تعد كارثة غرق سفينة الركاب الإنكليزية التيتانيك حدثاً معروفاً للجميع، فبالإضافة للأفلام السينمائية التي لعبت دوراً هاماً في التعريف بالفاجعة التي وقعت في 15 نيسان 1912 والتي أودت بحياة أكثر من ألف مسافر، كسبت التيتانيك شهرة عالمية أيضاً بسبب احتوائها على خليط اجتماعي تجسد أساسا في اختلاف طبقات وأعراق وديانات ركّابها وتقسيم السفينة إلى درجات.
وأثارت التيتانيك سنة 1912 ذهول الجميع بحجمها الهائل ومحركاتها، حيث أشرف على بنائها خيرة المهندسين، فضلاً عن ذلك توفرت فيها معايير سلامة عالية لتلقبها الصحافة الإنكليزية بـ"السفينة التي يستحيل إغراقها". لكن خلال رحلتها الأولى ما بين بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وبسبب عدد من الأخطاء حدث ما لم يكن في الحسبان لتغرق السفينة التي يستحيل إغراقها في عرض المحيط الأطلسي متسببةً في واحدة من أسوأ الكوارث البحرية على مر التاريخ البشري.
سفينة التيتانيك قبل إبحارها من ميناء ساوثهامبتون
تُصنف "فضيحة المناظير" ضمن أهم الأسباب التي تسببت في غرق سفينة التيتانيك، فقبيل انطلاقها من ساوثهامبتون باتجاه نيويورك في العاشر من شهر نيسان 1912، أقدم المشرفون على الرحلة على تغيير الضابط الثاني دافيد بلير بزميله تشارلز لايتولر والذي تميز بخبرته في مجال الرحلات البعيدة عبر المحيط الأطلسي. أثار قرار الاستبعاد من الرحلة الأولى للتيتانيك غضب دافيد بلير، الذي لم يتردد في مغادرة المكان مرتكباً خطأ كارثياً ألقى بظلاله على مستقبل السفينة التي يستحيل إغراقها.
رسم تخيلي لحادثة غرق التيتانيك
أثناء مغادرته المكان بشكل سريع، نسي دافيد بلير أن يسلّم مفتاح خزانة المناظير إلى زميله تشارلز لايتولر. من جهته، لم يتحمل لايتولر عناء السؤال أو البحث عن المفتاح قبل بداية الرحلة، لتنطلق التيتانيك على إثر ذلك نحو نيويورك في ظروف سيئة حيث حرم المراقبون على متنها من المناظير.
الضابط الثاني دافيد بلير الذي بقي مفتاح خزينة المناظير لديه
يوم 14 نيسان 1912، تلقت التيتانيك تحذيرات عديدة حول وجود أعداد هائلة من الكتل الجليدية بالجزء الشمالي للمحيط الأطلسي، فقبيل ساعات من الكارثة راسلت الباخرة "ميسابا" سفينة التيتانيك، محذرةً إياها من مغبة الإبحار ليلاً بسبب ضعف الرؤية. لكن المسؤولين عن قسم الاتصالات اللاسلكية بسفينة التيتانيك تجاهلوا هذه التحذيرات.
الجبل الجليدي الذي ارتطمت به التيتانيك
في حدود الساعة 11:40 ليلاً من نفس اليوم، لاحظ المراقب على متن التيتانيك فريدريك فليت وجود جبل جليدي على مقربة من السفينة ليقوم على الفور بقرع جرس التحذير. على إثر ذلك، حاول المسؤولون عن التيتانيك تغيير مسارهم لكن ذلك كان بدون جدوى حيث كانت السفينة على مسافة جد قصيرة من الجبل الجليدي لترتطم به لاحقاً متسببةً في كارثة بحرية أودت بحياة نحو 1500 راكب.
وبناءً على التحقيقات التي أجراها المسؤولون الأميركيون حول حادثة غرق التيتانيك، كان من الوارد جداً تجنب وقوع الكارثة في حال توفر المناظير لدى المراقبين، فبفضل ذلك سيتمكن المراقبون من مشاهدة الكتلة الجليدية من على بعد مسافة هامة، ما سيسمح للسفينة بتغيير مسارها في الوقت المناسب. وقد أكد المراقب فريدريك فليت، الذي نجا من الكارثة، أنه كان قادرا على ملاحظة الجبل الجليدي من بعد مسافة هامة في حال توفر منظار لديه.