بقلم الاعلامي .. بسام الياسين
((( يا الله، ما اعظم القرآن.هدهد كان سبب اسلام اليمن راس العرب ،ونملة غيرت مسار جيش سليمان،عليه السلام.تأسيساً على ما فعلته العجماوات من معجزات ربانية نسأل :ـ اليس من حق المواطن، ان يسأل ان كان وطنه، ذاهب الى ورطة مزلزلة ام الى نهضة واعدة ؟! ))) .
لم اكن اتخيل،ان يصل العمى بكتبة الريموت، ان يصوروا الواقع بصورة مقلوبة،وينظروا للناس بهذا الاستخفاف.تراهم يكتبون بلغة إنشائية ثم يُرصعّونها بمحسنات ببلاغية لاصطياد القراء،و ايقاعهم بشباك التضليل والتخويف كأيام المرحلة العُرفية.غايتهم تكذيب ابسط الحقائق وقلبها في زمن باتت فيه كل الاوراق مكشوفة.هؤلاء حالهم حال المصاب “بالتوحد ” المنفصل عن واقعه،والغارق باوهامه ، دون ان يدري ما يدور حوله.زائفون مزيفون،يحاولون ايقاف الزمن و تغيير تحولاته، بمقالة كتبت نفاقية،تنطوي على مبالغة في النفخ،او استطراد في اللف والدوران،على ايقاع بكائية على الاطلال او استعراض ماَضٍ مضى وانتهى اجله.لم يدرِ هؤلاء،انه من الاستحالة،اجهاض الوعي المتخمر في الاذهان،بكلمات ضالة ومضلة،مغزولة على نول كاذب ،بعيداً خيوطها من وجع ناس بلغوا ذروة الحرمان، بعد ان عمَّ الفساد في البلاد،وساءت احوال العباد لإسباب على رأسها :ـ نخبة تداولت السلطة ولهفت الكعكة،ولحست حتى الفتات.
الكتابة ليست قعقعة مستفزة للترهيب بل هي اعظم الانشطة الانسانية. ما يميزها الصدقية مع الآخرين لتنويرهم بالاضاءة على مشكلاتهم،بوصفها مرآة كاشفة لاحوالهم.فان كانت مصقولة،فنعما هي، اما ان كانت مضروبة،فهي تهزالصورة و تشوه المعرفة،و لا تقوم بدورها في النقد البناء انما تصبح اللعنة بحذافيرها.الكتابة امانة ثقيلة،لا يحملها الا امين ،و الا هي اضلولة،تستوجب المحاسبة ومقاطعة،الكاتب المنبت عن ناسه لانه كاتب مناسبة مدفوعة الاجرة.هذا الرابوت الببغاوي لم يخلع نظاراته القديمة،ما سبب له الخلط ،وصار كحاطب ليل يتخبط في طروحاته.فمن الإستحالة اطفاء غابة بمقالة استعراضية،لا يسومها احدُ بـ ” بارة “،خاصة ان كان صاحبها يسعى الى مجدٍ رخيص،غير مكترث حتى لو رماه القراء بالحصى كابليس.
نسأل، كيف يبيح كاتب لنفسه حرية قول ما تشاء، ويُحرّم على غيره السؤال ؟!. ام ان المواطن المثالي بنظره، ومن على شاكلته،القط الخشبي الذي لا يأكل ولا ينط ؟!.مدرسة الاعرابي الاستعراضية مازالت قائمة،ذلك الوغد الذي شّمر عن ثوبه ذات حج،ثم بال في بئر زمزم المقدسة، امام الحجيج بلا حياء من الناس او خوف من الله ،فيما الناس ينظرون اليه،فما كان منهم الا ان انهالوا عليه ضرباً بالنعال،حتى كاد ان يموت بين ايديهم، لولا ان انقذه حرس بيت الله الحرام ،وحملوه الى والي مكة.فقال له :ـ قبَّحك الله،لِمَ فعلت ما فعلت ؟!.فاجاب مزهوا :ـ حتى تقول العرب،هذا الذي بال في زمزم”.
ذاك الاعرابي، حفر اسمه في ذاكرة العرب،رمزاً للتفاهة.فقد كانت فعلته دليلاً على بؤس شخصيته،والبحث عن توهج الحضور ودخول دائرة الضوء.ما يثير الاشمئزاز ان المدرسة البولية،ما زالت قائمة حتى يومنا هذا،وتلاميذها يقفون بالطوابير على الدور بانتظار الفرصة،لكنهم كغثاء السيل، يحكمهم قانون الطفو كزبد بلا قيمة،ودخان يتصاعد للاعلى دون وزن.مدرسة لا اخلاقية ولى عهدها كما انتهى زمن التخدير وعهد التدجيل. لكن الكاتب العظيم،هو الذي يحفر في تربة المعرفة،بحثاً عن الكنوز الثمينة،كعالم آثار شغوف بالمعرفة،لمعرفة معاناة الناس، حتى يُعين صاحب القرار على تصويب قراره باضاءة الطريق امامه، لا ان يضعه في متاهة، كمتاهة اليهود في سيناء ايام سيدنا موسى.
اليس الاجدر بكُتاب الصدفة بدل الثرثرة النفاقية، الدعوة لاصلاح البيت الاداري،التأشير على مواطن الفساد،محاربة شبكة ابتزاز المستثمرين،فضح كبار تجار المخدرات،نزع الاقنعة عن وجوه اهل النخبة التي تتستر بالوطنية، وتتناول الشيكات بالعتمة.اليس الاطهر، لحُسن خاتمتهم،الوقوف في صف المواطن المطحون الذي يقاتل لتأمين وجبة لعياله.اليس من الافضل تبني موقف منظمات حقوق الحيوان التي تثور اذا حُمِلَّ حيوان فوق طاقته،وهؤلاء لا تهتز في شواربهم شعره عندما يُحَملُ شعبهم اضعاف طاقته. الكلمة الحكمة في مكانها اطناناً من الذهب،و يُثاب قائلها عند ربه،اما البحث عن المال والشهرة بأساليب ملتوية،فانهما يورثان الفصام لصاحبهما ان لم يكن صلب الشخصية.
الكاتب ليس قديساً ولا ملاكاً، لكنه ليس متسولاً ولا كذاباً.فالكلمة الموزونة المتزنة، تجبرك على احترام صاحبها والثناء عليه، حتى لو كنت على خصومة معه،كما تجبرك رغم انفك على الوقوف عندها، كشارة مرور حمراء،لما فيها مصلحة لك ولغيرك، اما هز الذنب فهو السقوط بعينه.الكلمة التنويرية هي الفيصل بين الحق والباطل،الطهارة والنجاسة،الكذب و الصدقية لانها تخترق الوجدان وتستقر في الذاكرة الى ما شاء الله.
نحن بحاجة الى عدسة مكبرة لنقد ظروفنا لا الى التعمية.فشتان بين عقل نقدي يعتمد على التحليل،التفتيت،التركيب لجلاء الحقيقة،وبين عقل تضليلي يثير الفتنة.امة بلا نقد امة عمياء.لان الكاتب الامين هو ضمير امته،مرآتها المصقولة،جهازها اللاقط لادق صورة،قلمها النظيف الذي يؤرخ حياتها اليومية،وهو الذي لا تنفصم حياته عن كتاباته،فلا يمكن القول ان فلاناً كاتباً عظيماً على الورق،ودجالاً في حياته الشخصية