خط الأردن ومصر أشبه ما يمكن تسميته بخارطة طريق تحدد ملامح علاقاتهما الاقتصادية في المرحلة المقبلة استنادا إلى تكليفات من القيادة السياسية العليا في البلدين الشقيقين.
وتلقت العلاقات الأردنية المصرية التي اتسمت على مر العقود بالقوة والمتانة دعما كبيرا من قيادتي البلدين جلالة الملك عبد الله الثاني وأخيه الرئيس محمد حسني مبارك ما أسس لتطويرها في الميادين الاقتصادية.
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين نمواً كبيراً حيث تشير الأرقام إلى زيادة ملحوظة في حجم التبادل التجاري البيني خلال السنوات الخمس الماضية.
ففي العام الماضي ناهز حجم التبادل التجاري بين البلدين المليار دولار منها 118 مليون صادرات أردنية فيما التطلعات تذهب لزيادته لملياري دولار خلال السنتين القادمتين.
والأردن ومصر أول دولتين عربيتين بعد مجلس التعاون الخليجي يتحدثان عن إنشاء اتحاد جمركي بينهما وهو ما يعطي أفاقا كبيرة بأن تكون علاقات البلدين ممتدة في مجالات الصناعة والتجارة والنقل.
ويمكن أن يكون الأردن منفذا للسلع المصرية إلى السوقين العراقي والسوري وأيضا الخليجي عن طريق النقل البري مثلما قد تكون مصر نقطة انطلاق لبضائع أردنية تدخل إلى إفريقيا والمغرب العربي.
وظهر جليا خلال الزيارة التي قام بها وزير التجارة والصناعة المصري المهندس رشيد محمد رشيد إلى المملكة الأسبوع برفقة وفد قيادات القطاع الخاص أن هناك اهتماما وتكليفا من القيادة المصرية العليا بدفع مستوى العلاقات الاقتصادية مع الأردن بأسلوب مختلف عما هو قائم اليوم.
ولم يشأ الوزير المصري وهو يتحدث أمام مجتمع الأعمال الأردني في أروقة غرفة صناعة الأردن أن يخفي بأنه يزور المملكة لطي صفحة ملفات اقتصادية عالقة انطلاقا كما قال "من الثوابت التي تجمع البلدين وطموحاتهم".
وتحدث رشيد عن رؤية جديدة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين في المرحلة المقبلة ومستوى جديد من العلاقات كون هناك التزام من الجانبين بالإصلاح الاقتصادي والشراكة مع القطاع الخاص واليوم نتحدث عن إطار جديد يفيد مجتمع الأعمال في البلدين وليكون مثالا يحتذي في المنطقة.
ويقول رجال أعمال مصريون أن هناك شعورا قويا في مصر بان العلاقة التجارية والاقتصادية والاستثمارية مع الأردن لها خصوصية كبيرة ولا توصف بالأرقام ولا بحجم التجارة والاستثمارات لكنها علاقة امتدت على مدى سنوات طويلة لتشابه الفرص والتحديات والتقارب وهي آمال تتعدى مرحلة الكلام.
وينظر الأردن وعلى لسان وزير الصناعة والتجارة المهندس عامر الحديدي إلى العلاقة مع مصر بمنظور استراتيجي وطموحات تزيد الترابط الأخوي بين البلدين وتوفر فرصا كبيرة للقطاع الخاص للمساهمة في مناطق التخزين اللوجستية والصناعات المشتركة التي سترى النور في القريب العاجل.
واعترف الحديدي أن كل المعيقات التي تحد من زيادة التبادل التجاري بين البلدين قد حلت سواء لجهة التصدير أو الاستيراد مؤكدا أن الأردن ومصر نموذجا يحتذى في العمل العربي المشترك.
وتلوح في أفق مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين بشائر اندماج وتشكيل تكتلات اقتصادية تجمعهما مع دول أخرى بمجالات نقل البضائع والأفراد باعتبار أن هذين الأمرين الأساس في تعزيز التبادل التجاري بين الدول قد تبدأ بالعراق وتمتد إلى سوريا ودول الخليج العربي وتونس للاستفادة من اطر الاتفاقيات الموقعة سواء داخل منظومة الجامعة العربية أو اتفاقية أغادير، وتقع على عاتق مجتمعي الأعمال الأردني والمصري مسؤولية كبيرة للارتقاء بمستوى العلاقات الاقتصادية الثنائية الى افاق أوسع واغتنام الفرص المتاحة في القطاعات الواعدة كصناعة النسيج والألبسة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والهندسية والإنشاءات والأدوية والسياحة.
ويأمل رئيس غرفة تجارة الأردن العين نائل الكباريتي بإقامة مشروعات استثمارية مشتركة خاصة بخدمات المناولة المساندة والتخزين وإنشاء مناطق صناعية مشتركة تخدم البلدين وتكون نقطة انطلاق للدول العربية المجاورة وأن يكون الأردن مقراً لا ممر لها.
ويقول الكباريتي لـ(بترا) إننا كمجتمع أعمال نسعى لإيجاد العوامل التي من شأنها تحقيق انطلاقة تنمية اقتصادية في البلدين تقوم على أساس تعزيز الاستثمار الإنتاجي والخدمي المرتبط بالتطور التكنولوجي، وتحقيق المصالح والمنافع المشتركة، وتحسين بيئة الأعمال والوصول إلى حجم من التبادل التجاري الذي يلبي تطلعاتنا وطموحاتنا.
وأشار إلى العديد من القطاعات التي يمكن التعاون بالاستثمار فيها سواء في الأردن أو مصر ومنها قطاع الأدوية والمستحضرات الطبية والعلاجية والتعدين والاتصالات والصناعات الكيماوية والمواد الغذائية والمعدات الصناعية وأملاح البحر الميت والأسمدة.
ويرغب الكباريتي في إطار هذه الاستثمارات أن " نكون مكملين لا منافسين وأن نُكون كيانات اقتصادية كبيرة وذلك بدمج الشركات ذات الأهداف المشتركة لتكون فاعلة في العالم أجمع وفي العالم العربي خاصة ".
أن الثقة اليوم كبيرة في قدرة البلدين الشقيقين على تنمية وتطوير العلاقات بينهما والتغلب على المشكلات والعوائق التي تقف في طريق هذا التعاون في ظل وجود الكثير من القواسم المشتركة والإرادة الحقيقية بالعمل الجاد.(بترا)