخوف القائم منذ زمن الاحكام العرفية.هناك اسال الشباب دم "بعبع الوهم" على مرآى من الكافة. فضحوا هشاشة المتنمرين،كشفوا لعبة تلبيس الطواقي،كفنّوا النخبة القديمة ودفنها في حاوية.هناك أُعلنوا افلاس الطبقة السياسية و سياساتها الخاطئة التي اوشكت على تدمير الدولة.هناك قلبوا المعادلة فحمى الشباب شعبهم من الحكومة بينما الاصل ان تحميهم. سقوط الحكومة بطريقة مذلة وسحب قوانينها دليل على فشلها في الملفات الصغيرة والكبيرة من كنس البسطات الى ازالة الزبالة وما بينهما من قضايا جوهرية كالعدالة الاجتماعية،المواطنة ،الحريات العامة،الديمقراطية،حقوق الانسان،الاحزاب،قانون الانتخاب....شباب الرابع سددوا لكمة قوية لأحابيل كذب النخبة وحيلها الخادعة، ولم ينسوا المطالبة بوزراء من شخصيات وطنية مشهود لها بالطهارة الوطنية و الاعداد للمستقبل بطرق علمية لا باسلوب الفزعة على طريقة المجتمعات البدائية.
المشهد،عصي على التوصيف والتصنيف.لغة واحدة موحدة سادت الجميع، تحت مظلة وحدة وطنية واحدة، وتلاحم شعبي ترفع له القبعة،غايتها التواصل بينهم والتوصيل للسياسيين المحروقين،لاخراجهم من بين ظهرانينا، بعد ان اصبحوا علة وعالة علينا...لا ادلَّ على ذلك، من تلك الهتافات المدوية التي هزت شجرة الدولة هزاً ،فتهاوت اغصان ناخرة،سقطت ثمار فاسدة،تطايرت اوراق صفراء ذابلة و قد ثبت فعلاً ان المفاتيح السحرية بيد الشباب.وهاهم فرسان المستقبل، يسرجون خيولهم صوب الآتي،هازئين من اخوة يوسف الذين القوا الشعب بقاع الجب و اخذوا يتباكون عليه كذباً....
يا يعقوب يا سيد الحزن البهي،كفكف دموعك،سيعود يوسف الجميل اليك،و اؤلئك عجزة عاجزون،شهب مظفاة،وصوليون زلزا الادبار الى غير رجعة. في حالة تيه كنا. لا احد يعرف ما يدور في حاضرنا لغياب الشفافية،ولا احد يعرف ما يخبيء المستقبل لانعدام الرؤية الاستشرافية.ما زاد فقرنا افتقارنا للنظرة المستقبلية، فتفاقمت مشكلاتنا بالاستدانة، غير حاسبين حساب المستقبل ،فيما كلمة " اصلاح " اهترأت لكثرة استعمالاتها الخاطئة من جهلة السياسة، وكتبة الريموت الذين يكتبون مثل كُتاب الحمامات العامة باقلام حبرها من مبولة.اعلامنا كذلك في سبات عميق،ونوابنا يجرون تمرينات صوتية للدورة الاستثنائية،اما شيوخنا الاعيان ما زالوا يعالجون الاوضاع بالرُقية الشرعية وحرق البخور لعل الله ان يهدي الشباب للعودة الى بيوتهم،كأنهم لم يسمعوا عن سيدنا نوح الذي استبق الطوفان ببناء سفينة المستقبل التي انقذت مجتمعه من غرق محقق. الشباب القوا في مستنقع السياسة العكرة صخرة كبيرة،فطرطشت وجوه القلة المتحكمة،حَفزواّ المشاعر،هزوا العقول،اثبتوا ان الحكومة لا تستمد شرعيتها من جلوسها في الرابع انما في تمثيلها للارادة الشعبية وتحقيق الطموحات الوطنية.فلا قرار بعد اليوم،بمعزل عن الشباب الذين يمثلون المستقبل.
الدراسات النفسية والاجتماعية كشفت ان مشاركة الشباب في العمل العام والانخراط بالسياسية لها قدرة سحرية على تحريرهم من الكبت الفكري،التزمت العقائدي،النقمة على المجتمع ،الحصانة من الارهاب،الشفاء من ازدواجية الولاء والانتماء.الامراض السالفة كلها، بسبب عزلهم وعزلتهم، وتركيز السلطة في يد شريحة محتكرة . المشاركة نقيض الشك بالطبقة السياسية،ترياق فعال لعدم المبالاة،الشعور بالاغتراب،النفي الداخلي، الاحساس بالخيبة عند الشباب من سلطة لا تُقيم لهم وزناً دأبت على تهميشهم وتهشيمهم.جاءت الوقفة الرمضانية، فشكلت تحولاً جذرياً في الروزنامة الاردنية،و تحويلة على صعيد الافق السياسي ،فبات من الاستحالة تفصيل قماشة الدولة على مقاس نخبة غير قادرة على ادارة بقالة...بينما على الضفة المقابلة شباب يعملون على تعميق الشعور بـالـ " نحن الجماعية " النقيض لـ " الانا " الفردية الركن الاساس لنخبة انتهى دورها و زمانها