صحيفة العرّاب

الامن العام .. وقفة للمراجعة

 عامان ونصف مضت على تولي مدير الامن السابق إدارة جهاز الامن العام ، الرجل قد لايكون محظوظاً ، ووقعت عدة أحداث خلال تلك الفترة رافقها لغط وإرباك إستدعت التغيير ولابد من التوقف عندها . في الشق الأهم ونعني الجانب الأمني حوادث العنف المجتمعي شكلت ظاهرة تكرر وقوعها في ذات السياق ، فيما بين المواطنين من جهة وبين المواطنين ورجال الامن من جهةٍ أخرى ، لهذا لابد من وقفة تأمل للدراسة والتحليل لتحديد الاسباب والوقوف على المسببات . عدا عن الوضع الجرمي العادي برزت ظواهر أخرى مثل إختفاء الاطفال والإتجار بالأعضاء البشرية والتي لم تكن في السابق تشكل قلقاً أمنياً ولم يتم تقديم تفسير مقنع لها ، إضافة الى سرقة السيارات وخطف حقائب السيدات وما يعرف بتتبع البنوك والجرائم الاخرى . حوادث العنف بدأت في السجون مروراً في بعض المناطق معان ، الجوفة ، مقتل ضابط في مكتب مدير الامن العام ، سحاب ، السلط ، الجديدة ، الشونة الشمالية ، أم السماق . رافق الاحداث ردات فعل عنيفه ووصل الأمر الى إستخدام الأسلحة النارية وذهب ضحايا من الجانبين بين قتلى وجرحى ، وإستهدفت منشآت الامن العام وآلياته بالحرق والهدم والتخريب وزعزت الثقة بين رجل الامن والمواطن وعمقت الفجوة بينهما . لم يتم التوصل الى حل للحد من حوادث السير إلا عن طريق نشر دوريات بشكل لافت على الطرق وثبت عدم نجاعتها ، واتت بمردود سلبي أثار إستياء المواطنين حيث أوصلت رسالة خاطئة مفادها أن الهدف من العملية الجباية فقط . المخدرات لم يعد الاردن كما كان يقال بلد عبور ، وأصبح وجودها مألوفاً في بعض المدن والشوارع والجامعات والمدارس . في مجال حقوق الإنسان تشير التقارير الصادرة عن المركز الوطني لحقوق الإنسان وتقارير المنظمات الدولية المعنية بهذا الامر الى عدم التقدم في هذا المجال وسُجلت العديد من الإنتهاكات . إقصاء القانون واللجوء الى إجتهادات خاطئة انزلت المؤسسة منزلة المواطنين تمثلت بتكليف ضباط بأخذ (عطوة) نيابة عن الامن العام ، وتعريض قيادات الجهاز الى مواقف محرجة كانوا بغنى عنها لاتليق بمن يمثل السلطة والقانون ، وهذا الموقف نشر على مواقع الكترونية بالصوت والصورة بعد حادثة أم السماق . لكن ماهي الأسباب التي أدت الى ذلك ؟ عدم تقدير المواقف ( اللين والرفق من غير ضعف والحزم والشدة من غير عنف) حيث تم التساهل مع العديد منها ، وإنصب جل الإهتمام على إحتوائها بأي شكل وأي ثمن على حساب سيادة القانون . عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، ويقال عن إتباع سياسة تصفيات للعديد من ضباط الأمن العام المؤهلين لصالح الشللية والمحسوبية ، وتعيين بعضهم في مواقع دون توافر الشروط اللازمة لإشغالها ولغايات التنفيع فقط . إهمال جوانب التدريب والتأهيل للعاملين والإكتفاء بتوزيع الحوافز دون هدف ، مما شجع الافراد على البحث عن الإنتصارات الوهمية وأوقع الجهاز في العديد من الإشكالات . أمام القيادة الجديدة تركة ثقيلة، وعليها الإسراع لحل القضايا العالقة في الإطار القانوني وعدم إنتظار الزمن ليتكفل بحلها ، ومعالجة الظواهر بطريقة تضمن قناعة المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني بها لتشكل حافزا للمشاركة على إنجاحها ، وتعزيز القناعة ان غايتها المصلحة العامة وسلامة المواطن لتجديد الثقة بين الطرفين . تصحيح الأخطاء الإدارية التي تم الوقوع بها والتي قد تكون من الاسباب الرئيسية التي أدت لبعض السلبيات لتلافي إستمرار أثارها ، والتخلص من الأكواخ التي أصبحت هدفاً سهلاً يساء من خلالها لجهاز الامن العام . الحرص على قانونية الإجراءات والقرارات المتخذة بحق المواطنين والافراد كي لاتؤخذ المؤسسة بجريرة خطأ فردي وتصبح طرفاً في خصومة ، والحياد وعدم الدفاع عن أخطاء الافراد تجاة المواطنين عن قصد او سوء تقدير . تجنب التصريحات الإعلامية التي تبرر التصرفات التي تشكل تعديا على كرامة المواطن ، أو إتخاذ اي قرار تحت أي ضغط بعيدا عن القانون لإرضاء (س) من الناس على حساب المصلحة العليا